المستشار المدرسي الذي يستبدل عقوبة الحجز بنزهات مشي للطلاب

كل من قضا ظهرًا في الزنزانة المدرسية يعرف المشهد: فصلٌ صامت، مجموعة أوراق عمل، ومعلم ربما يفضّل أن يكون في أي مكان آخر. في مدرسة موريس الثانوية بمدينة باث بولاية مين، طرحت مرشدة المدرسة ومستشارة نادي الخروج، ليزلي تروندي، فكرة بديلة.

ماذا لو بدلاً من الجلوس على مكتب ثلاث ساعات كعقاب، أمكن للطالبين قضاء ساعتين يمشون خلالها في الغابة برفقة بالغ موثوق—لا يزالون يؤدون جزاءً، لكنهم أيضًا يتنفسون هواءً نقيًا، ويستفيدون من وقت للتأمل والتواصل؟

هذا السؤال دفع إلى إطلاق مسار “المشي بدل الحجز” في مدرسة موريس—خيار أسبوعي يفضّل كثير من الطلاب فيه المشي لمسافة نحو 3.5 ميل على التزام الحجز التقليدي. حظي المشروع بتغطية إعلامية في مينا بابليك وNPR ومواقع أخرى، وأثار نقاشات بين المعلّمين عن الانضباط والصحة النفسية وقوة الطبيعة.

سألنا ليزلي تروندي عن كيفية انطلاق البرنامج، كيف يطبق عمليًا، وما نصائحها لمن يفكر بتطبيقه في مدارسهم. فيما يلي حوار مقتضب معها ونصائح عملية للانطلاق.

س: ما الذي ألهمك لاقتراح المشي كبديل للحجز التقليدي؟

تروندي: في خريف 2024، كنت في سنتي الرابعة كمرشدة لنادي الخروج، وحضرت مؤتمرًا للقيادة بالمخيم ميشوانا في وينثروب، مين. هدفي كان توسيع نطاق النشاط ودعوة طلاب ربما لا يرون أنفسهم “من هواة الهواء الطلق” إلى المشاركة.

المؤتمر تزامن مع ذكرى ميلاد والدتي الثامنة والثمانين—كانت معلمة للتربية الخاصة وتحبّ العالم الطبيعى. عندما كنت صغيرة، كانت تقلب الحصى لترينا ما يختبئ تحته وتعّلمت على يديها كيف أمسك ثعبانًا صغيرًا. تلك الفضولية رافقتني دائمًا.

في العشرينات من عمري مشيت طولًا على طول درب الأبلاش من جورجيا إلى مين—ستة أشهر ونصف—وهناك قررت أن أصبح مرشدة مدرسية. المشي هو مكاني للتفكير؛ رأيت أثره على أطفالي وطلاب الرحلات، فتساءلت: هل يمكن نقل مفهوم الحجز إلى الخارج؟ هل تمشيّة في الغابة يمكن أن تكون عقابًا لكنه أيضًا شفاء؟ كان الأمر يستحق التجربة.

س: كيف عرضت الفكرة على إدارة المدرسة؟ وما كان ردهم؟

تروندي: عرضتها في اجتماع الإدارة الروتيني، شرحت الفكرة والأهداف—كيف قد يساعد الوقت في الطبيعة الطلاب على التأمل والتواصل مع المحافظة على تحمل المسؤولية تجاه المدرسة.

يقرأ  تخشى إسرائيل ألا تُعيد حماس جثثَ جميعِ الرهائن

ردّهم جاء سريعًا: “هل تريدين أن تبدئي هذا الخميس؟”

بحلول أكتوبر 2024 جرى تنظيم أول مسار. في موريس، يستطيع أي طالب محكوم بحجزٍ لمدة ساعة أو ساعتين أو ثلاث أن يختار المشي لساعتين بدلًا من الحجز. أغلب من يختارون هذا البديل يكونون مطالبين بخدمة ثلاث ساعات—غالبًا بسبب إخراج الهاتف من الحافظة المقررة أو عدم حضور حجز سابق أو تصرفات غير محترمة تجاه الطاقم أو الممتلكات أو الزملاء.

