حذّرت وزارة الخارجية الفلسطينية من شبكات تسعى إلى إخراج الفلسطينيين، وبخاصة سكّان قطاع غزة، من منازلهم تماشيًا مع المصالح الإسرائيلية، محذّرة من عمليات قد تنطوي على تضليل أو استغلال.
جاء التحذير بعد وصول 153 فلسطينيًا على متن رحلة انطلقت من كينيا إلى جنوب أفريقيا، غادروا غزة دون أن يعلموا وجهتهم النهائية ودون وثائق سفر قانونية كاملة، واحتجزت السلطات ركاب الرحلة نحو 12 ساعة للتحقيق في أمرهم.
منحت جنوب أفريقيا، التي تقود ملف قضية الإبادة المزعومة أمام محكمة العدل الدولية، تأشيرات مؤقتة مدتها 90 يومًا لهؤلاء الفلسطينيين. وأعربت وزارة الخارجية الفلسطينية عن “تقديرها العميق” لدعم السلطات والشعب الجنوب أفريقي ولقرار منح التأشيرات المؤقتة لمن قالوا إنهم غادروا من مطار رامون جنوبي إسرائيل. كما أفادت السفارة الفلسطينية في بريتوريا بأنها تعمل على مساعدة المسافرين الذين “تحمّلوا أكثر من عامين من حرب إسرائيلية إبادة، قتلًا ونزوحًا وتدميرًا”.
وحذّرت الوزارة من أن شركات وكيانات غير رسمية ووسطاء غير مسجّلين داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة يحاولون تضليل الفلسطينيين وتحريضهم على المغادرة. ودعت الوزارة شعبها، وبالأخص أهلنا في قطاع غزة، إلى توخّي الحذر وعدم الوقوع فريسة للاتجار بالبشر أو لتجار الدماء وشركات التهجير وعملاء التهجير.
وأوضحت هيئة إدارة الحدود الجنوب أفريقية أن 130 فلسطينيًا دخلوا البلاد، بينما نُقل 23 آخرون من جنوب أفريقيا إلى وجهات أخرى من المطار نفسه، ومن المتوقع أن يتقدّم معظمهم بطلبات لجوء. وأكدت منظمة الإغاثة الجنوب أفريقية Gift of the Givers التزامها باستقبال هؤلاء الزوار وإيوائهم خلال إقامتهم.
قال مؤسس المنظمة، امتياز سوليمان، لمذيعي هيئة البث العامة إنّه لا يعرف من هو من استأجر الطائرة، وأن أول رحلة نقلت 176 فلسطينيًا وحطّت في جوهانسبرغ في 28 أكتوبر، فيما توجه بعض الركاب إلى دول أخرى. وتشير روايات القادمين إلى أن إسرائيل تبدو، بحسب شهاداتهم، بصدد إزالة أشخاص من غزة وإصعابهم على متن طائرة دون ختم جوازات سفرهم، بهدف تركهم عالقين في دول ثالثة.
لم تُدِل وزارة الخارجية الإسرائيلية ومكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بردّ رسمي على الحادث، رغم أن إسرائيل والولايات المتحدة دفعتا مرارًا نحو تحريك أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين خارج غزة، وأجرَتا مفاوضات مع عدة دول حول هذا الملف. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن المنسق أنشطة الحكومة في المناطق (COGAT) أنه نال موافقة من دولة ثالثة لاستقبال الفلسطينيين ضمن سياسة إسرائيلية تسمح بمغادرة سكّان غزة، من دون الكشف عن اسم تلك الدولة.
بعد موجة القصف والجوع المتواصلة في غزة، طُلب من الفلسطينيين أن يتركوا أغراضهم ويتحملوا ركوب رحلة إلى وجهة مجهولة. ورأى أنطوني لوينشتاين، مؤلف كتاب The Palestine Laboratory عن صناعة السلاح والمراقبة الإسرائيلية، أن مخطّط النقل قد يكون سارياً منذ أسابيع أو شهور قبل أن يُلتفت إليه، مشيرًا إلى شائعات عن شركات تقوم بمثل هذه الرحلات والتي تتطلّب، على ما يبدو، موافقة إسرائيل ودولٍ أخرى.
وصف لوينشتاين الأمر بأنه استغلال لمأساة البشر لكسب المال، مشيرًا كذلك إلى غموض عمليات الشركة وموقعها الإلكتروني. وأضاف: “أعتبر ذلك شكلاً من أشكال التطهير العرقي. المشكلة ليست فقط من يوفرون وسائل العبور، بل من الدولة الإسرائيلية التي تسهّل الأمر، في دولة يعبّر فيها العديد من وزرائها، وبصراحة قطاع من الجمهور الإسرائيلي، عن رغبتهم في عدم بقاء فلسطينيين في غزة، وأخشى أن يكون هذا جزءًا من تلك المهمة.”