هدد جنود بمصادرة مقر التلفزيون الرسمي في مدغشقر بينما كان من المقرر أن يلقي الرئيس أندري راجويلينا خطابًا إلى الأمة، بحسب بيان صدر عن مكتبه، وذلك وسط تقارير لم تُؤكد تفيد بأنه فرّ من البلاد.
وتفيد أنباء بأن طائرة عسكرية فرنسية نقلته جواً من الجزيرة الهندية إلى جهة مجهولة، على أثر اسبوعين من الاحتجاجات على مستوى البلاد التي طالبت بعزله من السلطة.
وباءت محاولاته لتهدئة المتظاهرين الشباب — الذين أطلقوا على أنفسهم اسم «جيل زد مادا» — بالفشل، حتى أنه أقال حكومته بالكامل وقدم تنازلات أخرى بلا جدوى.
وأفاد مكتبه يوم الأحد بأن هناك محاولة جارية لإزاحته عن الحكم. ولم يظهر في مكان عام منذ يوم الأربعاء.
تأجَّل خطاب راجويلينا المقرر إلى الأمة عدة مرات؛ فقد كان مقرراً في البداية عند الساعة 19:00 بالتوقيت المحلي (16:00 بتوقيت غرينتش).
خلال عطلة نهاية الأسبوع، قامت وحدة عسكرية نافذة تُعرف باسم CAPSAT — التي ساهمت في وصول راجويلينا إلى السلطة عام 2009 — بخطوة تقوّض موقعه عبر إعلانها مسؤوليتها عن قيادة كل القوات المسلحة، بينما انضم بعض ضباطها إلى المحتجين في شوارع العاصمة أنتاناناريفو.
وبعد اجتماع لقادة الجيش يوم الإثنين، طمأن رئيس أركان الجيش الجديد الذي نصّبته CAPSAT، الجنرال ديموستين بيكولاس، الجمهور بأن الأجهزة الأمنية تعمل معاً للحفاظ على النظام في الجزيرة.
وبحلول مساء الإثنين، كان الجنرال متواجداً في مقر التلفزيون الرسمي لمحاولة حل الأزمة، وفق بيان صادر عن الرئاسة.
وقال قيادي رفيع في أكبر أحزاب المعارضة في مدغشقر للبي بي سي، شريطة عدم الكشف عن هويته، إن CAPSAT تدير البلاد عملياً في هذه المرحلة.
وأعلَن حزب TIM أيضاً أنه يعتزم رفع إجراءات عزْل ضد راجويلينا بتهمة «التخلي عن المنصب».
وقد فرّ عدد من المقربين من راجويلينا إلى موريشوس، من بينهم رئيس الوزراء السابق الرئيس ريتشارد رافالومانانا ورجل الأعمال مامينياينا رافاتومانغا.
وبالرغم من ثروتها الطبيعية الهائلة، تظل مدغشقر من أفقر دول العالم؛ فحوالي 75% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، بحسب البنك الدولي، بينما تُظهر بيانات صندوق النقد الدولي أن ما يزيد قليلاً على ثلث السكان فقط لديهم وصول إلى الكهرباء.
انطلقت الاحتجاجات من الغضب جراء انقطاعات متكررة للماء والكهرباء، ثم تصاعدت لتعكس استياءً أوسع من حكومة راجويلينا بسبب البطالة المرتفعة والفساد وأزمة ارتفاع تكاليف المعيشة.
وأوردت الأمم المتحدة أن ما لا يقل عن 22 شخصاً قُتلوا وأُصيب أكثر من 100 في الأيام الأولى من الاحتجاجات، رغم أن الحكومة رفضت هذه الأرقام.
ووصف شهود عيان عناصر أمن وهم يطلقون النار على المتظاهرين بالذخيرة الحية. وفي حالة واحدة، توفي مولود جديد إثر استنشاق الدخان بعدما تعرض الغاز المسيل للدموع.
هزّت مدغشقر انتفاضات متكررة منذ استقلالها عام 1960، بما في ذلك احتجاجات واسعة عام 2009 التي أجبرت الرئيس آنذاك مارك رافالومانانا على التنحي وأفضت إلى وصول راجويلينا إلى الحكم.
وكان راجويلينا حينها لا يتجاوز الرابعة والثلاثين من عمره، ليصبح أصغر زعيم في أفريقيا — وقد حكم لمدة أربع سنوات ثم عاد إلى الواجهة بعد فوزه في انتخابات 2018.
ولد راجويلينا في أسرة ثرية، وقَبْل دخوله ساحة السياسة برز كرائد أعمال ومنظّم حفلات دي جي، إذ أسس محطة إذاعية وشركة إعلانات.
لكن جاذبيته بملابسه الأنيقة ووجهه الشاب تلاشت سريعاً مع تزايد اتهامات بالمحسوبية والفساد المتجذّر.