الولايات المتحدة تبدو مؤيدة لخطة تقسيم غزة وإعادة إعمار الجزء الخاضع لسيطرة إسرائيل

الخارجية الأمريكية تُعلن دعمها لخطة إنشاء «مجتمعات بديلة آمنة» في غزة

أفاد متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية لقناة الجزيرة بأن واشنطن تؤيّد ما سمتْه «نهج المجتمعات البديلة الآمنة» (ASC)، معتبرةً أن هذه الخطوة «الأكثر فعالية لتحقيق» الهدف المتمثل في «نقل الناس إلى أماكن إقامة آمنة بأسرع وقت ممكن».

خلاصة الخطة ومسارها المضيء
في الأسابيع الأخيرة طفت على السطح اقتراحات تقضي بتقسيم القطاع إلى «منطقة خضراء» تحت سيطرة إسرائيل و«منطقة حمراء» تخضع لسيطرة حركة حماس. ورغم غياب تفاصيل واضحة ولا تزال المعالم العامة متقلبة، تشير تقارير مثل تلك التي نشرتها نيويورك تايمز إلى أن إعادة الإعمار قد تُجرى فقط في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل، بينما تُترك مناطق وجود حماس خارج نطاق إعادة الإعمار.

مسؤولون أمريكيون قالوا إن تركيزهم الفوري هو «تأمين مساكن عاجلة في غزة»، وأضاف المتحدث أن الجهود الأمريكية موجهة إلى إعادة الإعمار في الأماكن التي يقيم فيها معظم السكان حالياً، لكن لم يتضح بعد ما إذا كان ذلك يشمل مناطق لا تخضع لسيطرة إسرائيل ضمن إطار ASC أم أن الهدف هو دفع غالبية السكان للانتقال إلى المناطق الخاضعة لإسرائيل.

مقترح المجمعات المؤقتة وصعوبات التطبيق
تحدّثت تقارير عن أن مجمعات ASC قد تكون عبارة عن حاويات سكنية لإيواء 20 ألفاً إلى 25 ألف شخص بالمجمع الواحد — تشبه تلك المستخدمة في الإغاثة عند الكوارث — لكن لا شكوك حول كيفية توسيع هذه المجمعات لتستوعب جميع الفلسطينيين في القطاع.

من غزة قال حسين، من سكان مدينة غزة: «لو استطاعوا إقامة وضع سليم قد ينتقل الناس، لكنه ليس مجدياً عملياً. ماذا سيؤسسون وبأي بنية تحتية؟ هناك حاجة إلى مياه وكهرباء؛ سيستغرق الأمر سنوات».

يقرأ  الهند ضد باكستان — سوبر فورز كأس آسياموعد المباراة · التذاكر · تشكيلة الفرقأخبار الكريكيت

الخسائر والدمار والحاجة إلى تمويل
أسفرت الحرب الإسرائيلية في غزة عن سقوط أكثر من 69,700 قتيلاً فلسطينياً. وبعد أكثر من شهر على دخول هدنة رسمية حيز التنفيذ، لا تزال الأسئلة كثيرة حول المرحلة التالية من الاتفاق وموعد بدء إعادة الإعمار الشامل. ومع ذلك تواصل إسرائيل هجمات متقطعة، راح ضحيتها منذ بدء الهدنة في 10 أكتوبر ما لا يقل عن 347 شخصاً.

تعيش الغالبية ظروفاً بالغة الصعوبة؛ فحوالي 1.9 مليون شخص مهجّرون داخل القطاع، وكثيرون منهم اضطروا للفرار مرات متعددة، وقد تضرر أو تَحَوّلَ 92% من المساكن في غزة إلى مبانٍ متضرِّرة أو أنقاض، ما أبقى مئات الألوف في خيام مع اقتراب فصل الشتاء — وضع هش للغاية.

جاء تدمير المباني نتيجة الغارات الجوية والقصف الإسرائيليين، بالإضافة إلى سياسة ممنهجة لهدم مناطق واسعة من الإقليم.

الإجراءات الميدانية والجدول الزمني والتكلفة
نقلَت الصحافة عن مسؤولين أن أول مجمع ASC لا يزال يبعد أشهر عن الانتهاء، وأن جنوداً إسرائيليين سيبدؤون هذا الأسبوع بأعمال تطهير حول ما تبقى من رفح في الجنوب، لكن تلك الأعمال قد تتأخر حال اكتشاف أنفاق أو ذخائر غير منفجرة أو بقايا بشرية.

قدّر مشاركان في المشروع أن كلفة المجمع الأول قد تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات، بينما تُقدّر كلفة إعادة إعمار غزة ككل بما لا يقل عن 70 مليار دولار وقد تمتد لعدة عقود. مصدر تمويل هذه العمليات لا يزال غامضاً.

من سيدفع ثمن المجتمعات البديلة؟
لا تزال مسألة تمويل ASC غامضة أيضاً؛ إذ أُفيد أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب استبعدت تمويل بنائها، بينما لم تُحسم مواقف السياسيين الإسرائيليين بعد. لم يُدلِ المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بتصريح حول التمويل، ولم يرد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على طلبات للتعليق.

