المبعوث الأمريكي يقرّ بأن وصف صحفيي لبنان بـ«حيوانيين» كان غير لائق

سفير أميركي يتراجع عن وصفه للصحفيين اللبنانيين بـ«حيوانيين»

أعرب السفير الأميركي توم باراك عن أسفه لاستخدامه تعبير “حيوانيين” لوصف عدد من الصحفيين اللبنانيين، بعد يومين من تصريحات أثارت سخطًا واسعًا في الشرق الأوسط. وفي مقابلة مع شخصية مواقع التواصل ماريو نوفال، كرر باراك دعوته للصحفيين اللبنانيين لأن يكونوا “متحضرين” وطالب بالمزيد من التهدئة والتسامح في التعاملات الصحفية.

واقرّ باراك بأنه كان ينبغي عليه أن يتحلّى بمزيد من “التسامح” أثناء مخاطبته الصحفيين الذين صاحوا بالأسئلة بعد لقائه بالرئيس اللبناني ميشال عون في قصر بعبدا. وقال إن وصفه “الحيواني” لم يكن مقصودًا به إهانة، بل كان تحريضًا على ضبط النفس: “هل يمكننا أن نهدأ؟ هل يمكننا أن نجد تأثيرًا للتسامح واللطف؟ لنتصرف بشكل متحضّر”. ومع ذلك أقرّ بأن توقيت ونبرة كلامه كانا “غير مناسبين” لأنّ الإعلام يؤدي عمله.

يحمل باراك أصولًا لبنانية، ويشغل منصب السفير لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريه ولبنان، واستغل الظهور في البودكاست لتوضيح مواقفه بعد لقائه بعون. وحسب شهادته، فقد أغضبته كثرة الأسئلة في غرفة الإحاطة الإعلامية فطلب منهم “التهدئة للحظة”، وأضاف: “عندما يتحول المشهد إلى فوضى — كأن يكون حيوانيًا — نغادر. فهل تريدون معرفة ما يحدث؟ تصرّفوا بتحضر ولطف وتسامح، فهذه مشكلة ما يحدث في المنطقة”.

أثارت تصريحاته موجة نقد، ورأى كثيرون أنّ عبارة السفير تلخّص نهجًا متعاليًا تتبناه واشنطن تجاه المنطقة.

فكّ سلاح حزبالله

ليس غريبًا أن يهاجم الصحفيون المسؤولين بأسئلة مسموعة قبل أو بعد الاجتماعات الدبلوماسية؛ ففي الولايات المتحدة يُطلق على هذا الأسلوب اسم “الرشّ الصحفي”. في المقابل، يواصل باراك زياراته إلى لبنان سعياً لإبرام اتّفاق يقضي بتفكيك سلاح حزبالله مقابل تعهدات بانسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي اللبنانية ووضع حد للهجمات اليومية.

يقرأ  ما أسباب الانقسام داخل الحزب الجمهوري الأمريكي؟

في الأسابيع الماضية، أقرّت الحكومة اللبنانية قرارًا يكلف الجيش بصياغة خطة لسحب السلاح من الحزب قبل نهاية العام، وردّ حزبالله بأنّه سيتعامل مع القرار “كأنّه غير موجود”. وفي حين تتلقى إسرائيل مليارات الدولار من المساعدات العسكرية الأميركية، استمرت هجماتها اليومية على أنحاء متفرقة من لبنان، ما منع سكان جنوب البلاد من العودة إلى بلداتهم الحدودية التي طالها دمار واسع.

تحتل القوات الإسرائيلية حتى الآن خمس نقاط داخل الأراضي اللبنانية، إضافة إلى منطقة مزارع شبعا المتنازع عليها التي تطالب بها لبنان. أما حزبالله، الذي تكبّد خسائر كبيرة في قياداته السياسية والعسكرية خلال الحرب العام الماضي، فقد امتثل إلى حدّ بعيد لوقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه في نوفمبر 2024، رغم ما ورد من خروقات إسرائيلية، لكنه رفض في الوقت نفسه دعوات نزع سلاحه، معتبراً أن سلاحه يشكل رادعًا أمام أهداف توسعية إسرائيلية، وبتّ الحزب الاتهام بأن حكومة بيروت تلتزم بتوجيهات أميركية وإسرائيلية. كما يؤكد الحزب أن الجيش اللبناني وحده غير كافٍ للدفاع عن الجنوب.

من جهتها، تصرّ الحكومة اللبنانية على أن الدولة وحدها المؤهلة لحماية المواطنين، وأن الجيش اللبناني يجب أن يكون الجهة الوحيدة الحاملة للسلاح داخل البلاد. ويبقى الجمود القائم يهدد باندلاع احتكاكات داخلية في بلد يعاني منذ سنوات من أزمات أمنية واقتصادية عميقة.

ردّ حزبالله

هاجم إبراهيم المزعبي، عضو كتلة حزبالله النيابية، تصريحات باراك واعتبرها تجسيدًا “للحماقة والغرور” في النهج الأميركي تجاه لبنان. واصفًا المبعوث بأنّه يعكس، بصراحة مطلقة، “واقع الولايات المتحدة وفلسفتها الهمجية العدوانية التي تأسست عليها”. كما انتقد المزعبي تهاون الحكومة اللبنانية في اتخاذ موقف حازم ضد السفير، بما في ذلك استدعاء السفير الأميركي إلى وزارة الخارجية.

يقرأ  الصورة تُظهر مصادرة ذخيرة وليست رصاصات تُباع في سوق جنوب السودان

وقطع باراك زيارته إلى جنوب لبنان هذا الأسبوع وسط احتجاجات على تصريحاته، لكن هذه ليست المرّة الأولى التي يثير فيها السفير جدلًا في لبنان. في الشهر الماضي ألمح إلى أن لبنان قد يصبح جزءًا من “سوريا الكبرى” كاستعارة لتسليط الضوء على مخاطر تواجه البلاد، وقال في حينه إن السوريين يعتبرون لبنان “مصيفهم” وأنّ الإحباط الذي يعتري الشعب اللبناني يثير حزنه كذلك.

في رد لاحق، أوضح باراك أن السياسة الأميركية تهدف إلى دعم سوريا ولبنان كجارتين “متساويتين وذاقتين السيادة”، وكتب على وسائل التواصل أن تعليقاته السابقة “امتدحت التقدّم الذي أحرزته سوريا، ولم تكن تهديدًا للبنان”.

أضف تعليق