ساو باولو — أعلنت السلطات البرازيلية، يوم الخميس، مصادرة أصول تقدر قيمتها بـ1.2 مليار ريال برازيلي (نحو 220 مليون دولار) مرتبطة بشبكة إجرامية واسعة في إطار تحقيق وطني حول عمليات غسيل أموال تمت عبر صناديق استثمار وقطاع الوقود.
نفذت الفرق القضائية 14 مذكّرة تفتيش ومصادرة و14 مذكّرة توقيف احتياطي، أسفرت عن توقيف خمسة أشخاص، في ما وصفه وزير العدل ريكاردو ليڤاندوفسكي بأنه إحدى أكبر العمليات لمكافحة الجريمة المنظمة في تاريخ البلاد.
لم تكشف السلطات الفدرالية عن أسماء أفراد أو شركات مستهدفة اعتباره التحقيقات سارية وسرّية. مع ذلك، أفاد مدّعون عامون في ولاية ساو باولو، الذين شاركوا في العملية، بأن المخطط ضمّ عناصر من جماعة “القيادة العاصمة الأولى” المعروفة اختصارًا بـPCC.
قال ليڤاندوفسكي: «تهدف هذه العملية إلى مواجهة كيفية تسلل المنظمات الإجرامية واحتلالها لجزء من صناعة الوقود، وكشف الروابط مع القطاع المالي من خلال شبكات غسل أموال».
حددت الجهات المختصة 40 صندوق استثماريًا بقيمة إجمالية تُقدَّر بنحو 30 مليار ريال برازيلي (حوالي 5.5 مليار دولار). وتُرجّح التحقيقات أن هذه الصناديق استُخدمت لإخفاء أصول تنتمي لمنظمات إجرامية، من ضمنها محطة موانئ، أربع مصافٍ لإنتاج الإيثانول، وحوالي ألف محطة وقود منتشرة في عشر ولايات برازيلية. اختير قطاع الوقود كنقطة بداية للتحقيق لكونه الأكثر وضوحًا وتأثيرًا، بحسب المحققين.
وأكّد وزير المالية فرناندو حدّاد أن «الأمر كان يعرفه الناس، لكن تطلّب الأمر جهداً وطنياً للوصول إلى قلب المشكلة ومواجهتها».
وصفت أندريا تشافيس، نائبة أمين الضرائب في مصلحة الإيرادات الفدرالية البرازيلية، اختراق الجريمة المنظمة للاقتصاد الحقيقي والأسواق المالية بأنه «حاد وخطير للغاية».
وأضافت: «يمسّ الأمر كامل سلسلة الإمداد — من استيراد الوقود وإنتاجه وتوزيعه وتسويقه. وفي القطاع المالي يتعلق الأمر بإخفاء الأصول ودرعنتها بآليات تشبه إخفاء المساهمين في ملاذات ضريبية خارجية. الدولة البرازيلية لا يمكنها التساهل مع ذلك».
كشفت نيابة ولاية ساو باولو أن منظمات إجرامية استخدمت وقودًا مُغشوشًا في أكثر من 300 محطة لتبييض أموال غير مبررة عبر شبكة معقّدة من الوسطاء، تضم شركات واجهة وصناديق استثمار ومؤسسات دفع.
وذكر المدّعون أن «جزءًا كبيرًا من الأموال غير المدعومة استُخدم للاستحواذ على مصافٍ للإيثانول وتوسيع عمليات المجموعة الإجرامية، التي باتت تضم الآن موزّعين للوقود وشركات نقل ومحطات وقود».
كما شمل الاحتيال واردات غير نظامية للميثانول عبر ميناء باراناغوا، حيث لم تُسلّم المادة للمستلمين المذكورين في الفواتير، بل أرسلت إلى محطات وموزعين استخدموها في غشّ الوقود.
ووفقًا للنيابة، «تعرّض المستهلكون لرسوم مقابل كمية وقود أقل مما أظهرته المضخات، أو تلقوا وقودًا مُعدّلًا كيميائيًا لا يلبّي المعايير الفنية التي تحددها الوكالة الوطنية للبترول في البرازيل».
قال نيفيو ناسيمنتو، مستشار العلاقات الخارجية في المنتدى البرازيلي للأمن العام — وهي مؤسسة مستقلة ترصد الجريمة — إن العملية تمثّل نقطة تحوّل في مواجهة تسلّل المنظمات الإجرامية إلى قطاعات استراتيجية من اقتصاد البرازيل.
وأضاف ناسيمنتو: «لا يزال ينبغي توسيع تطبيق القانون، بالنظر إلى مركزية هذه القطاعات الاقتصادية — الوقود والمشروبات والسجائر وعدد من السلع الأخرى — التي استحوذت عليها منظمات إجرامية».
تُعدّ PCC أكبر وأقوى مجموعة جريمة منظمة في البرازيل. تأسست عام 1993 داخل سجن تاوباتي من سجون ذات نفوذ شديد للمطالبة بتحسين ظروف الاحتجاز، وسرعان ما وسّعت نفوذها لقيادة عمليات تجارة المخدرات والابتزاز خارجه. وخلال السنوات الأخيرة، نوّعت الجماعة محافظ استثماراتها نحو أسواق غير شرعية متعددة.