البابا ليو يندب معاناة الفلسطينيين في غزة في أول عظة له بعيد الميلاد

أدان البابا ليو في عظته الميلادية الأولى بصفته الحبر الأعظم أوضاع الفلسطينيين في غزّة، موجِّهاً نداءً غير اعتيادي خلال قداسٍ تقليدي وروحاني يُحتفل فيه بميلاد يسوع المسيح حول العالم.

قال ليو، أول بابا أميركي، إن ولادة يسوع في مذود وبين حيوانات المزرعة تذكّرنا بأن الله «نصب خيمته الهشة» بين بني البشر، مستعرضاً صورة الخيمة كمشهدٍ يذكر بأكثر ما يؤلم: خيام غزة المعرضة للأمطار والرياح والبرد لأسابيع طويلة.

وتساءل البابا مستنكراً: «كيف لا نفكّر إذن في خيام غزّة، المعرَّضة لأسبوعٍ بعد أسبوعٍ للمطر والرياح والبرد؟»

وعلى الرغم من أسلوبه الأهدأ والدبلوماسي مقارنةً بسلفه، الذي يجعله عادة يتجنّب الإحالات السياسية في عظاته، فقد تحدث ليو مراتٍ عدة مؤخرًا عن معاناة الفلسطنين في غزّة، وأبلغ الصحفيين الشهر الماضي أن الحلّ للصراع الطويل بين إسرائيل وفلسطين لا بد أن يشمل قيام دولة فلسطينية.

وتوصلت إسرائيل وحماس إلى هدنة في أكتوبر بعد عامين من القصف والعمليات العسكرية المكثفة في القطاع، لكن وكالات الإغاثة تحذّر من أن المساعدات لا تزال قليلة للغاية مقارنةً بحجم الدمار، حيث بات معظم السكان بلا مأوى بعد تشريدهم جراء الهجمات الإسرائيلية.

وخلال قداسه في بازيليكا القديس بطرس، أمام حشدٍ من آلاف المصلين، استنكر البابا أيضاً أوضاع المشردين حول العالم والدمار الذي خلّفته الحروب المشتعلة في أصقاعٍ عديدة من العالم.

وقال: «هشة هي لحمة الشعوب العزل، مجرّبةً بحروبٍ كثيرة، ساريةً كانت أم منتهية، تترك وراءها الأنقاض والجراح المفتوحة».

وأضاف موجّهاً كلامه للشباب المقاتلين: «هشة أيضاً عقول وحيوات شبابٍ أُكرهوا على حمل السلاح، الذين يشعرون في الخطوط الأمامية بسخافة ما يُطلب منهم وبالأباطيل التي تملأ خطب من يرسلونهم إلى موتهم».

وفي رسالة «أوربي إت أوربي» التقليدية التي يُلقيها في عيد الميلاد وعيد الفصح، دعا البابا إلى إنهاء جميع الحروب في العالم، مستنكراً الصراعات السياسية والاجتماعية والعسكرية في أوكرانيا والسودان ومالي وميانمار وتايلاند وكمبوديا وغيرها.

يقرأ  دوائر الانتماء في أعمال جين مايرسون

قبل قداس البابا، احتفلت الجماعة المسحيّة في بيت لحم بأول عيد ميلادٍ طقسي كامل منذ أكثر من عامين، إذ تحاول المدينة الفلسطينية ومهد المسيح أن تخرج من ظلّ الحرب التي شنّتها إسرائيل على غزّة.

طغى على أعياد سابقة في بيت لحم طابع الحزن طوال فترة الحرب، لكن الاحتفالات عادت يوم الأربعاء بمواكبٍ وموسيقى، كما تجمع المئات للصلاة في كنيسة المهد مساء الأربعاء.

امتلأت المقاعد قبل منتصف الليل بوقت طويل، واقتعد كثيرون أو جلسوا على الأرض في انتظار القداس التقليدي الذي يُبشر بعيد الميلاد.

وعند الحادية عشرة وخمس عشرة دقيقة مساءً دوّت أنغام الأرغن دخول موكبٍ من عشرات رجال الدين، تلاه بطريرك اللاتين في القدس بيرباتيستا بيتسابالا الذي بارك الجموع بعلامة الصليب.

وفي عظته شدّد بيتسابالا على السلام والأمل والنهضة، مؤكداً أن قصة الميلاد لا تزال ذات صلة في تقلبات الأزمنة المعاصرة. وتحدّث عن زيارته إلى غزّة نهاية الأسبوع حيث رأى أن «المعاناة ما تزال حاضرة» رغم الهدنة، وأن مئات الآلاف يواجهون شتاءً قاسياً في خيامٍ مؤقتة.

وقال: «الجراح عميقة، ومع ذلك يجب أن أقول إن إعلانهم عن الميلاد يرنّ هنا وهناك»، وأضاف: «حين التقيت بهم دهشت لقوتهم ورغبتهم في البدء من جديد».

شهدت بيت لحم موكباً نزولاً في شارع النجم الضيّق، وتجمّع حشدٌ كثيف في الميدان بينما تلالأت أضواءٌ ملونة فوق ساحة المذود وشجيرة ميلادٍ عالية تتلألأ بجوار كنيسة المهد.

وتعود أقدمية البازيليكا إلى القرن الرابع، وقد شُيّدت فوق مغارةٍ يعتقد المؤمنون أنها مكان ولادة المسيح قبل أكثر من ألفي عام.

وأعرب سكان بيت لحم عن أملهم بأن يعيد عودة احتفالات الميلاد الحياة إلى مدينتهم المنهكة.

أضف تعليق