أمرت الحكومة العسكرية السودانية اثنين من كبار مسؤولي برنامج الأغذية العالمي بمغادرة البلاد، في وقت تتفاقم فيه المجاعة الناجمة عن حرب أهلية طاحنة اندلعت في ابريل 2023.
أعلن البرنامج أن مديري عملياته في السودان أُدرجوا على قائمة «البشر غير المرغوب فيهم» وطُلب منهم المغادرة خلال 72 ساعة، من دون تقديم تفسير رسمي.
جاء القرار بعد أيام من سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر الأساسية في دارفور، عقب حصار دام 18 شهراً شمل مقاطعة غذائية واسعة.
وصف البرنامج هذه الطردات بأنها حدث حاسم في وقت لم تكن فيه الاحتياجات الإنسانية أبداً بهذا الحجم، مع أكثر من 24 مليون شخص يواجهون حالة انعدام أمني غذائي حادة.
ورغم أن الحكومة العسكرية لم تشرح أسباب الإجراءات، فإنها سبق أن اتهمت منظمات الإغاثة بانتهاك القوانين المحلية ونشر تقارير مضللة بشأن أوضاع المجاعة.
ونقل عن وكالة الأنباء الرسمية «سونا» قولها إن الطرد لن يؤثر على تعاون البلاد مع برنامج الأغذية العالمي، فيما يؤكد البرنامج أنه منخرط في حوار مع السلطات السودانية لحل المسألة.
تفاقم القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع على مدى عامين ونصف تصاعد بشكل حاد يوم الأحد، عندما سيطرت القوات على مدينة الفاشر في غرب دارفور. ثمة مخاوف حقيقية على مصير نحو 250 ألف نسمة في المدينة، كثيرون منهم من مجتمعات غير عربية، وتزخر التقارير بادعاءات بارتكاب فظائع بينها قتل جماعي منذ سقوط المدينة.
قال رجل فرّ من الفاشر لبرنامج «خيط الحياة» على بي بي سي عربي إن «الوضع في الفاشر كارثي للغاية، وتحدث انتهاكات على الطرق من نهب وإطلاق نار، ولا يميزون بين صغير أو كبير».
وأضاف: «وصلنا إلى طويلة حيث تتواجد المنظمات الإنسانية. نحمد الله على سلامتنا رغم أننا ننام في الطرقات».
تقع طويلة على بعد نحو 60 كيلومتراً غرب الفاشر، وتستضيف بالفعل ما يقرب من 800 ألف نازح، بينهم كثيرون فرّوا من مخيم زامزام القريب عندما تعرّض لهجوم من قبل قوات الدعم السريع في أبريل.
منذ اندلاع النزاع اتُهم مقاتلو قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معهم في دارفور باستهداف جماعات عرقية غير عربية — اتهامات تنفيها تلك القوات.
واتهمت لجنة مقاومة الفاشر، وهي مجموعة من الناشطين المحليين، قوات الدعم السريع بإعدام جرحى كانوا يتلقون العلاج في المستشفى السعودي بالمدينة. وقد أيد باحثون من جامعة ييل هذا الاتهام بالاستناد إلى صور أقمار صناعية تبدو أنها تُظهر «تجمعات» جثث داخل ساحات المستشفى.
أبدت هيئات دولية مثل الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي قلقها إزاء التطورات، فيما يصف السكان المحليون ما يجري بأنه يذكرهم بأحلك فترات المنطقة.
شهدت دارفور إحدى أخطر الكوارث الإنسانية في العالم بين 2003 و2020، حيث تحوّلت مجموعات الجنجويد، المتهمة بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي آنذاك، إلى ما يعرف اليوم بقوات الدعم السريع.
قالت الشاعرة السودانية-الأمريكية امتثال محمود، التي لها أقارب في الفاشر وفقدت من أهليها في صراع دارفور السابق، إنها تشعر بأن «إبادة جماعية» تحدث مرة أخرى، وفق ما تُظهره مقاطع تُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل قوات الدعم السريع. وأضافت أن الفرق الوحيد هو أن المشاهد الآن تُبث مباشرة وتُسجّل لأن القوات تدرك أنها تعمل دون محاسبة.
في المقابل تنفي قوات الدعم السريع استهداف المدنيين.