اعتبرت نائبة حزب العمال والوزيرة السابقة توليب صديق أن الحكم عليها بالسجن لمدة عامين في بنغلادش «ظالم إلى حد بعيد»، بعد إدانتها غيابياً بتهم فساد تنفيها بشدة.
أدانتها المحكمة بأنها تدخلت لدى خالتها، رئيسة وزراء بنغلادش التي أُطيحت من منصبها، لتأمين قطعة أرض لعائلتها في ضواحي دكا، وهو ما تنكره صديق نفياً قاطعاً. وصفت النائبة المقيمة في لندن الإجراءات بأنها «معيبة ومهزلة منذ البداية حتى النهاية»، وأضافت أنها «مندهشة تمامًا» لعدم تلقي أي اتصال من السلطات البنغالية رغم ما وصفته بالتشهير المستمر منذ عام ونصف.
وقالت صديق إنها لم تتلقَّ أي استدعاء أو لائحة اتهام أو مراسلات رسمية، مؤكدة: «أنا ليست بصعوبةٍ عن العثور؛ أنا برلمانية». وكشفت أنها استعانت بمحامين في المملكة المتحدة وبنغلاديش، ووصفت الوضع بأنه «كابوس كافكائي»، مشيرة إلى أنها علمت بالإدانة من الصحف فقط واصفة ما حدث بأنه «محاكمة عبر وسائل الإعلام»، وهو ما اعتبرته ظلماً صارخاً.
منذ الإطاحة بنظام حزينة، شرعت النيابات في بنغلادش في سلسلة من القضايا الواسعة النطاق ضد الزعيمة السابقة ومقربيها وأفراد عائلتها. ومحاكمة صديق، التي استقالت من منصب وزيرة الخزانة في يناير إثر جدل حول علاقاتها بخالتها، جرت في دكا منذ أغسطس، وما تزال تواجه اتهامات أخرى معلّقة.
تضمنت وثائق المحكمة اتهامات تفصيلية بأن صديق «أجبرت وأثرت على خالتها والزعيمة السابقة باستخدام سلطتها الخاصة لتأمين [قطعة أرض] لأمها ريحانة صديق، وأختها أزمنة صديق، وأخوها رضوان صديق». وقال مدعٍ عن لجنة مكافحة الفساد البنغالية إن صديق حوكمت كمواطنة بنغلادشية بعد أن امتلكت السلطات جواز سفر وبطاقة هوية ورقم ضريبي بنغلاديشيين. لكن محاميها نفوا أنها مواطنة بنغلادش وأكدوا أنها «لم تحمل بطاقة هوية أو بطاقة ناخب قط، ولم تستخدم جواز سفر منذ طفولتها».
أصدرت قاضية الجلسة، ربيعول ألام، حكماً بسجنها عامين وغرامة بمقدار مئة ألف تاكا (حوالي 821 دولارًا أو 620 جنيهًا إسترلينيًا)، مع شرط إضافة ستة أشهر للحكم في حال عدم سداد الغرامة. عند بدء المحاكمة، اتهمت النائبة المدعين بـ«ترويج ادعاءات كاذبة ومزعجة بُرِّرت لوسائل الإعلام ولم تُعرض عليَّ قط من قبل المحققين».
وجاء في بيان باسمها: «أنا أوضحت منذ البداية أنني لم أفعل شيئًا خاطئًا وسأرد على أي أدلة موثوقة تُعرض عليَّ. الاستمرار في تشويه سمعتي لكسب نقاط سياسية أمر بلا أساس وضار». من جهته، قال متحدث باسم حزب العمال إن الحزب لا يعترف بهذا الحكم، مشيرًا إلى أن محامين مرموقين أشاروا إلى افتقاد توليب صديق الوصول إلى عملية قانونية عادلة وعدم إبلاغها بتفاصيل التهم رغم الطلبات المتكررة المقدمة للسلطات عبر فريقها القانوني.
