الهند تعيد فتح سفارتها في كابول وتستأنف أعلى مستوى من التعامل الدبلوماسي مع طالبان منذ 2021
أعلنت نيودلهي تحويل مهمتها الفنية في كابول إلى سفارة كاملة الصلاحيات، في خطوة تُعد أول تواصل دبلوماسي رفيع المستوى مع إدارة طالبان منذ سيطرتها على السلطة عام 2021 بعد انسحاب الولايات المتحدة وسقوط الحكومة السابقة. يأتي هذا القرار عقب محادثات رسمية بين وزير الخارجية الهندي سوبراهمانيام جايشكر ونظيره الأفغاني في نيودلهي.
قال جاياشانكار في مؤتمر صحفي مشترك إن “تعزيز التعاون بيننا يساهم في تنمية أفغانستان الوطنية، كما يدعم الاستقرار والمرونة الإقليمية”، مشيداً بالتزام الهند بسيادة ووحدة أراضي واستقلال أفغانستان. وشكر الوزير الأفغاني على “دعوة الشركات الهندية لاستكشاف فرص التعدين في البلاد”.
تأتي هذه الخطوة بعد أن أُغلِقت السفارة عام 2021 إثر انسحاب القوات التي تقودها الولايات المتحدة من أفغانستان؛ ومع ذلك حافظت الهند منذ ذلك الحين على بعثة محدودة تُعنى بالشؤون التجارية والطبية والإنسانية، وأُعيد تفعيل وجودها الآن بشكل رسمي.
من جانبه أكد وزير خارجية طالبان أمير خان مُتقي أن كابول “سعت دوماً إلى علاقات طيبة مع الهند”، مشيراً إلى جهود بلاده في مكافحة الإرهاب وتعهد بأن النظام لن يسمح باستخدام الأراضي الأفغانية لتهديد دول أخرى.
أثارت الزيارة جدلاً بعد منع الصحفيات من حضور المؤتمر الصحفي، وهي خطوة يُعتقد أنها بطلب من الوفد الأفغاني، في ظل تراجع حاد لحقوق النساء والفتيات في التعليم والعمل منذ سيطرة الحركة، ما أثار إدانات دولية واسعة.
وفي سياق حقوق الإنسان، أصدر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في تموز/يوليو مذكرات توقيف بحق اثنين من كبار قادة طالبان بتهم ارتكاب انتهاكات ضد النساء والفتيات. ورأت قاضيات المحكمة “أسساً معقولة” للاشتباه بأن زعيم الحركة هيبت الله أخوندزاده ورئيس القضاء عبد الحكيم حقاني متورطان في اضطهاد قائم على أساس الجنس.
وصل وزير الخارجية الأفغاني إلى نيودلهي بعد منح لجنة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة استثناء سفر مؤقت له، علماً أن مُتقي يُدرَج ضمن شخصيات طالبان الخاضعة لعقوبات أممية تتضمن حظر سفر وتجميد أصول.
في كابول توجد بعثات دبلوماسية عشرات الدول من بينها الصين وروسيا وإيران وباكستان وتركيا، إلا أن موسكو تبقى الدولة الوحيدة التي اعترفت رسمياً بحكومة طالبان حتى الآن. ويذكر أن الهند رفضت الانخراط مع طالبان خلال حكمهم الأول (1996–2001) ولم تعترف به، بينما اعترفت بهم باكستان والإمارات والسعودية فقط ذلك الحين.
تاريخياً، دعمت الهند حكومة محمد نجيب الله المدعومة سوفيتياً، وأغلقت سفارتها عند صعود طالبان متهمة إياهم بأنهم وكلاء لأجهزة استخبارات باكستانية. ودعمت نيودلهي بدلاً من ذلك تحالف الشمال المعارض للحركة. بعد الإطاحة بطالبان في 2001 أعادت الهند افتتاح سفارتها واستثمرت أكثر من ثلاثة مليارات دولار في مشروعات بنية تحتية وصحة وتعليم ومياه، وفق وزارة الخارجية الهندية.
على الصعيد الإقليمي، شكّلت دول الجوار، بينها الهند، جبهة نادرة موحّدة معارضة لأي محاولات لنشر “بُنى عسكرية” في أفغانستان، في مواجهة ضغوط أمريكية لاستعادة قاعدة باغرام، وهو ما أعاد إلى الواجهة تحالف موسكو لاستشارات أفغانستان الذي يشمل، جنباً إلى جنب مع الهند وباكستان، روسيا والصين وإيران ودول آسيا الوسطى، وجميعهم يعارضون بشدة أي وجود أمريكي عسكري متجدد في البلاد.