تدخل الرئيس دونالد ترمب بقوة في الجدل الدائر حول اغلاق الحكومه الفدرالية، داعياً مجلس الشيوخ إلى التخلص من آلية الاعتراض المعروفة بـ«الفيليباستر» وإعادة فتح المؤسسات الحكومية فوراً.
سرعان ما قوبلت الفكرة برفض حاد من قادة الجمهوريين الذين لطالما عارضوا المساس بهذه القاعدة. فالفيليباستر، التي تتطلب 60 صوتاً لتجاوز الاعتراضات، تمنح الأقلية الديمقراطية وسيلة لاحتواء هيمنة الجمهوريين في مجلس الشيوخ الذي يتوزع حالياً 53 مقابل 47 مقعداً. وبسبب هذا التوازن، امتلك الديمقراطيون أصواتاً كافية لإبقاء الحكومة مغلقة أثناء مطالبهم بتمديد دعم التأمين الصحي، بينما لم ترغب أي من الطرفين إلى حد الآن في المساس بهذه القاعدة جذرياً.
كتب ترامب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي أنه «الخيار واضح — نفّذوا الخيار النووي، تخلّصوا من الفيلبيستر»، ما أشعل التوتر في أروقة الكونغرس وأثار تساؤلات حول ما إذا كان ذلك سيدفع السناتورات إلى التوصل لتسوية أو سيدخل المجلس في أزمة أعمق، أو أن تُتجاهل الدعوة بالكامل.
رد قادة الجمهوريين بسرعة وبلهجة حاسمة، مما وضعهم في موقف معاكس لترامب، الذي قلّما واجهه أحد منهم علناً. زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثون كرر أنه لا يفكر في تغيير القواعد لإنهاء الإغلاق، مشدِّداً على أن الفيلبيستر ضرورية لهيبة المؤسسة ولإمكانية إيقاف سياسات المعارضة حين يكون الجمهوريون في الأقلية. وقال متحدث ثون، رايان وراس، إن «موقف الزعيم بشأن أهمية الفيلبيستر التشريعي لم يتغير».
كما أعلن مكتب السناتور الجمهوري الثاني جون باراسو أن موقفه الرافض لتغيير الفيلبيستر لا يزال ثابتاً. ومِتش مكونل، زعيم الجمهوريين السابق الذي عارض مطالب ترامب نفسها خلال ولايته الأولى، ما زال في المجلس ويؤيد الموقف الرافض. وحتى رئيس مجلس النواب مايك جونسون دافع عن الفيلبيستر، معترفاً في الوقت نفسه بأن قرار تعديل القواعد «ليس من صلاحية» مجلس النواب.
حتى لو أراد ثون تغيير القاعدة، فإنه يفتقر حالياً إلى الأصوات اللازمة في مجلس شيوخ منقسم. أما السيناتور الجمهوري جون كيرتس من يوتاه فوصف الفيلبيستر بأنها «تجبرنا على بحث أرضية مشتركة»، وأضاف عبر منصة التواصل أن «تبدّل السلطة وارد، لكن المبادئ يجب أن تبقى. أنا معارض قاطع لإلغائها».
يعود الجدل حول الفيلبيستر إلى سنوات؛ فقد ضغط كثير من الديمقراطيين لإلغائها عندما تملكوا أغلبية مطلقة قبل أربع سنوات، لكن عدداً كافياً من نوابهم امتنع خوفاً من أن يعود ذلك عليهم مستقبلاً.
تأتي دعوة ترامب بينما يظل هو بعيداً عن حوار جدي مع قادة الديمقراطيين لإيجاد حل للإغلاق الذي اقترب من أن يكون الأطول في تاريخ البلاد. قال في منشوره إنه فكّر مليّاً في قراره خلال رحلة عودته من آسيا، وأن سؤالاً كان يطارده هو لماذا «يسمح الجمهوريون الأقوياء» للديمقراطيين بإغلاق أجزاء من الحكومة. مع ذلك، لم يكرر ترامب ذكر الفيلبيستر عندما تحدث لاحقاً مع الصحفيين أثناء سفره من واشنطن إلى فلوريدا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في مارـاـلاجو.
تجري محادثات هادئة بين بعض السناتورات من الحزبين، لكن مشاركة ترامب في هذه المباحثات تبدو محدودة. يرفض الديمقراطيون فتح أبواب الحكومة قبل أن يتفاوض الجمهوريون على تمديد دعم التأمين الصحي، بينما يرفض الجمهوريون الدخول في مفاوضات قبل إعادة فتح الحكومة.
طالب زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حاكيم جيفريز ترامب ببدء مفاوضات حقيقية مع الديمقراطيين، ملمحاً إلى أن الرئيس قضى وقتاً أطول مع زعماء عالميين منه في معالجة أزمة الإغلاق داخلياً.
ومن ساحل إلى ساحل، بدأت آثار إغلاق الحكومة تضرب المواطنين: برامج المساعدات الغذائية الموجهة للأسر منخفضة الدخل (SNAP) مهددة بالتوقف، الرحلات الجوية تتأخر، الموظفون الحكوميون يتأخر صرف رواتبهم، كما بدأت عائلات أميركية تلمس ارتفاعاً متسارعاً في تكاليف التأمين الصحي الذي يشكل محور الجمود السياسي.
وقالت السيناتورة ليزا موركوفسكي من ألاسكا إن «الناس تحت ضغط»، مضيفة أن الوقت قد فاض بالفعل لنضع هذه الأزمة وراءنا.