في جبال جنوب شرق افغانستان تحولت قرىٌ بأكملها إلى أكوام من الحجارة والطين.
بعد نحو أسبوع على زلزال مدمِّر ضرب إقليم كونر، يترحّم الأهالي على ذويهم ويحاولون معرفة كيف سيصمدون بعدما فقدوا كل شيء.
ضربةٌ ارتدادية بقوّة 6.0 درجة هزّت المنطقة الجبلية النائية نهاية الأسبوع الماضي، وأودت بحياة أكثر من 2,200 شخص.
«الضحايا أمام خيارين فقط: الرحيل أو الموت»، هذا ما نقله مراسل الجزيرة علي هاشم من مركز الهزة في إقليم كونر.
تلت الزلزال هزّات ارتدادية قوية يوم الجمعة، أُصيب على أثرها ما لا يقل عن عشرة أشخاص، ما زاد المخاوف من مزيد من القتلى والدمار.
المقيم غُل رحيم من إقليم كونر فقد 63 من أفراد أسرته جراء الزلزال، من بينهم ابنته ذات الخمس سنوات فاطمة.
يحاول رجل إزالة ركام منزل منهار في منطقة مزار دارا بإقليم كونر، بينما تصطف الحجارة وأطلال البيوت حوله.
«كنا نائمين في بيوتنا عندما ضرب الزلزال منتصف الليل. انهارت كل البيوت وملأ الصراخ المكان»، قال رحيم للجزيرة جالسًا على أنقاض منزله حاملًا بعض الأكياس التي جمع فيها ما تبقّى من مقتنياته.
«نجوتُ أنا، لكن ابنتي الصغرى كانت محاصرة في الداخل تصرخ: «أبي اخرجني من هنا!» وبحلول الوقت الذي وصلناها فيه، كانت قد فارقت الحياة»، وأضاف بصوت يعتصره الحزن.
«كانت أصغر بناتي وأحبّهن إليّ».
أوضح رحيم أن نحو مئة من جيرانه لقوا حتفهم أيضًا في الزلزال.
«القتلى والجرحى لا يُحصون. كان الزلزال مفزعًا ويقود الناس إلى اليأس»، قال.
الغالبية العظمى من الضحايا من إقليم كونر، حيث يسكن السكان في بيوت مبنية من الخشب والطابوق الطيني على امتداد وديان أنهارٍ شديدة الانحدار ومحاطة بجبال شاهقة.
أعلنت منظمة الصحة العالمية أنّه حتى الثالث من سبتمبر تدمّرت على الأقل 6,700 منزل.
قال رحيم للجزيرة إنه بات يعيش في خيمة، وهو قلق مع اقتراب شتاء تُلقي فيه المنطقة «ثلوجًا كثيفة».
«ما نحتاجه الآن أكثر من أي شيء بيوتٌ صالحة لنواجه البرد»، قال. «أناشد العالم كله، مسلمين وغير مسلمين، أن يساعدونا. لقد خسرنا كل شيء، حتى المواشيي والدواجن. لا يبقَى لدينا شيء».
جهود الإنقاذ مستمرة
الطرقات الخطرة، والهزّات الارتدادية المستمرة، ومحدودية المساعدات تركت العديد من المجتمعات معزولة.
«الوصول إلى هنا كان تجربة مريرة»، روى هاشم. «قضينا ساعات بصحبة طرق وعرية على حافة الهاوية، والهزّات الارتدادية تهتز تحتنا حتى وصلنا أخيرًا».
بينما كان فرق الإنقاذ «تعمل على مدار الساعة» بحثًا عن ناجين، بدأ الأمل يتراجع، حسب هاشم. «حصيلة القتلى الرسمية ليست نهائية، ومع وجود الكثيرين المفقودين من المؤكد أن العدد سيرتفع».
أفادت منظمة الصحة العالمية أن الانهيارات الأرضية وطرق الانقطاع أعاقت عمل الإغاثة، وطالبت بتوفير أربعة ملايين دولار لتمويل «تدخلات صحية تنقذ الأرواح» إلى جانب دعم أنشطة المياه والصرف الصحي والنظافة للمقيمين.
«هم بحاجة إلى مساعدات غذائية، إلى الأمان، وإلى دواء للأطفال»، قال المتطوّع عبد الرحمن شرافات للجزيرة.
تتعرض أفغانستان لزلزال قوي لأنّها تقع عند تقاطع صفائح هندية وأوراسية. ففي أكتوبر 2023 عانى إقليم هرات من زلزال قوّته 6.0، أودى بحياة أكثر من 2,000 شخص، وفي العام الذي سبقه ضرب زلزال قوّته 6.1 محافظات شرقية كالبكتيكا وبكتيا وخوست وننغرهار، مخلفًا نحو ألف قتيل.