يقرأ  مبابي يرتقي إلى مستوى هنري بينما تتجاوز فرنسا أوكرانيا بسهولة في مباراة كأس العالم — أخبار كرة القدم

ضوابط الدخول والانعكاسات الإنسانية
تفترض الخطة أن جذب الناس إلى «المنطقة الخضراء» يمكن أن يتحقق عبر توفير الأمن والتنمية وربما الوصول إلى الرعاية الصحية والضمانات الاجتماعية، لكن الوصول إلى تلك المنطقة سيكون مقيداً بشدة أمام الفلسطينيين، ومن المرجح أن يستمر هذا التقيد.

ذكرت نيويورك تايمز أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قد تجري فحوصات خلفية على من يطلبون اللجوء إلى المجمعات، مما يمنح إسرائيل حق الاعتراض على دخول أشخاص بعينهم. وأعرب دبلوماسيون أوروبيون عن قلقهم من أن معايير القبول قد تستثني أعداداً كبيرة من الفلسطينيين، بمن فيهم موظفو الدولة مثل عناصر الشرطة والكوادر الطبية الذين عملوا تحت إدارة حماس لمدة 18 عاماً، إضافة إلى عائلاتهم.

منظمات الإغاثة رأت أن تقديم المساعدات حصراً في مناطق محددة واستبعاد مناطق أخرى يتعارض مع المبادئ الإنسانية. قالت تمارا الرفاعي، مديرة العلاقات الخارجية في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا): «نقدّم المساعدة حيث يوجد الناس. لا نوفّر الخدمات حيث نرغب في أن يكونوا. ذلك يتناقض مع فلسفة العمل الإنساني والتنمية بأكملها». وأضافت: «القضية تتعلق بتوصيل الخدمات التي يحتاجها الناس إلى حيث هم، لا بابتكار قرية مصطنعة وفرض خدمات مفترضة عليهم».

تقسيم وإمكانية تحوّل إلى فصل دائم
أعرب مسؤولون عرب وأوروبيون ومنظمات مثل Refugees International عن خشيتهم من أن يؤدي تقسيم غزة إلى مناطق حمراء وخضراء إلى تمهيد الطريق لفصل دائم، وطرحت مقارنات مع احتلالي بغداد وكابل حيث تحوّلت المناطق الخضراء إلى معاقل غربية منفصلة.

الاقتراح ليس جديداً تماماً، لكنه يثير تساؤلات جوهرية حول مستقبل مساحة وحياة السكان في غزة. مواقف الحلول والتمويل والمعايير التشغيلية لا تزال عوامل حاسمة تحدد مصير أي مخطط من هذا النوع.

ملاحظة: تبقى التفاصيل الفنية والتنفيذية رهن المفاوضات والقرارات الميدانية والسياسية، فيما تبقى الاحتياجات الإنسانية الملحّة للمدنيين واقعاً لا يمكن التغاضي عنه، خصوصاً مع اقتراب فصل الشتاء وتصاعد الأوضاع الإنسانية. في تصريح أدلى به في أبريل، تحدث نتنياهو عن خطط “لتقسيم” غزة عبر إقامة ممر أمني جديد تسيطر عليه إسرائيل بين رفح وخان يونس، ما يوحي بأن إسرائيل تستعد لفصل المدينتين.

يقرأ  أطفال غزة يموتون بينما ينتظرون سماح إسرائيل بعمليات الإخلاء

وبحلول سبتمبر، وصف وزير المالية اليميني المتطرف بيتصاليل سموتريتش غزة بأنها «كنز عقاري»، وقال أمام جمهور إنه يجري بالفعل مفاوضات مع الأميركيين حول كيفية تقاسم القطاع بعد الحرب.

وطالب سموتريتش وغيره من قادة المستوطنين الإسرائيليين مراراً بإنشاء مستوطنات غير قانونية لليهود في غزة وعملياً إجبار السكان الفلسطينيين على المغادرة، وهو ما يرقى إلى تطهير عرقي.

ووصف سموتريتش غزة — حيث قُتل ما يقرب من سبعين ألف شخص — بأنها «كنز عقاري».

«كيف يمكنكم تقسيمها؟» سأل يوسي ميكلبرغ من تشاثم هاوس قائلًا بلاغياً. «لا يمكنكم حشر مليوني إنسان في مساحة أصغر مما هم فيه الآن.»

وأضاف ميكلبرغ: «فرض حل إسرائيلي أو أميركي على غزة لن ينجح. إذا كنتم تسعون إلى تحقيق حل دائم، فلابد أن تبدأوا بفهم تاريخ غزة وثقافتها وصدماتها. يجب أن يكون الفلسطينيون جزءاً من أي تسوية، وإلا فلن تكون مستقرة أبداً.»

في غزة، الأخبار عن خطط واشنطن وتل أبيب لمستقبل الفلسطينيين لا تطمئن سكاناً تَعرّضوا للدمار والتهجير بعد عامين من الهجمات الإسرائيلية.

«لم يتحدث أحد معنا. لم يفكر أحد بما يحتاجه الناس هنا»، قال حسين. «وماذا عن بيوت الناس وأراضيهم؟ هل يتخلون عنها ليعيشوا في حاوية؟»

أضف تعليق