س: كيف كانت بدايات المشي، وكيف تطوّر الروتين لاحقًا؟

تروندي: كانت الرحلات الأولى جميلة—وأقصر مما توقعت قليلًا. كنا ثلاثًا إلى خمسة طلاب، وتعلّمت بسرعة كيفية ضبط وتيرة المجموعة واختيار حلقات الممر التي تطيل أو تقصر المسار.

نخرج سيرًا من المدرسة، نمر بالملاعب، ندخل طريق ويسكياغ. المسار يعبر شارعًا، يمر بمقبرة، ثم يعود إلى الغابة قبل أن يلتف نحو الحرم. أحمل دائمًا حقيبة إسعافات أولية، ووجبات خفيفة، ومياه؛ أشرح الخطة والقواعد والوجهة.

أثناء المشي يبدأ الطلاب بالحديث—عن سبب وجودهم هناك، عمّا يدور في حياتهم، أو أمور مراهقين عادية. مبكرًا جاء طالب لرحلة ثانية رغم أنه لم يكن لديه حجز؛ حينها علمت أن شيئًا يتغيّر.

س: كيف يتفاعل الطلاب قبل وأثناء وبعد الرحلات؟

تروندي: قبل الرحلة يختلف رد الفعل بحسب مستوى راحتهم معي ومع الأماكن المفتوحة. أحيانًا يقدمنا مسؤولو المدرسة أولًا، وأمرر عليهم تعليمات بسيطة عن اللباس والأدوات لتخفيف الشعور بالتوتر.

أثناء المسير أراقب باستمرار—هل هم دافئون بما يكفي؟ من يتخلف؟ من مستعد لقيادة الطريق؟ أغيّر الوتيرة، وأفصل المجموعة لبرهة من الزمن للتأمل الصامت عند اللزوم، وأتأكد من الاطمئنان على من يبدو منعزلًا أو مضطربًا. أؤكد لهم أن لدي إسعافات وخيارات طعام ومياه، وأن المشي بصمت مقبول إذا كان الكلام مرهقًا.

بعد الرحلة نعرف بعضنا بطريقة مختلفة؛ نحيّي بعضنا بالأسماء في الممر، وتبقى ذكرى مشتركة—رؤية نسر أصلع، الانزلاق على أول ثلج، أو كم كانت أحذيتنا مبتلة ذلك اليوم. أنا دائمًا أشكرهم على المشي معي، وغالبًا ما يشكرونني بالمقابل.

يقرأ  تحديد موعد دخول ساركوزي السجنلماذا سيقضي الرئيس الفرنسي السابق عقوبةً رغم الاستئناف؟

هل تريد أن تبدأ شيئًا مشابهًا؟

تروندي تحذر أن ما ينجح في ركنٍ منغمس بالغابات في مين قد يبدو مختلفًا في مدينة صحراوية أو في وسط حضري مزدحم أو ضمن سياسات منطقتها. لكنها ترى أن جوهر الفكرة—تحويل جزء من الانضباط من العقابي إلى الإصلاحي وإخراجه إلى الهواء الطلق حينما أمكن—قابل للتكييف.

نصائح عملية للمعلمين والمشرفين:

1) ابدأ بـ “من، ماذا، أين، متى، كيف”.
– من: حدد من هم المؤهلون. في موريس، أي طالب لديه حجز ساعة، ساعتين، أو ثلاث يمكنه اختيار المشي بشرط تصريح ولي الأمر.
– ماذا: وضّح البنية. رحلات تروندي مدتها نحو ساعتين، ما يعادل حجزًا تقليديًا ثلاثي الساعات. يمشي الطلاب مجموعات وفق قواعد واضحة للسلامة والسلوك واحترام البيئة.
– أين: استغل الموجود. لديهم طريق ويسكياغ، وفي الحالات الجليدية تقود جولات حضرية تنتهي بغابة إذا أمكن. إن لم يتوفر غابة، فكّر بدائرة آمنة حول الحرم، حديقة، أو شوارع الحي.
– متى: الالتزام بالموعد يساعد. في موريس تُقام الرحلات بعد المدرسة يوم الخميس تقريبًا من 2:05 إلى 4:00 مساءً.
– كيف: شارك الإدارة عن قرب. في مدرستها، تبلغ الإدارة العائلات بالخيار، وتتابع الحضور، وتدرج الرحلة كوسيلة معتمدة لأداء الحجز.

