أشهر اغسطس 2025 شهدت موجة احتجاجات واسعة في إندونيسيا اندلعت بسبب الأجور المتدنية، والبطالة، والغضب من مزايا يُنظر إليها على أنها مبالغا فيها للنواب. تحوّلت بعض تلك الاحتجاجات إلى أعمال عنف ونهب، طالت منازل عدد من المسؤولين، وفُسرت مشاهد انتشرت لاحقاً على أنها توثّق معاناة نائب برلماني بعد اقتحام منزله. لكن هذه المشاهد قديمة ولا علاقة لها بالمظاهرات الراهنة.
في مقطع نُشر على إنستغرام في 8 سبتمبر 2025 ظهر نصٌ باللغة الإندونيسية يقول إن النائب أحمد ساهروني “سُجِّل وهو يأكل وجبة مغلّفة بعد تدمير منزله”. المشهد يُظهره يلتهم طبق أرز بسيطًا مرتديًا تي‑شرت وسروالاً، ما أوحى للبعض بأنه قد فقد ثروته وسقط في حالة بؤس اجتماعي تُرتبط عادةً بطبقاتٍ دنيا ومتوسطة. لكن بحثًا عن المصدر كشف أن المقاطع نفسها سبق أن نُشرت على حسابه الرسمي في إنستغرام عام 2020، حيث أرفقها بتعليق يوضح أنه لا يرى مشكلة في تناول طعام بسيط رغم ثرائه.
مقطع آخر على تيك توك تضمن صورة للنائب مستلقياً على سرير داخل ما بدا أنه غرفة مستشفى، مع ادعاء أنه غشي بعد اكتشافه تعرض منزله للنهب؛ ونُشر مقطع مشترك بتاريخ 31 أغسطس 2025 يحمل تعليقاً يفيد بأنه “أغمى على النائب أحمد ساهروني” وأنه سيرفع قضايا قانونية ضد من شارك في الاقتحام. هذه المواد متداولة بكثافة، لكنها تستغل مشاهد قديمة لإيصال رسالة مضلِّلة عن علاقة تلك اللقطات بالأحداث العنيفة الأخيرة.
خلفية الأزمة: التذمّر الشعبي ازداد خلال 2025 بعد إعلان بدل سكن شهري جديد للنواب يُعادل تقريباً عشرة أضعاف الحد الأدنى للأجور في جاكرتا، ما أثار سخطاً واسعاً ودعوات لحلّ مجلس النواب. تفاقم الغضب بعد انتشار فيديو يُظهر سيارة شرطة تصدم سائق دراجة توصيل، وهو الحادث الذي أودى بحياة ما لا يقل عن عشر أشخاص وأشعل احتجاجات تحولت إلى إقتحامات ونهب منازل بعض المسؤولين، من بينهم منزل ساهروني.
تجدر الإشارة إلى أن التقارير السابقة عن ثروة النائب تشير إلى امتلاكه أصولاً تُقَدَّر بنحو 19.8 مليون دولار حسب تقرير هيئة مكافحة الفساد لعام 2024؛ وقد وصف النائب الدعوات لحلّ البرلمان بأنها “عقلية أغبى الناس في العالم” في تصريحات نُشرت أيضاً عبر وسائل الإعلام.
التحقق الزمني للمحتوى أظهر أن المشاهد المتداولة مسبقاً؛ فقد نشر ساهروني على إنستغرام في 6 أغسطس 2020 مقطعاً يُطابق أحد الفيديوهات المتداولة، وكان التعليق حينها يطمئن المتابعين إلى أنه لا يمانع في تناول وجبات بسيطة. كما ظهر على حسابه صورة أخرى منشورة سابقاً صوّرته مجهدًا، مرفقة بتعليق يتحدث عن الإرهاق والحاجة إلى توازن الحياة.
حتى 19 سبتمبر، لم يُدل ساهروني بظهور علني يشرح هذه الادعاءات المرتبطة بالاقتحامات الجارية. كما نفّذت وكالات التحقق، من بينها وكالة الأنباء الفرنسية، تحقيقات فندت عدة معلومات مضللة متداولة بشأن احتجاجات إندونيسيا، مبيّنة أن بعض الصور والفيديوهات المتناولة ليست مرتبطة بما يحدث الآن وإنما بمواقف سابقة أو سياقات مختلفة.
الخلاصة: انتشرت لقطات قد توحي بأن نائباً تضرّر مادياً ونفسياً جراء اقتحام منزله خلال احتجاجات أغسطس 2025، لكن التحقق أثبت أن تلك اللقطات قديمة أو منشورة في سياقات سابقة، وما رُوِّج بشأنها على أنها دليل على تأثير الاحتجاجات عليها هو تضليل.