تقرير للأمم المتحدة: تصاعد العنف الإثني مع حلول الذكرى الثانية للحرب الأهلية
يحمل المدنيون العبء الأكبر مع تمدد وتصعيد الحرب الأهلية في السودان، وفق تحذير صادر عن الأمم المتحدة. وقال مكتب مفوضية حقوق الإنسان (OHCHR) في تقرير نُشر يوم الجمعة إن عدد الوفيات بين المدنيين وتصاعد العنف الإثني ازدادا بشكل ملحوظ خلال النصف الأول من عام 2025، مصادفًا مرور عامين على اندلاع القتال. وفي اليوم ذاته وردت تقارير عن مقتل العشرات في غارة على مسجد في دارفور.
تشير الأرقام إلى أن 3,384 مدنياً لقوا حتفهم خلال الستة أشهر الأولى من العام، أي ما يعادل نحو 80% من إجمالي 4,238 وفاة مدنية سُجّلت طوال عام 2024. وقال فولكر تورك، رئيس مكتب حقوق الإنسان، في بيان إن صراع السودان بات منسيًا، ويأمل أن يسلط تقرير مكتبه الضوء على هذه الكارثة حيث تُرتكب جرائم فظيعة، من بينها جرائم حرب.
كما لفت التقرير إلى أن وتيرة العنف الجنسي والهجمات العشوائية واللجوء إلى أعمال انتقامية واسعة تستهدف المدنيين على أساس إثني استمرت دون انقطاع. وأشار إلى ظاهرة جديدة في نمط القتال تمثلت في استخدام الطائرات المسيّرة، بما في ذلك في هجمات استهدفت مواقع مدنية ومناطق شمالية وشرقية لم تتعرض للقتال حتى الآن.
وحذر تورك من أن التعميق الإثني للنزاع، المبني على تمييز وعدم مساواة متجذّرين، يهدد الاستقرار على المدى الطويل والتماسك الاجتماعي داخل البلاد. وأضاف أن المزيد من الأرواح سيُزهق ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين وتُتاح المساعدات الإنسانية بسرعة ودون عراقيل.
منذ أبريل 2023 يشتعل النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع (RSF)، وقد أودى بحياة عشرات الآلاف وشرّد نحو 12 مليون شخص. وصنفت الأمم المتحدة الأزمة بين أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، مع انتشار المجاعة في أجزاء من دارفور وجنوب السودان. وعلى أرض الواقع، انقسمت البلاد فعليًا: الجيش يسيطر على الشمال والشرق والوسط، بينما تهيمن قوات الدعم السريع على أجزاء من الجنوب ومعظم إقليم دارفور الغربي.
جهود وساطة تقودها الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات لإقرار هدنة بين الأطراف المتحاربة لم تنجح حتى الآن. وفي أحدث التطورات، أفادت شبكة أطباء السودان بأن قوات الدعم السريع نفّذت ضربة بطائرة مسيّرة على مسجد في مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، أوقعت 43 قتيلاً من المدنيين. وصفت المنظمة الغارة بأنها جريمة شنيعة تستهدف مدنيين عزل وتكشف عن تجاهل صارخ للقيم الإنسانية والدينية وللقانون الدولي.
نشرت لجان المقاومة المحلية في الفاشر، وهي خلايا مدنية تضم ناشطين في مجال حقوق الإنسان يرصدون الانتهاكات، مقطعًا أظهر أجزاءً من المسجد وقد باتت أنقاضًا وانتشرت فيه جثث. وأفاد ذات المصدر أيضًا بأن قوات الدعم السريع استهدفت مواطنين غير مسلّحين، بينهم نساء ومسنون، في ملاجئ النازحين داخل المدينة، فيما كثفت في اليوم السابق قصفها المدفعي للأحياء السكنية.
المشهد الميداني يزداد قتامة وتتسع معه أزمة الحماية والاحتياجات الانسانية؛ ما يستدعي تحركًا دوليًا فاعلاً لضمان سلامة المدنيين وإيصال المساعدات دون عوائق، ومحاسبة المجرمين والمرتكبينن لضمان العدالة ومنع المزيد من الانهيار الاجتماعي.