عندما عادت ميكاييلا شيففرن إلى التزلج بعد أسابيع قليلة من اصطدام مروع في الموسم الماضي، كانت النجمة الأميركية أكثر إنصاتاً وتحفظاً تجاه مخاطر مسارات التدريبات. إصاباتها — جرح ثاقب في البطن وتلف حاد في عضلات البطن — وقعت في سباق عملاق من كأس العالم، لكنها كانت تدرك جيداً أن التدريبات قد تكون محفوفة بالمخاطر بالمثل، وربما أكثر.
قصص موصى بها
عادت شيففرن إلى اللعب وهي تراقب السياج جانب المضمار والثغرات وأماكن الأشجار، كما قالت في مقابلة حديثة. وأضافت أنها كثيراً ما تتدرّب في ظروف تتضمن متغيرات لا يمكن السيطرة عليها، وعليهم أحياناً أن يقرروا: هل هذا الخطر غير معقول أم أنه مستوى مقبول من الخطر يستلزم الاستمرار في التدريب والممارسة لأن هذه هي الوسيلة الوحيدة للتحسّن؟
التزلّج الفرنسي ألكسيس بانتورُو عرف تجارب مماثلة؛ قال إنهم يتدرّبون في مواقع «غير آمنة حقاً» بنسبة مؤكدة.
أعاد حادث مقتل ماتيو فرانزوسو في تشيلي في مرحلة ما قبل الموسم إلى الواجهة نقاشات السلامة في التزلج الألبي، ذلك الحادث وقع قبل أقل من خمسة أشهر على أولمبياد ميلانو – كورتي نا. فرانزوسو (25 عاماً) اخترق طبقتين من السياج الواقٍ على مضمار في لا بارفا واصطدم بسياج خشبي موضوع على بعد 6–7 أمتار خارج المضمار، وتوفّي بعد يومين متأثراً بصدمات على الجمجمة وتورم دماغي. كان فرانزوسو ثالث متزلج إيطالي شاب يفارق الحياة خلال أقل من عام، كما لقي متزلج فرنسي موهوب مصرعه إثر حادث تدريب في أبريل.
هل المخاطر تهدد الحياة؟
شيففرن، بطلة عامة خمس مرات ومالكة رقم قياسي بـ101 فوز في سباقات كأس العالم، عانت من اضطراب ما بعد الصدمة عندما عادت إلى الزلاجات. وبحسب التوقيت، عادت إلى السباقات نحو ثلاثة أشهر بعد اصطدامها.
«الرياضيون والمدربون والجميع معتادون على القول إن الرياضة تنطوي على مخاطر متأصلة حتى تبدأ تغمض عيونك عن بعض المخاطر القاتلة فعلاً»، قالت، مضيفة أنها شعرت بخوف جعلها تخشى طوال الموسم، وأن التفكير المبالغ فيه قد يشلّ. لذلك يجب تقييم هذه المخاطر والسعي لتقليلها إلى أبعد حدّ ممكن؛ وليس من المقبول أن نقول إن المخاطر جزء من الرياضة وتأخذها أو تتركيها.
تكمن المشكلة في أن مسارات التدريب غالباً ما تفتقر لمعايير السلامة نفسها المعتمدة في مضامير السباق، لأسباب مالية: طواقم أصغر للحفاظ على حالة الثلج، شبكات واقية أقل على طول المضمار لامتصاص السقوط، وطاقم طبي ومعدّات طبية أقل، مثل غياب طائرات هليكوبتر متاحة للنقل الفوري إلى المستشفى.
وصفت صوفيا غوغيا، بطلة الهبوط الأولمبية 2018 من إيطاليا، سباقات التزلج بأنها «رياضة متطرفة» على مستوى عالٍ، تشبه فورمولا 1 أو موتو جي بي حين نتحدث عن سباقات الهبوط والسوبر جي وحتى العملاق، حيث تتراوح السرعات بين 80 و90 كم/ساعة؛ الخطر حاضر في كل مرة.
هل المزيد من الشباك هو الحل قبل الألعاب الشتوية؟
على مضمار السباق تكون المسارات أكثر أماناً بفضل وفرة الشباك الواقية، وفق غوغيا، لكنها نبهت إلى أن الشباك وحدها لن تحلّ مشكلة مضامير التدريب. فعند سقوط الثلوج ليلًا يجب إزالة الشباك، وتنظيف المنحدر من الثلج الجديد، ثم إعادة تركيبها قبل انطلاق المتزلجين في الصباح الباكر. هذه العملية واضحة للمنظمين المحليين والاتحاد الدولي للتزلج في يوم السباق، لكن يبقى السؤال: من يتولّى ذلك خلال معسكرات ما قبل الموسم؟ في كثير من الأماكن لا يقوم أحد بإعادة تركيب الشباك أو تنظيف المنحدر بصورة منتظمة، ويحدث تدخّل فرق صغرى لصيانة الثلج والتدرييب.
