الهجمات الإسرائيلية والتجويع القسري أودت بحياة ٦٢٬٠٠٠ فلسطيني في قطاع غزة

أكثر من 62,000 فلسطيني قضوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي خلال ما يقرب من عامين من الحرب التي توصف بالإبادة الجماعية على غزة، حيث تتعرَّض سكّان القطاع لقصفٍ متواصلٍ بلا ملاذ آمن داخل القطاع المحاصَر، ولتجويع متعمد تفاقم مع القتل اليومي للأشخاص الذين يخرجون بحثًا عن قوتٍ لعائلاتهم.

تنامي الضربات على مدينة غزة — أكبر المراكز الحضرية في القطاع والتي باتت الآن مدمرة — يرافق خطة إسرائيلية للسيطرة عليها ونقل عشرات الآلاف قسرًا إلى مناطق تركّز في الجنوب. منذ فجر الاثنين قُتل ما لا يقل عن 26 فلسطينيًا في هجمات إسرائيلية على امتداد القطاع، بينهم 14 كانوا يسعون للحصول على مساعدات.

قال طارق أبو عزوم مراسل الجزيرة من دير البلح: «الضربات الإسرائيلية مستمرة، لا هوادة فيها، في الجزء الشرقي من مدينة غزة. حجم الهجمات يكشف كيف تشكل الاستراتيجية الإسرائيلية الحالية جغرافيا وديموغرافيا القطاع». وأضاف: «نرى كيف تستخدم إسرائيل المدفعية الثقيلة والمقاتلات والطائرات المسيرة لتدمير ما تبقى من المنازل السكنية هناك. المشهد التدميري فاق كل التوقعات».

وأوضح بأن «التكتيك العسكري الحالي يمهّد للسيطرة البرية ويحوّل الأحياء السكنية إلى مناطق حطام. الناس يؤكدون أن الهجمات تحدث ليلًا ونهارًا».

الكثير ممن نزحوا مرات عدة خلال هذه الحرب يعيدون التحرك مجددًا بعيدًا عن مدينة غزة، بينما يظل آخرون في أماكنهم.

طفل فلسطيني يسافر على عربة يجرها حمار بينما القوات الإسرائيلية تستعد للسيطرة على مدينة غزة ونقل السكان قسرًا إلى مناطق التجميع في الجنوب (18 أغسطس 2025 ــ محمود عيسى/رويترز)

كانت المدينة هدفًا رئيسيًا لغارات جوية الأحد التي أودت بحياة ما يقرب من ستين شخصًا، وتستهدف إسرائيل أيضًا مراكز الرعاية الصحية المتبقية هناك.

ومع بقاء كثير من الفلسطينيين في المدينة المدمرة محاصرين في أنقاض المباني أو ملاجئٍ مؤقتة أو خيام، يقول بعضهم للجزيرة إنه من المستحيل عليهم المغادرة. كتب أحد النازحين، بلال أبو سِطّة: «كيف أذهب؟ أحتاج نحو 900 دولار للمغادرة — لا أملك حتى دولارًا واحدًا. كيف أصل إلى الجنوب؟»

يقرأ  رصد عالمي للجوع يؤكد: مجاعة تضرب شمال غزة

ويرفض آخرون وعود إسرائيل بالمأوى والمساعدات. قال نعمان حمد: «لا نريد من إسرائيل أن تعطينا شيئًا. نريد فقط أن تسمح لنا بالعودة إلى منازلنا التي هجرنا منها — لا نطلب أكثر من ذلك.»

لوحة أمل طفيفة ظهرت بعد أن أعلنت حماس موافقتها على مقترح وقف إطلاق نار تقدمت به دولة قطر ومصر أمس. مصدر مطلع أخبر الجزيرة أن مشروع الاتفاق يقضي بهدنة لمدة 60 يومًا تتضمن إطلاق سراح نصف المحتجزين الإسرائيليين لدى غزة، بالإضافة إلى عدد غير محدد من الفلسطينيين المعتقلين لدى إسرائيل.

غير أن أهل غزة شهدوا وعودًا كاذبة مرارًا، وبعد هدنةٍ قصيرةٍ في يناير أنهتها إسرائيل في مارس دخلت الحرب مرحلة أكثر قتامة من المعاناة الإنسانية.

«إسرائيل تنفّذ حملة متعمّدة لتجويع السكان»

تقول وزارة الصحة في غزة إن خمسة فلسطينيين إضافيين ماتوا جوعًا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية نتيجة الحصار القاسٍ المستمر منذ شهور، بينهم طفلان. وبالمحصلة اجمالي عدد من توفوا جوعًا، وفق الوزارة، بلغ على الأقل 263 شخصًا بينهم 112 طفلاً.

وحذّر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن أكثر من 320,000 طفل — وهو مجموع السكان دون سن الخامسة في غزة — مهدّدون بسوء تغذية حاد حتى يوليو 2025. وتعيش العائلات على حدّ أقصىٍ من المواد الغذائية الأساسية مع غياب شبه تام للتنوّع الغذائي، ودعا البرنامج إلى وقف فوري لإطلاق النار للسماح بتوصيل مساعدات إنسانية واسعة النطاق.

تقول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن الأطفال المفترض أن يستعدّوا للعام الدراسي الجديد يقضون وقتهم في البحث عن الماء والوقوف في طوابير الطعام والعيش في صفوفٍ دراسية تحوّلت إلى ملاجئ مكتظة. وحذرت الأونروا من أن الأطفال فقدوا ثلاث سنوات من التعليم بالفعل، مما يهدّد بظهور «جيل ضائع»، وجددت دعوتها لوقف فوري لإطلاق النار.

يقرأ  فرقُ الإنقاذِ النيجيريةِ تواصلُ البحثَ عن عشراتِ المفقودينَ

ندّدت منظمة العفو الدولية بتدمير إسرائيل «بشكل منهجي لقطاع الصحة ولرفاهية والنسق الاجتماعي للحياة الفلسطينية». واستشهد تقرير للمنظمة بشهادات نازحين وطواقم طبية تعاملت مع أطفالٍ يعانون من سوء تغذية، مؤكدًا أن «إسرائيل تنفّذ حملة متعمدة لتجويع سكان قطاع غزة المحتل».

وفي الوقت نفسه، تقول منظمة أطباء بلا حدود (MSF) إن فرقها في غزة تشهد تصاعدًا في أعداد الإصابات الجماعية المرتبطة بالحصار المستمر وإدارة توزيع المساعدات بشكل محدود من قبل منظمة GHF المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل.

قالت نور السقا من أطباء بلا حدود: «القتل العشوائي وحصيلة الإصابات الجماعية التي ما زلنا نشهدها يوميًا لم تتوقف، بل تكاثرت». وأضافت أن أحد مرافق المنظمة في رفح، القريب من مركز توزيع المساعدات، ممتلئ بالجرحى الفلسطينيين بمن فيهم أطفال. وقالت: «نتلقى إصابات طفولية ووفيات في مواقع التوزيع. يصل أشخاصٌ مصابون بطلقات نارية وإصابات متنوعة مرتبطة بتوزيع المعونات…» النص المرسل فارغ؛ لايوجد فيه ما يستدعي إعادة صياغة أو ترجمة.