Matías Zibell García — مراسل شؤون الأعمال، أنيلو، الأرجنتينن
تقف في بلدة أنيلو نصبّة ثور ترمز إلى الإمكانات الاقتصادية للمنطقة.
وجد الميكانيكي فابيو خافيير خيمينيث نفسه في المكان المناسب، والوقت المناسب. عندما نقل والده ورشته العائلية لإصلاح الإطارات إلى بلدة أنيلو الريفية في الأرجنتين، كانت مكاناً صغيراً وهادئاً يبعد نحو 1,000 كلم جنوب‑غرب بوينس آيرس. لم تكن هناك مياه شبكية ولا غاز منزلي، وكان التيار الكهربائي يُقطَع باستمرار.
ثم، في عام 2014، انطلقت عمليات التكسير الهيدروليكي لاستخراج النفط والغاز في المنطقة المحيطة، فشهدت المدينة ازدهاراً سريعاً. يقول السيد خيمينيث: «أسسنا ورشة التصليح وسط الكثبان الرملية، بعيداً عن مركز البلدة. ثم نمت البلدة ومرّت من حولنا».
مدفوعة بثروتها الطاقية الجديدة، ارتفعت أعداد سكان أنيلو من 10,788 في 2010 إلى 17,893 في 2022 — زيادة تفوق 60%. كما تدخل البلدة يومياً نحو 15,000 عامل في أيام الأسبوع، مما جعل الطرق مزدحمة بشاحنات نقل النفط والمركبات الأخرى. أظهرت الأرقام الرسمية أنه في العام الماضي دخلت إلى المدينة يومياً 24,956 مركبة، منها 6,400 شاحنة، وتأتي ورشة السيد خيمينيث على الطريق الإقليمي الرئيسي لخدمة من يحتاجون إطارات جديدة.
تقع أنيلو في قلب حوض «فاكا مويرتا»، تكوين جيولوجي غني بالنفط والغاز تبلغ مساحته نحو 30,000 كم². اكتُشف أولياً منذ عام 1931، إلا أن الاستغلال التجاري لم يكن ممكناً حتى أُجيز التكسير الهيدروليكي في الأرجنتين عام 2014. هذه التقنية، التي انتشرت أولاً في الولايات المتحدة في أوائل الألفية، تقوم بحقن خليط عالي الضغط من الماء والرمل والمواد الكيميائية إلى باطن الأرض ليشق الصخر ويلدّع الغاز أو النفط المحبوس داخله إلى السطح.
أول عملية للتكسير في فاكا مويرتا كانت مشروعاً مشتركاً بين شركة النفط الأرجنتينية المملوكة للدولة بالأساس YPF والعملاق الأمريكي شيفرون. وبحلول فبراير من هذا العام، بلغ عدد الآبار المنتجة بنشاط في فاكا مويرتا 3,358 بئراً، وفق معهد الأرجنتين للنفظ والغاز؛ منها 1,632 بئر نفط و1,726 بئر غاز. ويشكل هذا «أكثر من نصف إنتاج الأرجنتين من النفط والغاز»، كما يوضح نيكولاس جادانو، كبير الاقتصاديين في مؤسسة إمبيريا ومستشار سابق في YPF.
يضيف أن تكلفة النفط المنتج بواسطة التكسير أرخص من الاستخراج التقليدي في أماكن أخرى من الأرجنتين، لأن الحقول التقليدية المتبقية قديمة ويصعب الحصول على ما تبقى منها. ويتفق معه نيكولاس غانديني، مدير «إيكونوجورنال» المتخصص في شؤون الطاقة: «لم نتمكن من العثور على حقول تقليدية جديدة تنافس من حيث التكلفة، باستثناء بعض حقول الغاز التقليدية في الحوض البحري الجنوبي… جميع الحقول البرية الأخرى أغلى بثلاث إلى أربع مرات من فاكا مويرتا».
أمّن نفط وغاز فاكا مويرتا للأرجنتين الاكتفاء الطاقي، فدفع طرفاً من عجز السنين الماضية وقلّص حاجة الاستيراد المكلف، وسمح بخروج صادرات نفطية وغازية تدرّ عملة صعبة. يقول السيد جادانو: «في العام الماضي كان هناك فائض خارجي ملحوظ في قطاع الطاقة بقيمة 6 مليارات دولار. هذا العام نطمح إلى رقم مماثل بحجم صادرات أعلى لكن بأسعار أدنى بسبب هبوط الأسعار العالمية».
