داخل مبنى حكومي رئيسي في كييف تضرّر بعد استهدافه بضربة صاروخية
أظهرت السلطات الأوكرانية للصحفيين شظايا الصاروخ الذي تقول إنه أصاب مبنى حكومي محوري في كييف خلال عطلة نهاية الأسبوع، محدِّدةً نوعه بأنه صاروخ كروز روسي من طراز اسكندر. المسؤولون هنا يـُعتقده الآن أن المبنى استُهدف عن سابق تصور وتصميم فجر يوم الأحد.
رد فعل فلاديمير بوتين على جهود السلام التي قادها دونالد ترامب تزامن مع تصعيد واضح في الهجمات الروسية، لكن الضربات لا تقتصر على العاصمة الأوكرانية وحدها. ففي إقليم دونباس الشرقي قُتل أكثر من عشرين مدنياً يوم الثلاثاء بعدما استهدفهم قنبلة منزلقة روسية بينما كانوا يصطفون لاستلام معاشاتهم.
أدان فلاديمير زيلينسكي الضربة على قرية ياروفا واصفاً إياها بـ«الهمجية»، ودعا حلفاء أوكرانيا مجدداً لتكثيف الضغوط على موسكو عبر مزيد من العقوبات. وقال مكتبه إن بعض مكونات الأسلحة الأميركية والأوروبية لا تزال تصل إلى روسيا، بما فيها أجزاء مخصّصة لصواريخ اسكندر، فيما عوّضت موسكو ما تبقّى من مكونات بإنتاجها المحلي.
«هناك حاجة إلى إجراءات قوية لكي تتوقف روسيا عن جلب الموت»، كتب رئيس أوكرانيا.
عُرض على الصحفيين الطابق العلوي المدمر من المبنى الحكومي الرئيسي في كييف، بعد الضربة الجوية الروسية. كان فريقنا يصور صباح الأحد أثناء الغارة على وسط كييف والتقط لحظة إصابة مجلس الوزراء؛ تبدو الصور وكأنها تُظهر ضربة مباشرة: صاروخ قوسه ينحدر فجأة نحو الأسفل قبل التفجير.
لا إشارات تشير إلى اعتراضه بنظام دفاع جوي. وعندما سُمح لنا بالدخول إلى المبنى الباهت الطراز من العصر السوفييتي لرؤية الأضرار، اشتدّت رائحة الاحتراق كلما صعدنا نحو الطابق العلوي. انهارت الأسقف جزءاً من السقف وطُرِق جزء من الجدران في المنطقة المتضررة وترك فجوة كبيرة في الأرضية، بينما تتدلّى كابلات مقطوعة من بقايا السقف في كل زاوية.
الشظايا التي قيل إنها لجزء من الصاروخ الروسي الذي ضرب مبنى مجلس الوزراء كانت متكدِّسة كأدلة: قطع معدنية مشوّهة، بعضها يحمل حروفاً سيريلية. ويُجمع خبراء الأسلحة الذين استشرناهم على أنها تشبه صاروخ كروز روسي، وأن الدمار متوافق مع إصابة صاروخ اسكندر دون انفجاره.
قال فابيان هينز، خبير الصواريخ والطائرات المسيرة بمعهد الدراسات الإستراتيجية الدولي في برلين: «في بعض الأحيان لا تعمل الفيوزات ولا تنفجر الصواريخ. هذا ممكن الحدوث مع أنظمة عديدة». وأكد المحلل العسكري أولكسندر موسيينكو هنا في كييف: «أعتقد أنه أصاب المبنى».
أوضح موسيينكو أن لهذا الصاروخ سرعة عالية وارتفاع منخفض، ما يجعل من الصعب رصده على الرادار، وأضاف أن أوكرانيا لا تملك بعد أنظمة دفاع جوي كافية مثل منظومات باتريوت الأميركية للاعتماد عليها في إسقاط مثل هذه القذائف.
