الحرب في السودان: تطورات إنسانية ومعارك وتغيُّرات في مناطق السيطرة — سبتمبر ٢٠٢٥

الحرب الأهلية في السودان بين القوات المسلحة و«قوات الدعم السريع» تقاوم كل المقترحات لإنهائها

نُشر في 30 سبتمبر 2025

نظرة عامة
الحرب بين القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» دخلت عامها الثالث مخلّفة أسوأ كارثة إنسانية على مستوى العالم. التقديرات تشير إلى أن عشرات الآلاف قضوا في القتال وحده، فيما مات آلاف آخرون جراء الأمراض والجوع الناتجين عن الحرب. هذا الشهر شهد تطورات عسكرية ملحوظة بينما تتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل مستمر.

القتال والسيطرة العسكرية
تنتظر الأطراف عودة الحكومة الانتقالية الحربية التي انتقلت موقتاً إلى بورتسودان إلى منطقة العاصمة. تسيطر قوات الدعم السريع على معظم إقليم دارفور الشاسع، باستثناء عاصمة شمال دارفور، الفاشر، حيث ما زال للجيش وجوده الأخير في دارفور. تحاصر الحركات المتمردة الفاشر وتسعى للسيطرة الكاملة عليها عبر إقامة مصاطب رملية ضخمة من الشمال والغرب والشرق، ما شكّل عملياً «حاضرة قتل» وفق صورَ أقمار صناعية حصل عليها مركز ييل للأبحاث الإنسانية.
مع ذلك، يرى المحلّلون أن قوات الدعم السريع تواجه انزياحاً في المواقف وأن الجيش يحرز تقدّماً حول الفاشر، متقدّماً من الشمال حتى منطقة بخيت (حوالي 150 كيلومتراً من الفاشر). في 19 سبتمبر، أدّى ضربة بطائرة مُسيّرة نسبت إلى قوات الدعم السريع إلى مقتل أكثر من 70 شخصاً في الفاشر، في واحد من «أبشع الأيام» منذ بدء الحصار في مايو من العام الماضي، بحسب تقرير هبة مورغان من الخظوم.
كما تسيطر قوات الدعم السريع على أجزاء واسعة من كردفان الجنوبية بدعم من الحركة الشعبية لتحرير السودان–شمال (SPLM‑N)، مما يمنحها ممرّات عابرة للحدود إلى جنوب السودان. لكن الجيش لا يزال يحكم سيطرته على الولاية الاستراتيجية، الأبيض، التي تعتبر مفتاحاً لمنع تهديدات الدعم السريع للوسط السوداني.
حقق الجيش انتصارات استراتيجية في شمال كردفان باستعادته أم سُميمة (حوالي 60 كم غرب الأبيض) في 26 سبتمبر، وبارة (حوالي 62 كم شمالاً) في 11 سبتمبر، بعد معارك ضارية وصفها بعض المحللين بأنها «شبيهة بعالم ماد ماكس».

يقرأ  «حمى لالان» تحقق نجاحات هائلة في مزاد كاربيداس بقيمة 100 مليون دولار لدى دار سوذبيز

الأزمة الإنسانية
انهيار أرضي في أوائل سبتمبر أودى بحياة أكثر من ألف شخص في قرية تَرَاسين في جبال المراح بوسط دارفور؛ وأظهر فيديو أصدره مسؤول في حركة تحرير السودان/الجيش في 4 سبتمبر أنه تم انتشال ودفن نحو 370 جثة.
الجوع تفشى في مدن مثل الفاشر ومخيم الزمزم المجاور، حيث تقبع قوات الدعم السريع نحو 260,000 مدنياً محاصَرين، بينهم 130,000 طفل. وفق برنامج الأغذية العالمي، يعاني نحو 24.6 مليون شخص — أي نحو نصف السكان — من نقص غذائي حاد، بينما يواجه 637,000 حالة مستويات مدمرة من الجوع. المساعدات الإنسانية النّادرة تصل إلى دارفور بصعوبة بالغة بسبب إغلاق الطرق والعراقيل البيروقراطية، وتتهم منظمات حقوقية الطرفين بتسليح الغذاء وحرمان المدنيين منه.
قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن السودان يواجه أسوأ تفشٍ للكوليرا منذ سنوات نتيجة تدمير البُنى التحتية. وفي أحد أحياء العاصمة أُبلغ عن أكثر من 5,000 حالة ملاريا وحُمّى التيفوئيد وحمى الضنك مع عشرات الوفيات خلال الشهر الماضي، وفق تقرير هبة مورغان في 23 سبتمبر. كما لقى لاجئون سودانيون مصرعهم في البحر المتوسط أثناء محاولتهم الفرار من الحرب، إذ قضى ما لا يقل عن 50 شخصاً بعد احتراق قارب كان يقلّ لاجئين سودانيين.

الدبلوماسية والتطورات السياسية
دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في 20 سبتمبر الأطراف إلى العودة إلى طاولة المفاوضات لإيجاد حلّ دائم للنزاع. فرض الاتحاد الأوروبي إجراءات تقييدية على شركتين: بنك الخليج وشركة «ريد روك» للتعدين؛ وذكر مجلس الاتحاد الأوروبي أن بنك الخليج مملوك لشركات مرتبطة بعناصر من عائلة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو ويلعب دوراً أساسياً في تمويل عمليات الدعم السريع، بينما تُتهم «ريد روك» بالمساعدة في تصنيع أسلحة ومركبات لصالح جهات عسكرية. كما طالت العقوبات شخصين، قائد ميداني سابق في الجيش أبو عقلة محمد كيكل الذي انشق ثم عاد، وقائد ميداني في الدعم السريع حسين برشام، متّهَماً بقيادة عمليات أسفرت عن فظائع جماعية تشمل القتل والتهجير القسري والعنف ضد المدنيين، لا سيما في دارفور ومناطق أخرى متأثرة بالنزاع.
قدّمت مصر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة مقترحاً لإنهاء الحرب يقضي بهدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر تليها هدنة دائمة، ثم فترة انتقالية مدتها تسعة أشهر تُسند خلالها السلطة إلى حكومة مدنية واسعة التمثيل. حتى الآن، فشلت كلّ المقترحات في تحقيق إنهاء الحرب وإرساء السلام المستدام.

يقرأ  قادة الديمقراطيين في الكونغرس يطالبون بمحادثات مع ترامب لتجنب إغلاق الحكومةأخبار الحكومة

الخلاصة
الصراع ما يزال مستمراً، والأوضاع الإنسانية تتدهور بوتيرة متسارعة، بينما تبقى الآفاق السياسية مبهمة في ظل فشل كل المحاولات السلمية حتى الآن.

أضف تعليق