نظرة عامة:
كنا نعيّن للطلاب روايات ديستوبية عن التضحية والانهيار الأخلاقي كتحذير من ما قد يحدث حين يصبح الخوف طبعاً، وحين تنحني الحقيقة، وحين يسود القسوة في صمت. اليوم، لم تعد تلك القصص مجرد تحذير؛ نحن نعيش داخل صفحاتها.
كثيراً ما تنتشر مشاهد المعاناة المدرسية أسرع من أن تلحق بها الوقائع؛ فيديو يتكرر، تغريدة، إعادة نشر، مقطع على تيك توك، ثم يعاد تدويره حتى يصبح ضوضاء خلفية — مأساة أخرى تُدفن تحت وسوم سياسية وأسماء مستخدمين. الحقيقة تشتعل ثم تتبدد، ولا يبقى منها سوى الدخان، بينما تستمر ساعات حياة المعلمين والطلاب في التراجع.
في «1984» تُعاد كتابة الحقيقة حتى يشك المواطنون في ما رأوه. نحن المعلمون — نعيش في ازدواج التفكير، نسمع أن «لم يكن بإمكان أحد أن يتصور أن يُطلق طفل عمره ست سنوات النار» رغم أن التحذيرات سُجلت مسبقاً. هم المسؤولون — ينشرون بيانات، يعيدون تغريد التعازي، ويعيدون صياغة الحقيقة لحماية النظام الذي أخفق.
في «خروف للذبح» يُطبخ رمز البراءة ويُقدّم لإخفاء الجريمة. نحن المعلمون والأطفال — نُضحى ببراءتنا مراراً للحفاظ على المظاهر. هم الضباط — يأكلون الدليل، يسمون ما حصل «مأساة»، ويثنون على الوجبة. بعد أوفالدي، شاهدنا مؤتمرات صحفية بدل الحماية.
في «اليانصيب» يرمي الجيران حجراً في جسد أحدهم لأن ذلك ما تعودوا عليه. نحن الأسماء المسحوبة من الصندوق الأسود. هم المتفرجون — يحدّثون الحزن علناً ويعودون لحياتهم في الخفاء، يقبلون التضحية التالية كأمر محتوم. بعد ساندي هوك قلنا «لن يتكرر». لكن الحجارة لم تتوقف. كل عام اسم آخر؛ فصل دراسي آخر؛ طفل آخر. الطقوس مستمرة — حجرٌ بعد حجر، جرسٌ بعد جرس.
في «ربّ الذباب» ينهار الأطفال إلى فوضى لأن البالغين لم يعودوا. نحن المحاصرون — نبني نظاماً هشّاً من خطط الدروس وتدريبات الإغلاق. هم البالغون الذين لم يعودوا — بعيدون لدرجة أنهم لا يلاحظون أن الجزيرة ما تزال تحترق. بعد باركلاند، كان الطلاب هم من تحولوا إلى البالغين الذين كنا بحاجة إليهم — حضروا بأنفسهم بينما اختبأ آخرون وراء الشاشات.
كنا ندرس هذه الكتب لكي يتعرّف طلابنا على جذور القسوة قبل أن تستوطن. الآن ندرّسها ونحن داخل صفحاتها. كنا نظن أن القصص تنقذنا. الآن، أصبحنا نحن القصة.
قضية المحاكمة المدنية لآبي زويرنر أجبرت البلاد على مواجهة ما عرفه المعلمون منذ سنوات: تحذيراتنا تُتجاهل إلى أن يسفك الدم. في 6 يناير 2023، تعرضت زويرنر لإطلاق نار داخل صفها الابتدائي بعد أن أخطرت الإداريين بأن الطالب كان يحمل سلاحاً. تدّعي دعواها أن الحيّرة تجاهلت تحذيرات متكررة (CourtTV، 2025). رباطة جأشها بعد إطلاق النار — إذ هدَت عشرين طفلاً مرعوباً إلى بر الأمان — وُصفت بالبطولية. لكن كان يجب ألا تكون ضرورية.
التدريس في أميركا أصبح عملاً من الشهادة الصامتة — مهنة تقتات على الصبر وتدفع ثمن الحماية التي لا تأتي. وفقاً للمركز الوطني للإحصاءات التعليمية (2024)، واحد من كل خمسة معلمين يبلغ عن شعور بعدم الأمان في المدرسة، وحوالي 60% فكروا في ترك المهنة خلال العام الماضي. وجدت الجمعية النفسية الأميركية (2023) أن المعلمين يتعرضون لمعدلات أعلى من الصدمة الثانوية مقارنةً بالعاملين في الرعاية الصحية، غالباً نتيجة لتكرار تدريبات الإغلاق والتعرّض لعنف الطلاب. كثيرون منا يقشعرون عند صوت مكبر الصوت — العبارة المشفّرة «هذه تمرين إغلاق». ينام بعضنا بعد ذلك بصعوبة. نمزح لنتجاوز الأمر، لكن طعم النكات يذكرنا بالحديد.
