الولايات المتحدة تستخدم حقّ النقض للمرة السادسة لرفض مطالبة مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في غزة أخبار الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني

صوتت الولايات المتحدة ضد قرار حاسم لمجلس الأمن التابع للأمم المحدة يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، فيما وسّعت إسرائيل هجومها الممنهج على مدينة غزة.

القرار الذي أقرّه 14 من أصل 15 عضواً في المجلس دعا إلى «وقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة تحترمه جميع الأطراف»، وإطلاق سراح جميع الأسرى المحتجزين لدى حماس وجماعات أخرى، ورفع القيود المفروضة على إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

صاغت عشرة من أعضاء المجلس المنتخبين مشروع القرار، الذي ذهب أبعد من النسخ السابقة ليبرز ما وصفه دبلوماسيون بأنه الوضع الإنساني «الكارثي» في غزة بعد ما يقرب من عامين من الحرب في القطاع، التي أودت بحياة ما لا يقل عن 65,141 شخصاً بحسب مسؤولي الصحة الفلسطينيين.

كما كان متوقعاً، استخدمت الولايات المتحدة حق الاعتراض (الفيتو). وقالت مورغان أورتيغوس، نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، إن «معارضة الولايات المتحدة لهذا القرار لن تكون مفاجأة». وأضافت أنه «يفشل في إدانة حماس أو الاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ويشرعن عن طريق الخطأ روايات زائفة تُغذي حماس، والتي للأسف وجدت صداها داخل هذا المجلس».

كما زعمت أورتيغوس أن اعلان المجس الدولي للمرحلة الغذائية المتكاملة التابع للأمم المتحدة بشأن إعلان المجاعة في القطاع الشهر الماضي اعتمد «منهجية معيبة»، مُمجِّدةً في الوقت نفسه عمل مراكز GHF المشبعة بالعناصر العسكرية، حيث قتل عدد كبير من الفلسطينيين أثناء بحثهم عن طعام لعائلاتهم.

بعد التصويت، قال مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور إن استخدام الفيتو الأميركي «مؤسف بشدّة» ومنع «مجلس الأمن من القيام بدوره المشروع في مواجهة هذه الفظائع ولحماية المدنيين من جرائم الإبادة». وأضاف: «للأسف، يبقى المجلس صامتاً على حساب كبير لمصداقيته وسلطته. هذا يبيّن أنه عندما يتعلق الأمر بجرائم الفظائع، لا ينبغي السماح باستخدام حق الاعتراض».

يقرأ  من هم أعضاء منظمة التعاون الإسلامي الـ٥٧؟أخبار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

كما كانت كلمات مندوب الجزائر لدى الأمم المتحدة عمار بندجما قوية؛ حيث خاطب الفلسطينيين قائلاً: «إخواننا الفلسطينيون، أخواتنا الفلسطينيات، اغفروا لنا. اغفروا لنا، لأن العالم يتحدث عن الحقوق ويمنعها عن الفلسطينيين. اغفروا لنا لأن جهودنا، جهودنا الصادقة، اصطدمت بجدار الرفض.»

وأوضح مندوب الجزائر أن الحرب في غزة قتلت أكثر من 18,000 طفل وأكثر من 12,000 امرأة، وأودت بحياة أكثر من 1,400 من الأطباء والممرضين، وأكثر من 250 صحفياً. وأضاف أن إسرائيل تبدو «معفاة من المسؤولية»، ليس بفضل القانون الدولي بل بسبب «انحياز النظام الدولي».

من جهته، قال المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون إن إسرائيل لا تحتاج «لتبرير» حربها على غزة، وشكر أورتيغوس على استخدام الفيتو الأميركي.

(لقطة: رياض ح. منصور، المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة، يتفاعل عقب تصويت أعضاء مجلس الأمن على مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار في غزة، في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، 18 سبتمبر 2025 — إدواردو مونوز/رويترز)

من نيويورك، وصف جيمس بايز، محرر الشؤون الدبلوماسية في الجزيرة، عملية التصويت بأنها «لحظة قاتمة» في الذكرى الثمانين للأمم المتحدة، مشيراً إلى أن دولاً كثيرة كانت تبدي التزاماً بالدبلوماسية متعددة الأطراف بينما تصر الولايات المتحدة على تبنّي «منظور أميركا أولاً»، وتقلّص الكثير من التمويل الإنساني لهذه المنظمة، ما أوصلها إلى واحدة من أدنى نقاطها في تاريخها الممتد ثمانين عاماً.

جيلٌ ضائع

مع بدء الهجوم البري على مدينة غزة الثلاثاء، بدا أن إسرائيل عازمة على قضم أي فرصة لوقف لإطلاق النار. الجيش الإسرائيلي، الذي كرر مرات عدة أنه يهدف إلى تحطيم حماس نهائياً، لم يحدد جدولاً زمنياً للهجوم، رغم مؤشرات على أنه قد يستمر لأسابيع أو أشهر.

يقرأ  بورتريهات نابضة في كتاب تيم فلاش «القطط» تحتفي بعشقنا الدائم لهذه الكائنات — كولوسال

في تقرير أصدره فريق خبراء مستقلون بتكليف من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، خلص الخبراء إلى أن إسرائيل ترتكب جرائم إبادة بحق الفلسطينيين مع نية «التدمير» — وفق ما ورد في استنتاجاتهم.

وقبل التصويت، نشر دانون على موقع «إكس» أن القرار «لن يحرر الأسرى ولن يجلب الأمن». وأضاف أن إسرائيل «ستواصل قتال حماس وحماية مواطنيها، حتى لو فضّل مجلس الأمن أن يغض الطرف عن الإرهاب».

من جانبها، أكدت مندوبة الدنمارك لدى الأمم المتحدة كريستينا ماركوس لاسن فداحة المجاعة من صنع الإنسان، قائلة: «أمهات يائسات يُحضْرن أوراق الأشجار ليطبخنها لإطعام أطفالهن، وآباء يبحثون في الأنقاض بحثاً عن ما يسدّ رمق العائلة». وتابعت: «يُقتل الناس أثناء محاولتهم الحصول على طعام للبقاء على قيد الحياة. هناك خطر أن تضيع جيل بأسره ليس فقط بفعل الحرب، بل بفعل الجوع واليأس.»

أضف تعليق