ويشير غانديني إلى أن تصدير الطاقة صارت تفوق وارداتها «وهذا مهم جداً»، لا سيما وأن البلد قبل عامين أو ثلاثة كان في موقف سلبي. ومع ذلك يحذر من أن ذلك لن يكون «ترياقاً» يعالج كل مشكلات الاقتصاد الأرجنتيني الهيكلية، التي تتسم بالتضخم المرتفع والإنفاق العام المفرط والتخلف عن سداد الدين الوطني. «أعتقد أن هناك مبالغة في تقدير ما يمكن أن يوفّره فاكا مويرتا لحل المشكلات البنيوية»، يقول. «لكن إذا نظرنا إلى مصادر الدولارات التي تمتلكها الأرجنتين اليوم، فليس لديها قطاعات كثيرة بخلاف فاكا مويرتا؛ هناك الزراعة، والتي بدورها تواجه مشاكل ولا تمكن البلد من توسيع قاعدتها الإنتاجية، وما عدا الزراعة، التعدين متأخر بكثير».
يقول محللون آخرون إن استخراج النفط والغاز في فاكا مويرتا لم يبلغ بعد كامل طاقته لأن تصنيف الأرجنتين الائتماني الضعيف يثنِي المستثمرين الدوليين، ولأن هناك قيوداً صارمة على كمية البيزو التي يمكن للشركات تحويلها إلى عملات أجنبية — قيود طُبِّقت لسنوات لوقف هروب رأس المال وحماية احتياطيات مصرف الأرجنتين المركزي. ويشرح السيد جادانو: «تقول الشركات: كل شيء على ما يرام في فاكا مويرتا، لكنني لم أستطع إخراج دولار واحد من الأرجنتين لمدة 15 سنة، فنربح أموالاً لكن مجبَرين على إعادة استثمارها داخل البلد». «هكذا لا تعمل الشركات، وخاصة اللاعبين الدوليين الكبار».
ألغت حكومة الرئيس خافيير ميليي قيوداً على العملات للأفراد في أبريل الماضي، ومع فوز حزبه في انتخابات التجديد النصفي الشهر الماضي، من المتوقع أن تُرفع قيود على الشركات قريباً. وينتقد آخرون أن فاكا مويرتا تعاني أيضاً نقصاً في خطوط الأنابيب، وسوء حالة الطرق، وغياب ربط سككي.
غوستافو ميديلي، وزير الطاقة في مقاطعة نيوكوين حيث تقع أنيلو ومعظم فاكا مويرتا، يؤكد أن الحكومة الإقليمية «تفعل ما يجب أن تفعله وما تستطيع فعله». وما لا يزال يساعد فاكا مويرتا هو التوافق السياسي الذي تحقق حوله — فكل الأحزاب الرئيسية تدعم زيادة عمليات الاستخراج. يُشير السيد غادانو إلى أن جميع القوى السياسية المعنية تتفق على أن هذا قطاع بحاجة إلى توسّع ونمو.
الطرقات داخل أنيلو وحولها باتت الآن تعجّ بحركة السير.
تحوّل هذا الإجماع إلى مأزق بالنسبة لمن عبّروا منذ بدء عمليات التكسير الهيدروليكي في فاكا مورِتا عن مخاوفهم البيئية، إذ تلاشت قدراتهم على إحداث تغيير ملموس.
«نحن فعلاً نخسر في النقاش العام»، يقول فرناندو كابريرا، مدير مجموعة الضغط البيئي «مرصد النفط الجنوبي». ويوضح: هناك فارق واضح في القدرة على التأثير الإعلامي والعام؛ التشريعات الإقليمية تميل إلى توقير الاستغلال، والمجالس الوطنية كذلك، ما يخلق ديناميكية غير متكافئة.
في مرآب السيد خيمينيز، الأعمال مزدهرة لدرجة أنه افتتح فرعاً ثانياً. «عندما أتينا إلى أنييلو، كنا سعداء بتقديم خدماة لسيارتين يومياً. ثم خدمنا عشرة مركبات، والآن نخدم عشرين سيارة يومياً.»
مع ذلك، يظل متشككاً بأن يكون النفط والغاز هي الخلاصة لكل مشاكل البلاد: «بالتأكيد سيبقى هناك نفط وغاز لسنوات عديدة قادمة، لكن ذلك لا يلغي احتمال استمرار الأرجنتين في مواجه تقلبات اقتصادية وسياسية.»
اقرأ المزيد من تقارير الأعمال العالمية.