2) رتب السلامة واللوجستيات جيدًا.
– تصاريح: استفسر عن متطلبات منطقتك للأنشطة خارج الحرم أو “رحلات المشي”. تروندي تستخدم استمارة إذن رقمية لتغطية الخروج من الحرم.
– تدريب: تروندي تحمل شهادات قيادة الرحلات التعليمية وإسعافات أولية برية بالإضافة إلى تدريبها كمستشارة مدرسية. قد لا يتطلب سياقك هذا القدر، لكن تأكد من وجود بالغ واحد على الأقل مدرَّب على الإسعافات وعلى معرفة المسار.
– عُدّة: حقيبة إسعافات، وجبات خفيفة، مياه، أغطية واقية من المطر، وقبعات وقفازات احتياطية للطلاب غير المستعدين. شجّع الطلاب على ارتداء طبقات وأحذية مغلقة، وقدّم بلطف معدات إضافية إذا كانوا باردين.
– حجم المجموعة: اتفق مع الإدارة على نسبة آمنة بين الطلاب والبالغين. إذا كانت أعداد الحجز كبيرة، قد تحتاج لشخص بالغ ثانٍ أو مساعد، أو تحديد سقف لعدد المشاركين.

يقرأ  قمة عربية–إسلامية مرتقبة: إجراءات عملية متوقعة ضد إسرائيل

3) أوضح أنها لا تزال عقابًا—لكن من نوع مختلف.
بعض المنتقدين يرون أن المشي قد يبدو مكافأة. تروندي تفهم هذا القلق، لكنها تقول إن الطلاب نادرًا ما يشعرون بهكذا، خصوصًا في يوم بارد أو ممطر؛ أحيانًا يشعر المشي وكأنه عقاب—إنهم يبذلون جهدًا ويتعبون—ولكنهم خلال ذلك يشعرون بأنهم مرئيون ومدعومون. تؤطر تروندي الرحلة كـ:
– وسيلة للإصلاح (عن طريق الحديث، التأمل، والحضور)
– وسيلة لتعويض الوقت للمدرسة
– فرصة لإعادة الضبط عبر الحركة والطبيعة

4) أدرج طقوسًا صغيرة: وجبات خفيفة، قصص، وصمت.
لا تحتاج لأن تكون خبيرًا في الشعر لتقلّد فكرة تروندي بقراءة قصيدة قصيرة عن الطبيعة منتصف الطريق. البساطة أهم من الكمال. كما توصي بـ:
– استراحة متوقعة في منتصف الطريق للماء والوجبات الخفيفة
– تأمل قصير مناسب للعمر (قصيدة، اقتباس، أو سؤال)
– فترات قصيرة من المشي الصامت

“بسببي، آمل أن يقضي المزيد من الأطفال وقتًا خارجًا.”

تنوي تروندي الاستمرار في البرنامج وجمع بيانات بينما يتقدم الطلاب الذين شاركوا معها في مراحلهم الدراسية. لاحظت بالفعل نموًا في القيادة: طالبة في الصف العاشر حضرت ثلاث رحلات انضمت لاحقًا إلى نادي الخروج، صارت قائدًا معتمدًا في الرحلات وجذبت أصدقاء وشاركت في إعداد الوجبات وحتى رتّبت سرير مرشدتها في مخيم بحيرة. طالب آخر، كان متطوع إطفائيًا ويحب ركوب الدراجات الجبلية، أدى دور القائد في مسار جديد كان يعرفه جيدًا.

“أملي أن ينشأ عن هذا البرنامج أن يقضي المزيد من الطلاب وقتًا في الهواء الطلق—ليس فقط أثناء المرحلة الثانوية، بل لبقية حياتهم. إن خرج ذلك كله من حجز، فسأراه نجاحًا.”

ونصيحتها الأخيرة للمعلمين: “لا تقللوا من قدرهم. اعطوهم الخيار—ثم انظروا من سيظهر عند نقطة الانطلاق.”

إذا رغبت بالمزيد من مقالات من هذا النوع، اشترك في نشراتنا الإخبارية.

أضف تعليق