استقالة رئيس وزراء نيبال أولي وسط احتجاجات لماذا يثير «أبناء المحسوبية» غضب الشباب؟ — أخبار الفساد

استقال رئيس وزراء نيبال، خادغا براساد شارما أولي، يوم الثلاثاء في ظل موجة احتجاجات تصاعدت من حركة ضد الفساد وعدم المساواة إلى دعوات أوسع للتغيير بعدما قُتل 19 شاباً برصاص قوات الأمن خلال اشتباكات يوم الإثنين. المطار الدولي في كاتمندو ألغى جميع الرحلات المقررة يوم الثلاثاء، بينما لا تزال البلاد على حافة توتر شديد مع استمرار المحتجين في المطالبة بتغييرات سياسية جذرية.

ما الذي جرى خلال احتجاجات يوم الإثنين؟
بدأت التظاهرات صباح الاثنين عند التاسعة (03:15 بتوقيت غرينتش) في حي مايتيغار بالعاصمة. خرج آلاف الشبان، بينهم تلاميذ ثانويات بزيهم المدرسي، إلى الشوارع. حملت الحركة اسم «احتجاج الجيل زد» ونظمته منظمة غير ربحية تُدعى هامي نيبال («نحن نيبال») التي، بحسب مكتب إدارة مقاطعة كاتماندو، حصلت على موافقة لإقامتها. سرعان ما انتشرت المظاهرات إلى مدن أخرى.

خلال ساعات اقتحم بعض المحتجين الحواجز التي نصبتها الشرطة ودخلوا محيط البرلمان في نيو بانشور، ما أدى إلى اشتباكات أطلقت فيها الشرطة الأعيرة النارية. فرضت السلطات حظراً للتجول في المنطقة حتى المساء. وأكدت الشرطة مقتل 17 شخصاً في كاتماندو وشخصين آخرين في مدينة إيتاهاري شرق البلاد، كما أُصيب أكثر من مئة شخص بينهم 28 ضابط شرطة.

في بيان أصدره أولي ليل الاثنين، أعرب عن «حزنه العميق» لمقتل المحتجين ودعا إلى فتح تحقيق في الأحداث.

آخر المستجدات على الأرض
أصدرت السلطات قراراً بحظر تجول غير محدود يشمل مقاطعات كاتماندو، لاليتبور وبهاكتابور، ويحظر التجمعات العامة والاعتصامات والاحتجاجات. أكدت أمانته العامة استقالة أولي يوم الثلاثاء، لكن الشوارع لم تهدأ: تجمّع آلاف الشبان مجدداً قرب مبنى البرلمان في الصباح دون حمل لافتات، وحرقوا إطارات في منطقة كالانكي وتعمدوا إحراق عدة مبانٍ تُنسب للنخبة، من ضمنها المكتب المركزي لحزب المؤتمر النيبالي في سانيبا بحي لاليتبور، الذي كان شريكاً في الائتلاف الحاكم مع الحزب الشيوعي الموحد (الماركسي–اللينيني) الذي يتزعمه أولي. استقال عدد من وزرائه قبيل استقالته، ومن بينهم وزير الداخلية راميش ليخاك ووزير الزراعة رامناث أدايكاري.

يقرأ  شي جين بينغ يحث قادة المنطقة على رفض «عقلية الحرب الباردة» في قمة إقليمية

من هم «أبناء المحسوبية» ولماذا يثيرون سخط الشباب؟
قال ناشطون وخبراء إن أحد أهم أسباب الغضب العام هو الشعور المتزايد بأن أسر النخبة الحاكمة تعيش حياة رفاهية بينما تظل الأمة فقيرة، بما يكشف عن فجوات اجتماعية عميقة. على وسائل التواصل النيبالية انتشر مصطلح «nepo kids» المستقى من «المحسوبية»، للإشارة إلى أبناء كبار المسؤولين والوزراء الذين يظهرون على منصات السوشيال ميديا بسيارات فارهة وماركات فاخرة، ما أثار سخطاً واسعاً لدى شريحة عريضة من الشباب.

