ذكرى مذبحة نانجينغ وتفاقم التوترات حول تايواان
أقامت الصين مراسم تأبينية هادئة بمناسبة ذكرى مذبحة نانجينغ عام 1937، في وقت تصاعدت فيه حدة التوترات مع طوكيو على خلفية ملف تايوان. لم يحضر الرئيس شي جين بينغ الاحتفال الذي أقيم بسرعة ومضى خلال أقل من نصف ساعة، بحضور عناصر من الشرطة وتلاميذ مدارس، وإطلاق حمائم عند انتهاء الطقوس.
تباينت تقديرات عدد الضحايا؛ محكمة الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية أحصت نحو 142 ألفاً، فيما تصر بكين على رقم يقارب 300 ألف ضحية، بينما ينفي بعض السياسيين والباحثين المحافظين في اليابان وقوع مذبحة بهذا الحجم. هذه الخلافات تعكس استمرارية الصراع التاريخي بين البلدين حول ذاكرة الماضي وقراءته.
أثارت تصريحات رئيسة الوزراء اليابانية السابقة سَنايِ تاكايتشي استياء بكين بعدما ألمحت إلى أن اعتداءً صينياً مفترضاً على الجزيرة التي تدير شؤونها ذاتياً قد يستدعي رداً عسكرياً من اليابان. وتعقّب ذلك سلسلة من المناوشات الدبلوماسية والعسكرية، بينها إعلان طوكيو نشر منظومة صواريخ موجهة من طراز Type 03 على جزيرة يوناغوني، أقصى غرب أراضيها، على بعد نحو 110 كيلومترات من الساحل الشرقي للجزيرة.
نُشرت أيضاً صورة على حسابات القيادة الشرقية لجيش التحرير الشعبي تُظهر سيفاً ملطخاً بالدم يُقطع رأس هيكل عظمي مرتدياً قبعة عسكرية يابانية، مرفقة بعبارة قديمة تصف اليابان بـ«الأقزام الشرقية»، ما يعكس لهجة تحذيرية وتصعيدية في بعض الرسائل العسكرية على وسائل التواصل.
ألقت تصريحات شي تايفنج، المسؤول في قسم التنظيم بالحزب الحاكم، نبرة مختلفة نسبياً عن تصاعد الخطاب الرسمي الحديث، حين نادى بأن التاريخ يبرهن ويستمر في إثبات أن أي مسعى لإحياء النزعة العسكرية أو المساس بالنظام الدولي بعد الحرب أو تقويض السلام العالمي لن يُترك دون رد من الشعوب المحبة للسلام والعدالة، وأن مثل هذه المحاولات مصيرها الفشل.
من جهة أخرى، اتهمت طوكيو طائرات عسكرية صينية بأنها قفلت رادار التحكم بالنيران مرتين على طائرات مقاتلة يابانية، ما يعتبر إشارة تحذيرية تهدد بفرض مناورات ه evasive للطيارين المستهدفين. ونفت السفارة الصينية الادعاءات وطالبت اليابان بوقف «التشويه والافتراء»، وبتقيد صارم بسلوكياتها الميدانية لئلا تتكرر مثل هذه الحوادث.
ردود الفعل الصينية شملت استدعاء السفير الياباني، مراسلات للأمم المتحدة، تحذيرات للمواطنين بعدم السفر إلى اليابان، وإعادة فرض حظر على استيراد المأكولات البحرية اليابانية، إضافة إلى تعطيل فعاليات ثقافية وعروض سينمائية يابانية في الصين. كل ذلك يبرز كيف أن أزمة تاريخية تُحيي ذاكرة مؤلمة يمكن أن تتقاطع اليوم مع حسابات جيوسياسية معقدة وتؤجج نزاعاً دبلوماسياً وعسكرياً بين جارتين قويتين.