وللاسف، لم تُفتح ضد صديق تحقيقات حزبية أو إجراءات تأديبية داخل الحزب؛ وهي تحتفظ بعضويتها في حزب العمال وبدعم الحزب داخل مجلس العموم. وفي الأسبوع الماضي، أعربت مجموعة من كبار المحامين في رسالة موجهة لممثل بنغلادش في المملكة المتحدة عن قلقها بشأن سير المحاكمة، ووقّع على البيان أسماء بارزة من بينهم وزير العدل السابق روبرت باكلاند، والمدعي العام السابق دومينيك جريف، والناشطة الحقوقية والمحامية ليدي شيري بلير، التي انتقدوا فيها عدم حصول صديق على تمثيل قانوني مناسب خلال المحاكمة ووصفوا المسار القضائي بأنه «مصطنع ومختلق وغير عادل».
يأتي حكم إدانة صديق بعد أسبوعين من صدور حكم بالإعدام بحق شيخ حسينة في محاكمة منفصلة تتعلق بدورها في حملة قمع عنيفة ضد احتجاجات أدت في نهاية المطاف إلى الإطاحة بها في يوليو 2024. أُدينت حسينة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية على خلفية وفاة ما يقدر بنحو 1400 شخص على أيدي قوات الشرطة، وأُجريت محاكمتها أيضاً غيابياً حيث تقيم في المنفى في الهند منذ إزاحتها من السلطة. نفت الاتهامات الموجهة إليها.
سديق، التي والدتها أخت رئيسة الوزراء السابقة، لا تزال تواجه عدداً من التهم المعلقة في بنغلاديش، بما في ذلك محاكمتان جاريتان تتعلقان بالادعاءات التي كانت محور حكم يوم الاثنين.
كما تُجرى تحقيقات بشأن ما يُزعم أنه نقل لشقة في منطقة راقية بدكا إلى شقيقتها.
وتشمل التحقيقات أيضاً اتهامات بالاختلاس مرتبطة بصفقة عام 2013 تبلغ قيمتها نحو 3.9 مليار جنيه إسترليني، ومرتبطة بمشروع محطة نووية ممول روسياً.
أنكرت سديق مراراً ارتكاب أي مخالفة بشأن تلك الادعاءات، التي انطلقت من مزاعم قدمها بوبي حجاج، أحد منافسي حسينة سياسياً.
وقالت السلطات البنغلاديشية إنها تقدر أن نحو 234 مليار دولار اُستُحوذ عليها عبر الفساد خلال فترة حكم حسينة.
ورداً على الحكم الأخير، وصفت رابطة عوامي، الحزب الذي تقوده حسينة، القرار بأنه «متوقع تماماً» ونفت نفياً قاطعاً الاتهامات الموجهة إلى رئيسة الوزراء السابقة وأفراد عائلتها. وأضافت الرابطة أن «الإجراءات لا تجتاز أي اختبار معقول للعدالة القضائية» — وهي نقطة شدد عليها خبراء قانونيون محليون ودوليون.
واتهمت حسينة أيضاً القضاء البنغلادشي بأنه خاضع لسيطرة حكومه غير منتخبة تُدار من قبل خصوم رابطة عوامي السياسية، أي الحكومة المؤقتة برئاسة الدكتور محمد يونس.
وقبل استقالة سديق من الحكومة البريطانية، قال المستشار الأخلاقي المستقل للسير كير ستارمر، السير لوري ماغنوس، إنه لم يجد «ادلة على مخالفات» بعد إجراء تحقيق، لكنه وصف بأنه من المؤسف أن سديق لم تكن أكثر انتباهاً للمخاطر المحتملة على سمعتها.
ومع أنها استمرت في التأكيد على براءتها، استقالت من منصبها الوزاري الصغير حتى لا تشكل «مصدر إلهاء» للحكومة.
المملكة المتحدة لا تملك اتفاقية تسليم متهمين مع بنغلاديش؛ وتُصنف الأخيرة ضمن فئة 2B، ما يعني أن المحامين والقضاة بحاجة إلى أدلة واضحة لتأييد أي طلب تسليم.
ولم تُجبر سديق على العودة إلى دكا لخوض المحاكمة رغم صدور مذكرة توقيف بحقها هناك.