يقول يوج راج لاميخان، أستاذ مساعد بكلية الأعمال في جامعة بوخارا، إن غضب الناس من «أبناء المحسوبية» يعكس إحباطاً شعبياً عميقاً؛ إذ إن القادة الذين كانوا يعملون يوماً كأعضاء حزبيين متواضعين باتوا اليوم يستعرضون أنماط عيش باهظة. ولهذا يطالب المحتجون بإنشاء لجنة تحقيق خاصة «للتحقق بدقة من مصادر ثروات السياسيين»، في إشارة إلى قلق أوسع بشأن الفساد والتفاوت الاقتصادي.

تاريخياً، كانت نيبال مجتمعاً إقطاعياً اشتد فيه نفوذ النخب، بحسب رأي ديبيش كاركي من جامعة كاتماندو، ومع تركز السلطة استحوذت هذه النخب على موارد وثروات البلاد، ما يمكن تسميته «استحواذ النخبة».

أثارت مقاطع منشورة لاحقاً على تيك توك وجدت صدى واسعاً صوراً لأبناء مسؤولين، من بينهم سايوج باراجولي ابن رئيس المحكمة العليا السابق غوبال باراجولي وسوغات ثابا ابن وزير الشؤون القانونية والبرلمانية بِنْدو كومار ثابا، يظهرون برفقة سيارات فاخرة ومطاعم راقية، مما غذى الغضب الشعبي تجاه التفاوت الصارخ بين حياة الأقارب ومداخيل المسؤولين الرسمية المحدودة.

مدى التفاوت الاقتصادي في نيبال
يبلغ متوسط الدخل السنوي للفرد في نيبال نحو 1400 دولار، وهو الأدنى في جنوب آسيا، بينما ظلت نسبة الفقر تتجاوز 20% في السنوات الأخيرة. يمثل بطالة الشباب تحدياً كبيراً؛ فقد بلغت نسبة الشباب العاطل وغير الملتحقين بالتعليم 32.6% في 2024 مقارنةً بـ23.5% في الهند المجاورة، وفق بيانات البنك الدولي.

يقرأ  الرئيس الإندونيسي برابوو يستبدل خمسة وزراء بعد احتجاجات دامية— أخبار الاحتجاجات

نتيجةً لذلك، يعيش نحو 7.5% من سكان نيبال خارج الوطن عام 2021، ويعتمد الاقتصاد بشدة على تحويلات العاملين في الخارج، ما يجعل البلاد هشّة أمام الصدمات ويفسح المجال لاحتقان اجتماعي متزايد عندما تبدو ثمار التنمية محتكرة بين فئات محدودة. «من واقع قاسٍ: اغلب الفقراء يقيمون خارج نيبال ويحولون أموالهم إلى الوطن»، قال كاركي.

بحسب بيانات عام 2024، شكّلت التحويلات الشخصية الواردة نحو 33.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد — نسبة تُعدّ من بين الأعلى عالمياً، بعد تونغا التي بلغت 50٪، وطاجيكستان بنسبة 47.9٪، ولبنان بنسبة 33.3٪.

في المقابل، كانت النسبة للهند 3.5٪ وللباكستان 9.4٪ في نفس العام.

وأضاف أن ملكية الأرض لا تزال غير متساوية رغم محاولات الإصلاح: «أعلى 10٪ من الأسر تملك أكثر من 40٪ من الأراضي، بينما شريحة كبيرة من الفقراء الريفيين بلا أرض أو شبه بلا أرض».

«ما يحدث في نيبال اليوم يمكن اعتباره تجسيداً كاملاً لعدم المساواة السائد الذي لازَمَ البلاد منذ قديم الزمان»، خلص قاركي.

أضف تعليق