أدرجت إدارة الرئيس دونالد ترامب كولومبيا على قائمة دول اعتبرت واشنطن أنها «فشلت بشكل واضح» في الالتزام باتفاقيات مكافحـة المخدرات الدولية واتخاذ التدابير المطلوبة لمواجهة تهريب المخدرات، إلى جانب أفغانستان وبوليفيا وميانمار وفنزويلا.
أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بياناً على منصة إكس قالت فيه إن «في ظل قيادة غوستافو بترو المضللة، ارتفعت زراعة الكوكا وإنتاج الكوكايين في كولومبيا إلى مستويات تاريخية». ومع ذلك قرر البيت الأبيض منح إعفاء يسمح باستمرار تعاون حيوي مع بوغوتا، بما في ذلك في مجالات مكافحة المخدرات، مع التشديد على ضرورة تحقيق نتائج سريعة وملموسة.
ردَّ بترو بغضب ملحوظ، معتبراً أن قرار «إلغاء التصديق» جاء على الرغم من أن كولومبيا كانت الدولة التي صادرت أكبر كميات من الكوكايين في التاريخ ودمرت آلاف المختبرات، وأن الإجراء يأتي بعد عشرات الوفيات بين عناصر الشرطة والجيش خلال قمع شبكات التهريب والجماعات المسلحة الممولة من تجارة المخدرات. في اجتماع لمجلس الوزراء قال بترو إن المسألة «لا تتعلق فعلاً بالشعب الكولومبي، بل بمحاولة منع المجتمع الأميركي من أن يتسخ أنفه برغبة في العمل»، في إشارة ضمنية إلى تأثيرات المنشطات مثل الكوكايين.
نشر رئيس كولومبيا تغريدة بالاسبانية حملت اتهاماً لبعثة الولايات المتحدة بأن «النمو في زراعات الكوكا حدث في عهد حكومة دوكي وباستخدام الرش القسري»، مضيفاً أن «سياسة الولايات المتحدة هي التي فشلت». وترجمت الرسالة إلى لغة أقرب لما قاله بترو: إن خفض زراعة ورق الكوكا لا يتحقق برش مادة الغليفوسات من طائرات صغيرة بقدر ما يتحقق بخفض الطلب على الكوكايين، وخصوصاً في أمريكا وأوروبا.
تصنيف الدولة على أنه «غير ملتزمة» بجهود مكافحة المخدرات يحمل تبعات قد تشمل عقوبات اقتصادية وقطع مساعدات أميركية، وصوت واشنطن ضد منح قروض أو ائتمانات أو أشكال أخرى من المساعدات عبر البنوك التنموية، رغم أن الرئيس يمكنه إصدار تنازلات لتجنب بعض هذه العقوبات.
جاء هذا التصنيف في أعقاب إعلان ترامب عن ضربة قامت بها القوات الأميركية، استهدفت وفق قوله سفينة مشتبه بأنها فنزويلية تستخدم للتهريب في مياه دولية وأسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص. وتعد هذه الضربة الثانية خلال أسابيع بعد ضربة سابقة نُسبت لها وفاة 11 شخصاً في قارب سريع؛ واعتبرت سلطات كراكاس تلك الحوادث إعدامات خارج نطاق القضاء. أثارت هذه العمليات تساؤلات من خبراء حقوق الإنسان بشأن مشروعية الهجمات المميتة في المياه الدولية ضد أهداف لا تشكل تهديداً مباشراً للمصالح الأميركية.
في قرار تحديد الدول أدرج ترامب أيضاً اتهامات مباشرة إلى الرئيس نيكولاس مادورو، واصفاً إياه بأنه زعيم «واحدة من أكبر شبكات تهريب الكوكايين في العالم» ومعلناً عزم الولايات المتحدة على ملاحقته ومعاقبة عناصر من نظامه. كما أعلن أن واشنطن ستستهدف تنظيمات إرهابية أجنبية من فنزويلا مثل «ترين دي أراخوا» وستعمل على طردها من أراضيها.
تُشير بيانات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إلى أن كولومبيا وبيرو وبوليفيا تظل المصدر الرئيسي للكوكايين عالمياً، بينما لا تبرز فنزويلا كمنتج رئيسي في القوائم الدولية. وفي تقرير حديث لوكالة مكافحة المخدرات الأميركية خلصت الأخيرة إلى أن نحو 85% من المخدرات المتدفقة إلى الولايات المتحدة تعود إلى كولومبيا، فيما لم تذكر فنزويلا بشكل بارز في ذلك التقرير.
كما تطرق القرار إلى بلدان أخرى: في أفغانستان قال ترامب إن حركة طالبان رغم حظرها المعلن لإنتاج المخدرات إلا أن تدفق العقاقير إلى الأسواق الدولية لا يزال مستمراً وأن بعض عناصر طالبان يجنون أرباحاً من هذه التجارة؛ وفيما يتعلق ببوليفيا شدد على أن أمامها عملاً كبيراً للحفاظ على التزاماتها ضد المخدرات ومنع تحول أراضيها لملاذ لعصابات التهريب. أما ميانمار (التي وردت باسمها السابق «بورما» في الوثيقة) فلم تصحبها تفاصيل إضافية في التحديد الرئاسي كما الحال مع الدول الأخرى.
من جانبها، اعتبرت منظمة واشنطن لشؤون أمريكا اللاتينية أن أداة «إلغاء التصديق» أصبحت قديمة وذات أثر ضار وفعالة عكس المقصود، محذرة من أن استخدامها قد يؤذي الشعب الكولومبي ويضعف قدرة الحكومه على حمايته من الجماعات الإجرامية والمتمردة. وأضافت المنظمة أن إخفاقات حكومة بترو في تحقيق أهداف الأمن والحكم تعود إلى إخفاقات إدارية وقيادية أكثر منها إلى نية خبيثة أو تعاون مع تجار المخدرات.
في المجمل، يعكس هذا التصعيد توتراً متجدداً في العلاقة بين واشنطن وبوغوتا، ويعيد طرح سؤالين محوريين: كيف توازن السياسة الخارجية بين محاسبة الدول على إخفاقاتها وتجنب إيذاء السكان المدنيين، وكيف تتعامل الدول المنتجة مع حقيقة أن خفض العرض لا يثمر ما لم يقترن بتقليص الطلب في أسواق الاستهلاك الرئيسية؟