في كييف باتت الغارات المبكرة الصباحية أكثر تكراراً، والأهم أنها أصبحت ذات نطاق أوسع: روسيا تطلق الآن مئات الطائرات المسيرة دفعة واحدة، ما يُجهد موارد أوكرانيا عمداً. لذلك يواصل زيلينسكي نداءه المستمر لطلب مزيد من الصواريخ — قد يبدو ذلك متكرراً لمن هو بعيد عن كييف، لكن بالنسبة للمقيمين هنا قد يعني الفارق بين الحياة والموت.
لا تقتصر ضربات روسيا على مبانٍ حكومية فارغة كرموز، بل تستهدف دوراً بيوتهم أيضاً، كما شهدنا هذا الأسبوع. «أحياناً تكون كثير من هذه الطائرات المسيرة مجرد طُعم — بلا متفجرات — فقط لإضعاف دفاعاتنا الجوية»، شرح موسيينكو. «لم نشهد أبداً مثل هذه الهجمات في تاريخنا. بالطبع إنها تهديد».
على مقربة من خطوط المواجهة تختلف التكتيكات: فالقنابل المنزلقة المميتة تصل غالباً بلا إنذار. وفي ياروفا كان ضحايا الهجوم هذه المرة من المسنين، وهم الفئة الأكثر تردداً أو أقل قدرة على مغادرة منازلهم حتى مع اقتراب القتال. كانت القرية قد احتُلت من قبل الروس في بداية الغزو الشامل عام 2022 ثم حرّرها الجيش الأوكراني لاحقاً.
الآن لا يقلّ عدد القتلى عن أربعة وعشرين شخصاً نجوا من محن سابقة ثم لاقوا حتفهم. تُظهر صور المشهد جثثاً متناثرة على الأرض وشاحنة بريد محطمة كانت توزع المعاشات، قد توقفت تحت شجرة تحسباً للتغطية فلم ينجها أحد — فاضربت القنبلة المكان.
وصف وزير الخارجية الأوكراني أندريي سيبيها الهجوم بأنه «وحشي» وجريمة نكراء ضد السكان والمنطقة التي زعم بوتين أنها بحاجة إلى «إنقاذ» عندما أمر بالغزو. «نحثّ المجتمع الدولي على الإدلاء بموقف والتحرك فوراً»، قال سيبيها.
يقول فلاديسلاف فلاسيوك إن مكوّنات غربية باتت أقل حضوراً الآن في صواريخ وطائرات روسيا المسيرة، لكن موسكو بدأت تنتج عناصر لم تكن قادرة على تصنيعها سابقاً. ومع ذلك، تسعى أوكرانيا إلى أكثر من إدانة؛ فهي تطالب باتخاذ إجراءات على الاقتصاد والقطاع الدفاعي الروسي.
أوضح فلاسيوك أن العقوبات المفروضة حتى الآن تُحدث فرقاً؛ فرقّة الفرق في نسبة المكونات الغربية التي رصدتها فرق أوكرانية عند فحص بقايا الصواريخ والطائرات المسيرة منذ 2022 آخذة في الانخفاض، لكنها لم تُستأصل بعد. «هناك أجزاء غربية أقل، وهذا أمر جيد»، قال فلاسيوك. لكن الشيء الأسوأ أن عدد الاجزاء الروسية ازداد، وهو ما يعني أن روسيا باتت تصنع أشياء لم تكن قادرة على تصنيعها من قبل، بما في ذلك الرقائق الدقيقة.
وقال إن التعاون المتزايد مع الصين في إنتاج الطائرات المسيّرة جعل مهمة تشويشها أصعب بكثير على الصعيد الإلكتروني.
وقد يكون ذلك ما مكّن روسيا من استهداف المبنى الحكومي الرئيسي في كييف للمرة الأولى — في أكثر أحياء المدينة تحصينًا.
«من المرعب أنهم يضربون المركز»، قالت أليونا يوم الثلاثاء وهي تدفع عربة طفلها بالقرب من مقر مجلس الوزراء.
«لطالما كانت هناك طائرات مسيّرة هنا»، أضاف زوجها. «كانت تحلّق فوقنا فقط، كانو يطيرون، والآن باتوا قادرين على الإصابة.»