أعلن الكرملين أن روسيا ترفض المقترحات الأوروبية بشأن ضمانات أمنية لأوكرانيا ولن تسمح بوجود قوات الناتو على أراضي جارتها.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين في موسكو يوم الأربعاء إن موسكو ترحب بمساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة للتوصل إلى اتفاق ينهِي الحرب في أوكرانيا، لكنها شدد على أن نشر قوات أوروبية هناك كجزء من ضمانات أمنية لكييف أمر غير مقبول لأنه يساوي تواجدًا لحلف الناتو على حدودها — وهو ما عارضته طويلاً. وأضاف بيسكوف: «في الواقع، منذ البداية كان تمدد البنية العسكرية للناتو وتغلغلها في أوكرانيا من الممكن أن يُعدّ من الأسباب الجذرية للوضع المتأزم الذي نشأ». وختم بالقول إن لديهم «موقفًا سلبيًا» تجاه مثل هذه النقاشات.
تُعدّ الضمانات الأمنية ضد أي عدوان روسي مستقبلي محورًا رئيسًا في محاولات التفاوض لإنهاء الحرب، ويصرّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أن تكون الضمانات في اتفاق سلام محتمل قريبة إلى أقصى حد من نص المادة الخامسة في ميثاق الناتو، التي تعتبر أي اعتداء على دولة عضو اعتداءً على الجميع.
من جهته، قال ترامب إن الولايات المتحدة لن تضع قوات على الأرض في أوكرانيا كجزء من أي ضمانات أمنية مستقبلية، وأشار إلى أن الدول الأوروبية ينبغي أن تتحمل الجزء الأكبر من عبء ضمان أمن أوكرانيا. وتؤكد روسيا أنه لا ينبغي أن يكون هناك وجود لقوات من دول الناتو داخل أوكرانيا، وأنها تفضل أن تكون واحدة من الضامنين لأمن البلاد.
ووصف بيسكوف جهود ترامب لوقف الحرب بأنها «مهمة جدًا»، واعتبر أن القمة الرئاسية الأمريكية–الروسية الأخيرة هذا الشهر في الاسكا كانت «مثمرة وبنّاءة ومفيدة»، معربًا عن أمل موسكو في استمرار هذه الجهود. لكنه أشار أيضًا إلى أن مسألة الضمانات الأمنية، رغم أهميتها، لا يرى أنه من المجدي مناقشتها علنًا.
زلينسكي يدعو إلى تحرّك
من جانب آخر، قال زيلينسكي في منشور على منصة X يوم الأربعاء إن فرقَه تُسرّع عملية تحديد تفاصيل الضمانات الأمنية متعددة الأطراف لأوكرانيا، وأن الوقت بات مناسبًا لتنظيم مباحثات بين القادة حول الأولويات والجداول الزمنية المرتبطة بهذه الترتيبات. وأضاف: «فرقنا تعمل بنشاط على إعداد هيكل ضمانات أمنية قوية ومتعددة الأطراف لأوكرانيا بمشاركة الجميع — الأوروبيين، والأمريكيين، وشركائنا الآخرين في ائتلاف الراغبين». وأوضح أن قادة عسكريين ووزراء دفاع ومستشارين أمنيين على مستويات مختلفة يعملون على إعداد مكوّنات الأمن المستقبلي، وأنه حان الوقت لتنظيم صيغة محادثات القادة لتحديد الأولويات والجداول الزمنية.
وأشار زيلينسكي إلى أن روسيا «ترسل حاليًا إشارات سلبية بشأن اللقاءات والتطورات المستقبلية»، وأنها «لن تتجاوب إلا تحت ضغط حقيقي»، مؤكّدًا: «الضغط مطلوب. نعوّل عليه».
تدفع أوكرانيا والولايات المتحدة باتجاه عقد لقاء وجهاً لوجه بين زعيمي البلدين لتقدم المفاوضات، بينما ألمح الرئيس الأمريكي إلى إمكانية فرض عقوبات إضافية على موسكو وسط مخاوف من محاولة الأخيرة كسب الوقت.
الهجمات على البنية التحتية للطاقة
جاءت التصريحات بعد موجة جديدة من هجمات الطائرات المسيرة عشيةً ذلك، استهدفت بنية تحتية طاقية حيوية، فيما أعلن الكرملين أنه سيطر على قرية في منطقة دونيتسك الشرقية.
وفي منشور على X قال زيلينسكي إن 100 ألف منزل في ثلاث مقاطعات — بولتافا وسومي وتشيرنيهيف — حُرموا من الكهرباء بعد الهجوم الذي شُنّ بواسطة نحو 100 طائرة مسيرة استهدفت منشآت الطاقة. وأفاد وزير الطاقة الأوكراني في بيان على تليغرام أن الهجمات طالت بنية تحتية في ست مناطق، وألحقت أضرارًا كبيرة ببنية نقل الغاز في بولتافا وضربت معدات في محطة تحويل رئيسية في سومي، وفقًا لتقرير لوكالة رويترز. وأضاف البيان: «نعتبر الهجمات الروسية استمرارًا لسياسة متعمدة من قبل الاتحاد الروسي لتدمير البنية التحتية المدنية في أوكرانيا قبيل موسم التدفئة».
وبحسب بيان محافظ بولتافا فولوديمير كوغوت، أعيدت التيار الكهربائي في بولتافا لاحقًا. وفي الأسابيع الأخيرة كثّفت روسيا هجماتها على منشآت إنتاج واستيراد الغاز الأوكرانية، معتبرة أن استهداف هذه المواقع يُعدّ أهدافًا مشروعة لأنها تدعم القدرات الحربية الأوكرانية.
من جهتها، أفادت القوات الجوية الأوكرانية بأنها أسقطت 74 طائرة من أصل 95 أُطلقت الليلة الماضية، بينما أصابت 21 طائرة تسع نقاط في أنحاء متفرقة من البلاد، بحسب رويترز. وذكر زيلينسكي أن موجة الهجمات الليلية — التي وُصفت بأنها «موجهة تحديدًا ضد البنية التحتية المدنية» — ضربت أيضًا مدرسة في منطقة خاركيف ومبنى سكنيًا في خيرسون، ما أدى إلى سقوط إصابات، مجددًا دعوته للمجتمع الدولي إلى تكثيف الضغوط على روسيا لإيقاف الحرب.
قال زيلينسكي: «نحتاج إلى خطوات جديدة لزيادة الضغط على روسيا لوقف الهجمات وضمان ضمانات أمنية حقيقية».
وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية بأن هجومين روسيين على الأقل أسفرا عن قتلى، مشيرة إلى أن عاملين زراعيين قُتلا جراء قصف مدفعي روسي في قرية نوفوفورونتسوفكا بمنطقة خيرسون صباح الأربعاء، بحسب محافظ المنطقة أولكسندر بروكودين. وفي الوقت نفسه، زعمت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها سيطرت على قرية أزاريانيفكا في منطقة دونيتسك.