من المتوقع أن يوقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الأسبوع أمراً تنفيذياً يجيز صفقة تفصل عمليات تيك توك في الولايات المتحدة عن شركتها الأم الصينية بايتدانس، تلبيةً لقانون صدر عام 2024، وفق ما أعلنه البيت الأبيض.
أبلغ مسؤول رفيع أن واشنطن ترى أن بكين قد أبدت موافقة على الاتفاق، رغم بقاء بعض الإجراءات الورقية متطلبة من كلا الطرفين ولا محادثات إضافية مقررة في الوقت الراهن.
تيك توك يحظى بحوالي 170 مليون مستخدم أمريكي، وكان ترامب يسعى إلى تفادي حظر التطبيق بموجب القانون الذي أجبر بايتدانس على تصفية أصولها الأمريكية بحلول يناير الماضي. تم إرجاء تنفيذ الموعد النهائي إلى منتصف ديسمبر بينما تعمل دارة ترامب على فصل عمليات تيك توك في الولايات المتحدة، وجذب مستثمرين أمريكيين، وضمان امتثال الصفقة لشروط التصفيه. وقد أجل البيت الأبيض الموعد أربع مرات سابقة — في فبراير وأبريل ويونيو والأسبوع الماضي.
قُدّرت قيمة الصفقة بمليارات الدولارات، بحسب مسؤول في البيت الأبيض. ومع ذلك، لا تزال عقبات تنظيمية قائمة من بينها احتمال خضوع الصفقة لمراجعات مكافحة الاحتكار. وفيما لم تُحسم قائمة المستثمرين بالكامل بعد، قال البيت الأبيض إن المواطنين الأمريكيين سيشغلون ستة من مقاعد السبعة في مجلس إدارة كيان تيك توك الأمريكي. وستحتفظ بايتدانس بحصة تقل عن 20%، فيما ستكون السيطرة التشغيلية على تيك توك في الولايات المتحدة مشتركة بين شركات أمريكية وعالمية قائمة ومستثمرين جدد غير مرتبطين ببايتدانس.
من بين الأسماء المعلنة حتى الآن: شركة رأس المال المخاطر سيلفر ليك، وشركة أوراكل، وشركة أندريسن هوروويتز. مؤسس أوراكل لاري إليسون يعد حليفاً مقرباً لترامب، بينما اعترف مارك أندريسن بزيارات متكررة لمنتجع مار‑أ‑لاجو منذ فوز ترامب في انتخابات 2024. كما أشار ترامب خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى أن عائلة مردوخ من أصحاب فوكس نيوز من بين المستثمرين في الصفقة. وقال البيت الأبيض إن قاعدة المستثمرين يجب أن تكون «وطنية» رغم عدم وضوح المعايير التي تحدد ذلك.
انتقد معارضون الصفقة معتبرين أنها ستحوّل التحكم في منصة شديدة التأثير إلى حلفاء سياسيين أثرياء لترامب، وقد تؤدي إلى رقابة على المنتقدين وتعزيز محتوى يرضي الرئيس. في المقابل، ردّ متحدث باسم البيت الأبيض بقسوة على هذه المزاعم واصفاً إياها بأنها «مؤامرة وهمية لا أساس لها».
قالت كاريولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، للصحفيين إن مستخدمي تيك توك في الولايات المتحدة سيبقون قادرين على مشاهدة فيديوهات منشورة من مستخدمين في دول أخرى وبالعكس. وأضاف البيت الأبيض أن بيانات المستخدمين الأمريكيين ستستضاف على بنية سحابية تابعة لأوراكل، وأن مهندسي الشركة المعاد هيكلتها سيكون لهم صلاحية تعديل خوارزمية التطبيق. وأكدت ليفيت أن الخوارزمية «ستُدرّب وتُعاد تدريبيها وتُشغّل في الولايات المتحدة، خارج سيطرة بايتدانس».
ذكرت وكالة أسوشيتد برس نقلاً عن مسؤولين في إدارة ترامب أن نسخة من الخوارزمية ستُسَلَّم لأوراكل كجزء من الضمانات، وهو ما قالت الإدارة إنه سيساعد في منع «التلاعب بالمحتوى الإدماني». ورد فعل المستثمرين على أنباء الصفقة كان إيجابياً بالنسبة لسهم أوراكل الذي ارتفع بأكثر من 5% في جلسة نيويورك.
توقّع البيت الأبيض أن تسهم الصفقة في توليد نشاط اقتصادي يصل إلى نحو 178 مليار دولار خلال الأربع سنوات المقبلة.
تأتي المفاوضات في ظل مراقبة أوسع لمشغلي الإعلام الأمريكيين. فقد علّق تلفزيون ABC مؤقتاً برنامج المذيع جيمي كيميل بعد تصريحات عن رد فعل إدارة ترامب على وفاة الناشط المحافظ تشارلي كيرك، في خطوة تلت ضغوطاً من مجموعة نيكستار الإعلامية التي تدير العديد من محطات التلفزيون المحليّة وتوقف بثها للبرنامج، بينما تخضع عملية اندماجها حالياً لمراجعة من وزارة العدل ولجنة الاتصالات الفيدرالية.
تتزامن صفقة تيك توك مع محادثات تجارية بين واشنطن وبكين. ترى محللة تجارة دولية أن استمرار عمليات تيك توك في الولايات المتحدة يخدم مصالح سياسية — مثل الحفاظ على انخراط الشباب — رغم مخاوف الأمن القومي التي دفعت في البداية إلى الرغبة بحظر المنصة. وبالمقابل تأمل الصين من خلال تقديم تنازلات في الصفقة أن تكسب تنازلات متبادلة من الولايات المتحدة في مسائل مثل خفض الرسوم الجمركية وتخفيف قيود الاستثمار والتقدم في محادثات رقابة صادرات أشباه الموصلات.
خلال عطلة نهاية الأسبوع التقى أعضاء من مجلس النواب الأمريكي برئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ في بكين في محاولة «لكسر الجليد» وتهيئة الأجواء للمفاوضات التجارية.