استقالة رئيس هيئة الامتحانات في كوريا الجنوبية إثر اختبار إنجليزي «مجنون»

قسم اللغة الإنجليزية في اختبار القبول الجامعي الصارم بكوريا الجنوبية، المعروف بـ«سونيونغ»، يَحظى بسمعة سيئة لصعوبته البالغة؛ بعض الطلاب شبّهوه بمحاولة فك شفرة أثرية، وآخرون وصفوه بـ«الجنون».

تفاقمت حدة الانتقادات حول اختبار هذا العام لدرجة أنّ أعلى المسؤول عن إدارته قدّم استقالته تحمّلًا للمسؤولية عن «الفوضى» التي أَحدثها، وفق التصريحات الرسمية — وهو القرار الذي دفع دوائر واسعة من الاهتمام الشعبي والسياسي.

«نحن نقبل بصدق الانتقادات التي تقول إن مستوى صعوبة الأسئلة… كان غير مناسب»، قال أوه سيونغ-غول، رئيس إدارة السونيونغ، مضيفًا أن الامتحان «لم يرتقِ إلى المستوى المطلوب» رغم مروره بعدة جولات من التحرير.

من بين أكثر الأسئلة إزعاجًا ورد سؤال يتناول فلسفة القانون عند إيمانويل كانط وآخر استخدم مصطلحات من عالم الألعاب الإلكترونية.

السؤال المتعلق بالألعاب، الذي تبلغ قيمته ثلاث نقاط، يَطلُب من الطالب تحديد الموضع الأنسب لجملة معطاة داخل فقرة. الجملة المعطاة هي: «الفرق هو أن الفعل في عالم اللعبة يمكن استكشافه فقط من خلال الفضاء الجسدي الافتراضي للشخصية الافتراضية.» أما الفقرة فهي كما يلي:
(1) الفضاء الجسدي للشخصية الافتراضية، والإجراءات المحتملة للشخصية في عالم اللعبة، هو الطريق الوحيد الذي يُمكن به إدراك واقع العالم الخارجي للعبة. (2) كما في العالم الحقيقي، الإدراك يتطلب الفعل. (3) اللاعبون يمدّون مجال إدراكهم إلى داخل اللعبة، شامِلين الإجراءات المتاحة للشخصية الافتراضية. (4) حلقة التغذية الراجعة بين الإدراك والفعل التي تُمكّنك من التنقّل في العالم من حولك أصبحت الآن على درجةٍ واحدة من البُعد: بدلًا من الإدراك عبر تفاعل جسدك الخاص مع العالم الخارجي، تُدرِك عالم اللعبة من خلال تفاعل الشخصية الافتراضية. (5) لقد تمّ توسيع النظام الإدراكي بأكمله إلى عالم اللعبة.
الإجابة الصحيحة: (3).

يقرأ  تقرير: واشنطن علمت بنقاش مسؤولين إسرائيليين حول استعمال مدنيين كدروع بشرية في غزة

انتقد كثيرون صياغة هذا السؤال وغيره من الأسئلة، ووصفت مجتمعات على الإنترنت الأسلوب بأنه «لغة متكلفة»، بينما قال آخر إن الكتابة «رديئة ولا تنقل مفهومًا أو فكرة بوضوح».

يُمنح الطلاب 70 دقيقة لحل 45 سؤالًا؛ ونالت نسبة ضئيلة فقط الدرجة الأعلى في قسم اللغة الإنجليزية هذا العام — ما يزيد قليلاً على 3% من الممتحنين — مقارنةً بأكثر من 6% في العام السابق.

«استغرقني وقتًا طويلًا لأفكّ طلاسم عدة أسئلة، وفهم النصوص نفسها كان صعبًا… كانت بعض الإجابات تبدو متقاربة فأصبحت غير متأكدة حتى اللحظة الأخيرة»، قالت إم نا-هي، طالبة في الصف الأخير بمدرسة هانييونغ الثانوية.

أما أستاذ اللغة الإنجليزية جونغ تشاي-كوان فيرى أن وصف اختبار اللغة الإنجليزية بأنه «قاسٍ» هو وصف مضلّل؛ «النصوص ليست بالضرورة مستحيلة، لكنّها محيّرة على نحوٍ يثير الغيظ. المشكلة أنها تجعل المادة عديمة الفائدة لأغراض التعليم الفعلي»، يقول البروفيسور جونغ، الذي عمل سابقًا في الجهة المشرفة على السونيونغ ويُدرّس الآن في جامعة إنتشون الوطنية.

وينتقد أنظمة التحضير للاختبار قائلًا: «ينتهي الأمر بالمعلمين إلى تلقين حِيَلَ الاختبار بدلًا من تعليم اللغة الإنجليزية. لا تحتاج حتى إلى قراءة النص بأكمله للحصول على الدرجات إذا عرفت الخدَع.»

أشار بعض المراقبين إلى أن عدداً من المقاطع المستخدمة كانت مقتطفات من كتب أُخرجت من سياقها، ما يصعِّب فهمها؛ على سبيل المثال، المقطع أعلاه مقتطف من كتاب Game Feel، دليل لتصميم الألعاب كتبه ستيف سوينك.

في المقابل، يعتقد آخرون أن صعوبة الامتحان تعكس غايته المقصودة، فـ«هو يقيس فهم الطالب للنصوص وقدرته على التعامل مع مستوى المواد التي سيواجهها في الجامعة»، يقول كيم سو يون، أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة هانكوك للدراسات الأجنبية في سيوول. ويضيف أن النصوص المختارة تتَّسم «بقدرٍ من التخصّص»، ما يتيح قياس هذه المهارات بشكل أفضل.

يقرأ  الجيش الإسرائيلي: مقتل ثلاثة مسلحين في شمال الضفة الغربية

السونيونغ، الذي يُعقد كل نوفمبر، هو ماراثون امتحاني مدته ثماني ساعات متلاحقة يشكل مفترقًا حاسمًا لحياة الطلاب في كوريا الجنوبية؛ فالنتائج لا تحسم فقط القبول الجامعي، بل قد تؤثر في فرص العمل والدخل والعلاقات المستقبلية.

يخوض الطلاب نحو 200 سؤالٍ موزعة على مواد متعددة تشمل اللغة الكورية والرياضيات والإنجليزية والعلوم الاجتماعية والطبيعية وغيرها. كثير من المراهقين يقضون سنوات طويلة في التحضير — بعضهم يُرسَل إلى مدارس تقوية خاصة تُعرف باسم «hagwon» منذ سنّ الرابعة.

الحدث له وقع وطني أيضاً: تتوقف حركة الطرق، وتتأخر أعمال البناء، وتُؤخَّر رحلات جوية، وتُعلَّق تدريبات عسكرية لتوفير بيئة اختبار مثالية لليوم الواحد.

منذ انطلاقه عام 1993، لم يُكمل سوى أربعة من رؤساء السونيونغ الاثني عشر ولايتهم الكاملة التي تمتد ثلاث سنوات؛ وفي حين استقال معظمهم بسبب أخطاء في الأسئلة، فإن أوه هو أول من قدّم استقالته بسبب صعوبة الامتحان.

تقرير إضافي من هيوجونغ كيم وجيك كوون في سيوول.

أضف تعليق