الصين تشدّد قواعد تصدير الفلزات الأرضية النادرة
أعلنت وزارة التجارة الصينية قواعد جديدة أكثر صرامة بشأن تصدير الفلزات الأرضية النادرة، وهي عناصر حيوية في صناعة عدد واسع من المنتجات التكنولوجية المتقدّمة. وقالت الوزارة إن الخطوة تهدف إلى «حماية الأمن القومي» وتكرّس ضوابط سابقة متعلّقة بتقنيات المعالجة والتعاون الخارجي غير المصرّح به.
تنصّ اللوائح على أن أي تقنية تُستخدم في استخراج أو معالجة هذه المواد، أو في صناعة المغناطيسات المستخلصة منها، لا يجوز تصديرها إلا بعد الحصول على إذن حكومي. كثير من هذه التقنيات خاضعة أساساً لقيود سابقة؛ لكن التشريعات الجديدة توضح بصورة أكثر صرامة أن التراخيص ستكون نادراً ما تُمنح لمصنّعي الأسلحة وبعض شركات أشباه الموصلات.
كما تمنع القواعد الشركات الصينية من التعاون مع جهات أجنبية بشأن الفلزات الأرضية دون موافقة الجهات الرسمية. وتوقّع محلّلون أن الصين قد تحجب الصادرات عن مصنّعي أسلحة أجانب وعن شركات معيّنة في قطاع الرقائق، ما قد يفاقم نقاط الضعف في سلاسل التوريد العالمية.
تأتي هذه الخطوة في ظل مفاوضات شاقة بين بكين وواشنطن حول التجارة والتعريفات الجمركية، ومع توقّع عقد لقاء بين الرئيس الصيني شي جينبينغ ونظيره الأميركي في وقت لاحق من الشهر. يرى بعض الخبراء أن توقيت الإعلان «مقصود» ليكون رسالة دبلوماسية وتجارية قبل المحادثات.
أوضحت الوزارة أيضاً التقنيات والعمليات التي تُعدّ مقيدة بوضوح: تشمل عمليات التعدين، والصهر، والفصل، وتصنيع المواد المغناطيسية، وإعادة تدوير الفلزات الأرضية من مصادر أخرى. كما يشمل الحظر جمع وتركيب وضبط وصيانة وإصلاح وتحديث معدات الإنتاج دون تصريح.
قد تنعكس هذه القيود بشكل واضح على الولايات المتحدة، التي تمتلك قطاع تعدين مهم للفلزات الأرضية النادرة لكنها تفتقر إلى قدرات معالجة كافية داخل البلاد. وتُعدّ التدابير الصينية في هذا الصدد انعكاساً لإجراءات أميركية سابقة منعت بيع معدات تصنيع الرقائق إلى الصين، والتي استُخدمت لتقييد تطور الصين في رقائق متقدّمة يمكن أن تُستخدم في تطبيقات الذكاء الاصطناعي أو ذات استخدامات عسكرية.
قال خبير التجارة أليكس كابري إن القواعد الجديدة «محدّدة التوقيت» قبل لقاء الزعيمين، مضيفاً أن بكين استهدفت نقاط ضعف محورية في صناعات الإلكترونيات والأسلحة الأميركية، بما يوازي الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة سابقاً ضد صناعة الرقائق الصينية.
ما هي الفلزات الأرضية النادرة؟
الفلزات الأرضية النادرة هي مجموعة مكوّنة من 17 عنصراً كيميائياً متقاربة الخواص، وتلعب دوراً حاسماً في صناعة العديد من المنتجات التكنولوجية. وعلى الرغم من توافر معظمها في الطبيعة، تُسمّى «نادرة» لأن العثور عليها في شكل نقي أمر نادر للغاية، ولأن استخلاصها ينطوي على مخاطر بيئية وصحية جسيمة.
قد لا تكون أسماء هذه العناصر مألوفة لدى الجميع—مثل النيوديميوم، والإيتريوم، واليوروبيوم—لكن المنتجات التي تُستخدم فيها معروفة جيداً. فمثلاً، يُستخدم النيوديوميوم في تصنيع المغناطيسات القوية التي تُركّب في مكبرات الصوت، وأقراص التخزين الصلبة، ومحركات السيارات الكهربائية، ومحرّكات الطائرات النفاثة، مما يجعلها أصغر حجماً وأكثر كفاءة.
تسيطر الصين عملياً على سلسلة الإمداد الكاملة لهذه المواد، من الاستخراج إلى التكرير وفصل العناصر عن الشوائب. وتقدّر وكالة الطاقة الدولية أن الصين تمثّل نحو 61% من إنتاج الفلزات الأرضية النادرة وحوالى 92% من عمليّات معالجتها.
تجدر الإشارة إلى أن القيود الجديدة أثارت قلق مستثمرين ودول تعتمد على هذه المواد، وقد تشكّل عامل ضغط إضافي في محادثات التجارة الدولية. تقارير إضافية حول الموضوع جُمعت بمساهمة مراسلين محليين ومراقبين دوليين. الصادرات الصينية أمام رقابة أشدّ، والآثار على الأسواق العالمية ما تزال قيد التبلور.