ورأت غوغيا أنه من الظلم تحميل المدربين وحدهم المسؤولية، لأن «المدرب يعلمك فقط كيف تتزلج». وتذكرت يوم حادث فرانزوسو، حين كانت هناك ثلاث منتخبات تتدرّب على نفس المنحدر: النمسا وسويسرا وإيطاليا. «لا أظن أنهم لم يلاحظوا الخطر ربما»، قالت. «لكن إن أردنا أن نضبط منحدر تدريب وكأنه منحدر كأس العالم، فلا بُدّ من تنظيم مختلف تماماً. الجواب سهل: يمكننا فعل المزيد. لكن من سيقوم بذلك في النهاية؟ ومن يريد استثمار ملايين اليوروهات؟»
هل المسارات المخصّصة للتدريب ستحلّ المشكلة؟
بعد مأساة فرانزوسو، طالبت الاتحادية الإيطالية للرياضات الشتوية الاتحاد الدولي بإنشاء مسارات تدريب مخصّصة في نصف الكرة الجنوبي في دول مثل تشيلي والأرجنتين ونيوزيلندا، وأيضاً في الولايات المتحدة وأوروبا، تُجهّز بشباك واقية مماثلة لتلك المستخدمة في سباقات كأس العالم.
على هامش سباقات افتتاح الموسم في النمسا أخيراً، قال رئيس الاتحاد الدولي يوهان إيلياش إن الهيئة تعمل على «منع وقوع حوادث مروعة قدر الإمكان». وبالتنسيق مع الاتحادات الوطنية والمنظمين المحليين، يبحث الاتحاد تحسين معايير الأمان من خلال جدولة تقويم تسمح بفترات راحة أطول للمتزلجين، وزيادة الطواقم الطبية في الميدان، وتكثيف الشباك الواقية، وتحسين تجهيز سطح الثلج للمضامير. «نحتاج إلى ضمان أن تكون معايير السلامة أثناء التدريبات السريعة هي نفسها في يوم السباق الكبير»، أضاف إيلياش.
لكن رُولاند آسِنغر، مدرب الفريق النسائي النمساوي، اعتبر ذلك طموحاً شديد الارتفاع. «سيبقى هناك دائماً عنصر مخاطرة، لكن نحن كمدربين نحاول تقليصه إلى الحد الأدنى»، قال آسِنغر، المتزلج السابق في سباقات الهبوط بكأس العالم. وكمثال على أفضل مواقع التدريب أشار إلى كوبَر ماونتن في كولورادو بأنها الأكثر أماناً في العالم، مع شبكات A من القمة إلى القاع وعدد لا يحصى من شبكات B. في أمريكا الجنوبية توجد شبكات حماية من الفئة B بكثرة، لكنّها ليست على نفس المستوى؛ فالتكلفة المالية لا تسمح بالاستثمار بملايين اليوروهات لإحكامها كما ينبغي.
بدأ الاتحاد النمساوي هذا الصيف — وحتى قبل وفاة فرانزوسو — بشحن شبكات حماية إضافية إلى مخيمات التدريب الخارجي الخاصة بمنتخباته.
«هل كان ذلك كافياً؟» قال كريستيان شيرر، الأمين العام لاتحاد التزلج النمساوي. «كان خطوة أولى، لكنه مجرد بداية. نحتاج إلى نهج منسق من قبل الاتحادات الوطنية.» وأضاف شيرر أن مسؤولية تأمين مسارات التدريب لا يمكن أن تُترك لمنتجعات التزلج المحلية وحدها.
من يدفع تكاليف تحسينات السلامة في الرياضات الشتوية — الالعاب الأولمبية أم الاتحاد الدولي للتزلج؟
يطرح هذا السؤال نفسه بقوة. يقول إيلياش إن الاتحاد الدولي للتزلج وزّع «ما يقرب من مائة مليون يورو» خلال السنوات الأربع الماضية على الاتحادات الأعضاء «حتى تتوفر لديهم الموارد» (حوالي 117 مليون دولار).
وأضاف أن الدول الرائدة مثل النمسا وسويسرا «تمتلك موارد مالية كبيرة» تسمح لها بزيادة الاستثمار في سلامة مسارات التدريب. «بالنسبة لاتحاد أصغر، قد يكون ذلك تحدياً. هنا نتدخل ونقدم المساعدة»، قال إيلياش.
أعرب مجرّب السرعة النمساوي فينسنت كريشماير، بطل العالم السابق في سباقات الانحدار والسوبر جي، عن أمله أن تتعاون الاتحادات الكبرى وتنسّق جهودها بشكل أفضل في المناطق التي تتدرب فيها عدة دول معاً.
ووصف أسينغر دعم الاتحاد الدولي لبعض المنشآت التي تستقبل فرقاً لمخيمات التدريب خارج الموسم بأنه «فكرة جيدة بالتأكيد». وأضاف المدرب النمساوي: «لكن هل سيتحقق ذلك؟ سأرا الصيف المقبل. حتى الآن لم يتجاوز الأمر الكلام.»