السؤال الجيد أم السؤال السيئ؟ كيف يغيّر نوع السؤال مسار التفكير والتعلّم

متى نعتبر السؤال «جيدًا»؟ وما الذي يميّزه عن السؤال السيئ؟

غالبًا نقول لبعضنا: «سؤال جيد» بقصد ضمنيّ: «لا أعلم إجابته» أو «لم يخطر ببالي أن أسأل عنه، لكنه يستحقّ السؤال». لكن لو أردنا تحديد مفهوم السؤال الجيد، فالأوضح أن نبدأ بعكسه: ما الذي يجعل السؤال سيئًا؟

السؤال في جوهره أداة أو استراتيجية استقصائية، ولتحكيم جودته يجب أن نعرف أولًا ما الغرض منه أو النية الكامنة وراءه. بدون غاية واضحة يصبح السؤال عديم القيمة أو مضللاً.

يمكن وصف السؤال بأنه سيئ إن كان بلا هدف، أو إن فشل في تحقيق الغاية المقصودة، أو حتى إن لم يسبب أي أثر إيجابي غير مقصود. كذلك يكون سيئًا إن كان غير ذي صلة، غامضًا، أو متكلّفًا في اللغة إلى حد يربك المستجيب.

سؤال سيئ يخفي ما يعرفه الطالب الآن بدل أن يكشفه، ويطرد الفضول بدل أن يغذّيه. في سياق التقويم التكويني، فإن السؤال الذي لا يولّد بيانات قابلة للاستخدام لإعادة تصميم التدريس يكون في جوهره عقبة لا أداة.

السؤال السيئ يوقف العملية التعليمية: يربك المعلم والطالب معًا ويتركهما بلا طريق عملي واضح للمضي قدمًا. كما أنه قد يثير مشاعر مفزعة أو مشوشة تعيّق قدرة الطالب على استحضار معارفه ولا سيما قدرته على التفكير الواعي في حالة هدوء.

أسباب إضافية للشذوذ في جودة السؤال: مبادئ خاطئة مبنية عليها الفكرة، تحيّزات معرفية، مغالطات منطقية، أو ببساطة طرح سؤال خارج «منطقة النمو القريب» لدى المستجيب — أي أصعب من حدته أو أسهل من المطلوب. وقد لا يكون المحتوى صعبًا، لكن تركيب الجملة أو المصطلحات قد يكون معقّدًا بلا حاجة، فينتهي الأمر بأن يجيب الطالب خطأ رغم أنه كان يملك الفهم المطلوب.

يقرأ  كيفية إنشاء مسارٍ قصصيٍّ تفاعليّدليل عملي خطوةً بخطوة

يمكننا تخيّل السؤال السيئ كأداة تالفة: لا تنجز الوظيفة المطلوبة. وفي التعليم، هذا يعني غالبًا فشلًا في دعم التعلم في الأمد القصير أو الطويل.

على الجانب الآخر، السؤال الجيد يخدم غاية محددة بوضوح. في سياق اختبار معيّن، يجب أن يقيس السؤال معيارًا محددًا بدقة؛ أي يقيس بالضبط ما قصد المعلم قياسه من الكفاءة أو الفهم. اللغة فيه تكون فعّالة ومقتصدة: لا زوائد لفظية ولا مصطلحات معقّدة لا داعي لها، ولا حاجة لمهارات أو معارف خارجة عن المعيار المستهدف إلا إذا كان المعلم واعيًا لهذه الإضافات وتحمّل نتائجها.

السؤال الجيد يساعد المتعلّم على التعلم وكيفية التعلم بطريقة مستدامة ومبنية على الاستقصاء وقيادة الطالب لرحلته المعرفية. احينا، قد يبدو التمييز بين سؤال جيد وسيئ معقّدًا، لأن السياق والنية والمعايير جميعها تلعب دورًا.

لا ينبغي أن نخلط بين الدقة في الإجابة وغاية التعليم: القدرة على الإجابة الصحيحة وسيلة وليست غاية. الهدف الأسمى أن يكتسب الطالب معرفة قابلة للتطبيق ومهارات التفكير النقدي والتعلّم الذاتي.

في أسوأ الحالات، السؤال السيئ لا يعيق فقط قياس التحصيل، بل يعيق نمو الفهم ويثني الطالب عن المخاطرة الفكرية. في أفضل حالاته، السؤال الجيد يمكّن المعلم والطالب معًا من رؤية ما يجب بناؤه لاحقًا ويولّد بيانات ومعانٍ قابلة للتطوير.

الخلاصة: إياك أن تعتبر السؤال مجرد وسيلة لامتحان المعرفة؛ فالسؤال أداة تعلم، وجودته تُقاس بمدى وضوح غايته، وملاءمته لمستوى المتعلّم، ودقته اللغوية، وقدرته على تحفيز الفضول والتعلم المستمر.

أضف تعليق