الاقتصاد الأمريكي يسجّل أسرع وتيرة نمو منذ عامين

ناتالي شيرمان — مراسلة شؤون الأعمال
بلومبيرغ عبر غيتي إيميجز

سجّلت اقتصاد الولايات المتحدة تسارعًا خلال الربع الثالث من العام، مع قفزة في إنفاق المستهلكين وارتفاع في الصادرات. نما أكبر اقتصاد في العالم بمعدل سنوي قدره 4.3% مقارنةً بـ 3.8% في الربع السابق، وهو أداء فاق التوقعات ومثل أقوى وتيرة نمو خلال عامين.

تأخر صدور التقرير بسبب إغلاق الحكومة الأميركية، لكنه ألقى ضوءًا على واقٍع اقتصادي تلاطمه تحولات حادة في السياسات التجارية والهجرية، فضلاً عن استمرار ضغوط التضخّم وتقليص الإنفاق الحكومي.

ورغم تذبذب بعض البنود مثل الواردات والصادرات، حافظ الاقتصاد الكامن على زخم متين وتجاوز كثيرًا من التوقعات السابقة. قال أديتيا بهيف، كبير الاقتصاديين في بنك أوف أمريكا: «هذا اقتصاد تحدّى توقعات التشاؤم والكساد تقريبًا منذ بداية 2022».

وفي لقاء مع برنامج «بي بي سي بيزنس توداي» وصف بهيف الاقتصاد بأنه «قوي جدًا جدًا»، وأضاف: «لا أرى سببًا يمنع استمرار هذا الأداء في المستقبل».

جاء رقم النمو الإجمالي للربع الثالث أقوى بكثير من تقديرات معظم المحللين الذين كانوا يتوقعون وتيرة سنوية تقارب 3.2%. وقد ارتفعت مساهمة الإنفاق الاستهلاكي بمعدل سنوي 3.5% مقابل 2.5% في الربع السابق، وذلك على الرغم من تباطؤ سوق العمل، مع إنفاق الأسر زيادة في خدمات الرعاية الصحية.

واصلت الواردات — التي تُخصم من حساب النمو — تراجعها، وهو انعكاس لدفعة الرسوم الجمركية على الشحنات الوافدة إلى الولايات المتحدة التي أعلن عنها الرئيس دونالد ترامب هذا الربيع. وفي المقابل، انتعاشتالصادرات بعدما كانت قد هبطت بشدة، إذ قفزت بنسبة 7.4%. كما عاد الإنفاق الحكومي للارتفاع، مدفوعًا بنفقات الدفاع.

ساعدت هذه المكاسب في تعويض تباطؤ الاستثمار الخاص في الأعمال، بما في ذلك في الأصول المعنوية، وسوق الإسكان الذي يعاني تحت وطأة أسعار الفائدة المرتفعة التي زادت من ضغوط القدرة على التحمل وقيود المعروض.

يقرأ  قراءات منتقاة لمديري التعلم والتطويرحصاد ٢٠٢٥

قال مايكل بيرس، كبير الاقتصاديين الأميركيين في أكسفورد إيكونوميكس، إن الاقتصاد يبدو في موقع جيد مع توجهه نحو 2026، مع بدء تأثير التخفيضات الضريبية وتحركات البنك المركزي الأميركي لخفض أسعار الفائدة. وأضاف: «المقاييس الجوهرية تتوافق مع توسع صلب».

إلا أن بعض المحللين حذروا من أن ارتفاع الأسعار الذي تواجهه فئات من الأسر قد يصعّب الحفاظ على وتيرة النمو الاستثنائية التي شهدها الربع الأخير. وخلال الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر، ارتفع مقياس التضخّم المفضّل لدى الاحتياطي الفيدرالي — مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي — إلى 2.8% مقابل 2.1% في الربع السابق، وفقًا للتقرير.

وحذّر المحللون من أن هذه الزيادات السعرية تثقل كاهل الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط، في حين تواصل الأسر ذات الدخول الأعلى الإنفاق بانطلاق. وأشار أوليفر ألين، كبير الاقتصاديين الأميركيين في بانثيون ماكرواكونوميكس، إلى أن بعض المسوحات الأحدث وبيانات بطاقات الائتمان توحي بأن الأسر بدأت تشدّ الحزام في إنفاقها. «السوق العمالية الضعيف، والدخول الحقيقية الراکدة، ونفاد مدخرات فائض فترة الجائحة يبدو أنها بدأت تلحق بالأسر أخيرًا»، كما قال.

أضف تعليق