الرئيس الأمريكي يشن هجومًا جديدًا على الأمريكيين ذوي الأصول الصومالية، والبيت الأبيض يعلن أن الإدارة تراجع خططًا لتجرييد (تجريد) الجنسية عن من يُدانوا بالاحتيال.
جاءت التصريحات يوم الأربعاء بعد يوم من قرار إدارة ترامب تجميد 185 مليون دولار من الإعانات الفيدرالية لمراكز رعاية الأطفال المخصصة للأسر منخفضة الدخل في مدينة مينياپوليس، على خلفية مزاعم احتيال تُحمّل دور رعاية تُديرها أسر من أصل صومالي في أكبر مدن مينيسوتا.
في منشور على منصة “تروث سوشيال” كتب ترامب أن “جزءًا كبيرًا من احتيالات مينيسوتا، يصل إلى 90%، يسبّبه أشخاص دخلوا بلادنا بشكل غير قانوني من الصومال”. وكرر هجومه على النائبة الصومالية‑الأمريكية إلهان عمر، واصفًا إياها بأنها “واحدة من العديد من المحتالين”. وأضاف: “أعيدوهم إلى حيث جاؤوا، إلى الصومال، ربما أسوأ وأكثر دول الفساد على وجه الأرض.”
متحدثة البيت الأبيض كارولين ليفيت صرّحت في مقابلة مع قناة فوكس نيوز أن الإدارة “تدرس” إمكانية سحب الجنسية عن الأمريكيين ذوي الأصول الصومالية المدانين بالاحتيال، مؤكدة أن التجريد من الجنسية يبقى “أداة متاحة للرئيس ولوزير الخارجية”.
لقد هدّد ترامب وحلفاؤه مرارًا بتجريد مواطنين متجنسين — أي المولودين خارج الولايات المتحدة الذين حصلوا على الجنسية عبر إجراءات الهجرة الحكومية — من جنسياتهم. ويشير خبراء قانونيون إلى أن سحب الجنسية عن من وُلدوا في الخارج ممكن من الناحية القانونية، لكنه نادر للغاية ويتطلب عبء إثبات مرتفعًا يبرهن أن التجنيس حصل تحت ذرائع كاذبة.
تصاعد التدقيق
خلال مسيرته السياسية لم يتوانَ ترامب عن تشويه صورة مجتمعات المهاجرين؛ تلك الخطابية كانت حاضرة منذ حملته الانتخابية الناجحة عام 2016. ففي 2015 اتهم المكسيك بإرسال “مغتصبين” ومجرمين عبر الحدود الجنوبية، وفي حملته عام 2024 كرّر ادعاءات بلا أساس عن هايتيين يقيمون في إلينوي، شملت اتهامات غريبة بأنهم يقتلون ويأكلون الحيوانات الأليفة.
في الأسابيع الأخيرة ركّز ترامب هجماته على الأمريكيين الصوماليين، واصفًا إياهم بـ”القمامة” وناقدًا المسارات القانونية التي سمحت لهم بالدخول إلى البلاد، وزاعمًا أنهم “يدمرون أمريكا”. وقد دان نواب ومجموعات مجتمعية ومنظمات سياسية تلك التصريحات ووصفتها عنصريّة بوضوح.
لكن ترامب لم يكتفِ بالخطاب، إذ صاحبت ذلك إجراءات فعلية: على مدار الشهر الماضي دفعت إدارته بمزيد من عناصر إنفاذ الهجرة إلى مينيسوتا، وأجرت تدقيقًا واسعًا للمهاجرين الصوماليين الشرعيين، وأعطت أولوية للتحقيقات المتعلقة بادعاءات الاحتيال في الولاية. واستغلت هذه الجهود فضيحة هزّت الولاية في السنوات الأخيرة.
يزعم المدّعون أن مجرمين استغلّوا برامج المساعدة الاجتماعية واحتالوا على الولاية بنحو 9 مليارات دولار، وأن حوالى 300 مليون دولار من أموال كورونا أُسيء استخدامها. وقالت المدعية العامة بام بوندي يوم الإثنين إن وزارة العدل وجهت اتهامات إلى 98 شخصًا في مينيسوتا ضمن تحقيق واسع في الاحتيال، وأضافت أن 85 من المتهمين “من أصل صومالي”. ومع ذلك، فإن كثيرًا من هذه التهم تعود إلى ما قبل الولاية الثانية لترامب.
حاكم مينيسوتا تيم والز ردّ بأن السلطات المحلية والفيدرالية تعمل منذ سنوات لمكافحة الاحتيال، واصفًا المشكلة بأنها “قضية خطيرة”. وفي تغريدة على منصة إكس يوم الأربعاء قال والز إن ترامب “يستغل قضية لا يكترث لها كبادرة لإيذاء العمال والمواطنين في مينيسوتا”.
تأتي بعض إجراءات الإدارة ردًا على فيديو انتشر على نطاق واسع نشره الناشط المحافظ على يوتيوب نيك شيرلي، وادّعى فيه أن مراكز رعاية يديرها أمريكيون من أصل صومالي في مينياپوليس ارتكبت احتيالات بقيمة تصل إلى 100 مليون دولار. حصل فيديو شيرلي على 127 مليون مشاهدة على منصة إكس، واستشهد به مسؤولون إداريون، بمن فيهم بوندي، مرارًا.
كما قال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتيل في منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي إن المكتب “على علم بالتقارير الأخيرة على مواقع التواصل في مينيسوتا” وأضاف أنهم “أرسلوا عناصر وموارد تحقيقية إلى مينيسوتا لتفكيك شبكات احتيال واسعة تستغل البرامج الفيدرالية”.
ومع ذلك، أثار الفيديو تساؤلات حول دقته. تحقيق أجرته شبكة سي بي إس هذا الأسبوع وجد أن “كل دور الرعاية عدا اثنتين” التي ظهرت في الفيديو كانت تملك تراخيص سارية و”زارها منظّمون حكوميون خلال الأشهر الستة الماضية”. وأشار التقرير إلى أن تلك الجهات الرقابية فرضت مخالفات أو إنذارات، لكنه لم يعثر على أدلة موثقة على وقوع احتيال واسع النطاق في الغالبية العظمى من المنشئاات.