نشر في 3 سبتمبر 2025
انهارت قرية بأكملها في منطقة الجبل المرّاح بوسط دارفور بعد أمطار غزيرة استمرت أيّاماً، ما أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص في واحدة من أفظع الكوارث الطبيعية في تاريخ السودان القريب. أعلنت حركة تحرير السودان/الجيش (SLM/A) — التي تسيطر على المنطقة — أن قرية ترسين (تراسين) قد «دُمرت بالكامل» وأن المعلومات الأولية تشير إلى وفاة جميع القاطنين، باستثناء ناجٍ واحد فقط، وطلبت من الأمم المتحده والمنظمات الإغاثية الدولية المساعدة في انتشال الجثث.
وقت وقوع الانهيار الأرضي يوم الأحد، كانت القرية الواقعة في جبال المراح الوسطى قد تعرضت لأمطار غزيرة متتالية. وعبّر المجلس السيادي الحاكم في الخرطوم عن «الحزن العميق» لفقد مئات المدنيين الأبرياء، مؤكداً تعبئة كل الإمكانيات الممكنة لدعم المنطقة. كما قال لوكا رندا، المنسق الإنساني للأمم المتحدة في السودان، إنه «مصدوم وحزين» جراء التقرير، وإن الأمم المتحدة وشركاءها ينسقون جهود الاستجابة لدعم المجتمعات المتضررة في الموقع.
شبكة طوارئ محلية تعمل عبر السودان خلال فترة الحرب أفادت بأن فرقها انتشلت حتى يوم الثلاثاء تسع جثث على الأقل، لكن فرق البحث تواجه صعوبات في الوصول إلى المنطقة بسبب سوء الأحوال الجوية ونقص الموارد. وقال محمد عبد الرحمن النير، المتحدث باسم SLM/A لوكالة أسوشييتد برس، إن القرية بعيدة وعُبورها يقتصر على الأقدام والحمير.
تقع سلسلة جبال المراح في منطقة بركانية يصل ارتفاع قممها إلى أكثر من 3000 متر، وتشتهر بدرجات حرارة أقل وهطول أمطار أكثر من المناطق المحيطة، وتبعد أكثر من 900 كيلومتر غرب الخرطوم. تشكّل الانهيارات الموسمية خلال موسم الأمطار (من يوليو إلى أكتوبر) مصدراً دائماً للخطر، ففي العام الماضي أدّت أمطار غزيرة إلى انهيار سد في ولاية البحر الأحمر الشرقي وقتل ما لا يقل عن 30 شخصاً وفق الأمم المتحدة.
تأتي هذه المأساة في وقت يغرق فيه السودان أكثر في أزمة إنسانية متصاعدة منذ اندلاع الحرب بين القوات المسلحة السودانية (SAF) وقوات الدعم السريع (RSF)، والتي دخلت عامها الثالث، وقد أعلنت مناطق في دارفور عن حالات مجاعة. آلاف المدنيين الذين فرّوا من الاشتباكات في شمال دارفور لجأوا إلى جبال المراح طلباً للأمان، حيث تعاني المخيمات من نقص حاد في الغذاء والدواء بحسب وكالة رويترز.
أصبح الوصول إلى أجزاء واسعة من الإقليم شبه مستحيل أمام الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة، ووصف أطباء بلا حدود المنطقة بأنها «ثقب أسود» في الاستجابة الإنسانية بالسودان. ومن جهتها دعت المنظمة الدولية للهجرة إلى تأمين ممرات آمنة وتوسيع نطاق الدعم الإنساني فوراً.
تسارعت المعارك في دارفور، لا سيما في مدينة الفاشر التي تخضع لحصار قوات الدعم السريع منذ أكثر من عام، فيما تحاول الفصائل المسلحة، بما في ذلك أجنحة من حركة تحرير السودان/الجيش، التحالف مع الجيش النظامي ضد قوات الدعم السريع وسحب البساط في الغرب لتأسيس نفوذ موازي وسلطة موازية.