ادّعى منشور متداول على منصات التواصل الاجتماعي أن صوراً تُظهر بيع ذخائر بالقرب من أكياس الحبوب في سوق بجنوب السودان، ما يوحِي بأنها ممارسة شائعة. هذا الادِّعاء مضلّل: الصورة في الواقع التقطت لحادثة اعتقال امرأة يشتبه في محاولتها تهريب ذخائر مخفية داخل أكيّاس حبّة الدخن في منطقة تونج ساوث بولاية وِرّاب بجنوب السودان.
منشور على منصة X نُشر في 11 أغسطس/آب 2025 وعاود مشاركته أكثر من 1,900 مرة، واحتوى على تعليق يقول: «يوم عادي في جنوب السودان. الذخائر تُباع في السوق إلى جانب الحبوب». كما نُشِرت الصورة على انستغرام وفيسبوك. تظهر الصورة امرأة جالسة على الأرض بجانب أكياس حبوب وأكوام من الطلقات.
نزاع جنوب السودان
يعاني جنوب السودان منذ عقود من صراعات داخلية واشتباكات بين جماعات محليّة أدّت إلى أزمة إنسانية طويلة وانتهاكات متكررة. ورغم توقيع «اتفاق استئناف تنفيذ اتفاقية 2018 لحل النزاع في جمهورية جنوب السودان» (R-ARCSS) وولادته أملاً في السلام، ظلّ تنفيذ بنوده بطيئاً، واستمرت موجات العنف.
الأثر الإنساني جسيم: وفق مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، هناك نحو 1.9 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 2.3 مليون لاجئ في الدول المجاورة. كما يُعدّ البلد ممراً لتهريب بضائع محظورة وذخائر قادمة من دول مجاورة كالسودان وأوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية بسبب الحدود المتراخية. لاحتواء تدفق الأسلحة الذي قد يُغذّي المزيد من الاقتتال، فرض مجلس الأمن الأممي حظر تصدير أسلحة على الجنوب عام 2018. ومع ذلك، تستمر تدفق الأسلحة الصغيرة والذخيرة إلى البلاد.
لكن المنشورات التي تزعم أن الذخائر تُعرض للبيع في الأسواق المفتوحة تفتقر إلى الدقة وتشوّه السياق.
تهريب الذخيرة
أجرى فريق التحقّق عكسَ بحثٍ عن الصورة، وتبيّن أن الصورة فعلاً مُلتقطة في جنوب السودان لكنها نُشِرت في سياقٍ مضلّل على وسائل التواصل. استُخدمت الصورة في تقرير بتاريخ 8 أغسطس/آب 2025 لوسيلة إعلام جنوب سودانية — راديو تامازوج — بعنوان: «اعتقال امرأة في تونج ساوث بتهمة تهريب ذخائر»، وقد أشار التقرير إلى أن المرأة، التي عُرفت باسم أغيك/أجويك (Aguek)، أُلقي القبض عليها على حاجز أمني أثناء محاولتها تهريب 1,121 طلقة مخبأة داخل أكياس دخن قادمة من ولاية شمال بحر الغزال إلى تونج إيست في ولاية وِرّاب.
نُقل الحادث أيضاً عبر وسائل إعلام محلية أخرى، ونشرت وحدة الإعلام بمقاطعة تونج ساوث على صفحتها فيسبوك في 7 أغسطس/آب 2025 صوراً مماثلة مع توضيح مفاده أن السلطات ضبطت المشتبه بها ومصادرة كميات كبيرة من الذخيرة المختلطة مع الدخن، وأن العملية استهدفت أيضاً عناصر وصفَتهم السلطات بأنهم مُحرّضون على النزاع ومهَرِّبو أسلحة.
مراسل وكالة الأنباء أكد بدوره أن الذخيرة لا تُعرض للبيع في الأسواق المفتوحة على نطاق واسع داخل البلد، وأن تداول مثل هذه الصور دون التحقق يساهم في نشر معلومات مضللة قد تؤثر على فهم الجمهور للأوضاع الأمنية والإنسانية في جنوب السودان.