نحن الحُراس، المستشارون، الدروع البشرية. هم صناع السياسات والإداريون الذين يمدحون شجاعتنا بينما يرفضون تمويل إجراءات السلامة أو موارد الصحة النفسية. يُتوقَّع منا أن نكون قديسين وجنوداً في آنٍ واحد، أن نموت لحماية أطفال قد يصوّت آباؤهم ضد سياسات كانت ستحمينا.
العبء النفسي هائل. أظهر تقرير راند (2023) أن الإرهاق المهني عند المعلمين في مستوى تاريخي، حيث وصف 52% منهم ضغوطاً متكررة مرتبطة بالعمل و44% أبلغوا عن أعراض اكتئابية. سجّلت مراكز السيطرة على الأمراض (2023) زيادة حادة في مطالبات الصحة النفسية لدى العاملين في التعليم بعد حوادث إطلاق نار كبرى، حتى بين غير المتأثرين مباشرة. تدريبات الإغلاق — التي كانت تُروَّج كإجراءات وقائية — أعادت ترويع المعلمين والطلاب. الأطفال يبكون. المعلمون يرتجفون. والدرس يستمر كما لو لم يحدث شيء.
نحن المعلمون — نؤدي رباطة الجأش للأطفال بينما قلوبنا تسرع. هم المراقبون — يشاهدون تسجيلات تدريباتنا، يثنون على هدوئنا، ثم يغيّرون القناة.
بعضنا آباء أيضاً. قد يجلس أطفالنا على بُعد صفوف قليلة بينما نتعلّم كيف نتلقى الرصاص بدلاً منهم. يُطلب منا الاختيار — الغريزة أم الواجب — ووجود السؤال بحد ذاته جرح.
سلامة المعلمين وصحتهم النفسية ليست قضايا هامشية؛ بل هي أساس التعليم. جمعية التعليم الوطنية (NEA، 2024) تطالب بالاستثمار الفيدرالي في متخصصي الصحة النفسية المدرسية، وتعزيز البنية الأمنية، وتدريب مبني على فَهْم الصدمات. لكن السياسة بلا محاسبة تظل عنواناً آخر لا أكثر.
نحن المعلمون — ننزف من جراء تقليص الميزانيات والإرهاق. هم المشرّعون — يمررون المسؤولية حتى تقع، مجدداً، بين أيدينا.
إن كانت الأمة فعلاً تؤمن بأننا أبطال، فيجب أن تتوقف عن طلب أن نكون شهداء. عليها أن تتوقف عن طلب التضحيات وتبدأ بتقديم الحماية.
يومياً يدخل المعلمون صفوفاً تحوّلت إلى ميادين قتال من الخوف والتوقع. نغطي النوافذ بشريط لاصق، نرص الطاولات أمام الأبواب، نهمس «أحبكم» لطلابنا قبل بدء التدريبات. نفعل ذلك لأننا نحبهم — لأنهم أطفال، ولأن أحداً يجب أن يفعل.
كنا ندرس «اليانصيب» لنعلم طلابنا أن يتساءلوا عن الطقوس التي يقبلها المجتمع. الآن نعيش داخل طقسٍ — نراقب الأسماء تُسحب من صندوق الصدفة الأسود. كنا نقول إن «1984» خيال. الآن نصحّح السجل همساً.
نحن المعلمون — ننزف، نحداد، نصبر. هم الذين يملكون السلطة لإيقاف هذا — لو اختاروا أن يروا.
السؤال ليس إن كان المعلمون سيستمرون في الحضور. السؤال هل ستقرر أميركا أخيراً أن حياتنا — وحياة طلابنا — تستحق أكثر من مؤتمر صحفي آخر.
ـ ـ ـ
كِيلسي ترمبل معلمة سابقة شغوفة أصبحت طالبة دراسات عليا تركز على المشورة السريرية للصحة النفسية. كأم فخورة لطفلين، أعرف أهمية رعاية العقول والقلوب الصغيرة؛ لذلك أسست Kid Thrive Academy، برنامج إثرائي للأطفال. أنا متحمّسة لتعزيز الأجساد والعقول الصحية وأسعى لنشر الرفاهية لدى الجميع!
المراجع (نمط APA):
– American Psychological Association. (2023). تقرير إجهاد المعلّمين والصدمة الثانوية. واشنطن، دي.سي.: APA.
– Centers for Disease Control and Prevention. (2023). الصحة النفسية للعاملين في التعليم، الولايات المتحدة. أتلانتا، GA: CDC.
– CourtTV. (2025). تغطية المحاكمة المدنية لآبي زويرنر. مسترجَع من https://www.courttv.com
– National Center for Education Statistics. (2024). مسح سلامة المناخ المدرسي. واشنطن، دي.سي.: وزارة التعليم الأمريكية.
– National Education Association. (2024). ورقة سياسات: حماية المعلّمين والطلاب من خلال إصلاح أمني شامل. واشنطن، دي.سي.: NEA.
– RAND Corporation. (2023). تقرير رفاه المعلم والإرهاق. سانتا مونيكا، CA: RAND.