القبض على آشلي تيلس وتوجيه تهم تتعلق بالمعلومات الدفاعية
أعلنت نيابة الولايات المتحدة يوم الثلاثاء عن توقيف آشلي تيلس، المستشار الحكومي الأميركي والخبير في العلاقات الهندية‑الأميركية، ووجهت إليه اتهامات بـ«الاحتفاظ غير القانوني بمعلومات تتعلق بالدفاع الوطني» وبالاجتماع المزعوم مع مسؤولين صينيين. مثل تيلس (64 عاماً) أمام المحكمة أول مرة يوم الثلاثاء، وحددت جلسة للنظر في قضيّة احتجازه في 21 أكتوبر، حسبما نقلت وسائل الإعلام الأميركية.
«نركّز بالكامل على حماية الشعب الأميركي من كلّ التهديدات، سواء كانت خارجية أم داخلية. التهم الماثلة في هذه القضية تمثل خطراً جسيماً على سلامة وأمن مواطنينا»، قالت ليندسي هاليغان المدعية الأميركية لمنطقة شرق فيرجينيا، والتي عيّنها الرئيس السابق دونالد ترامب.
من هو آشلي تيلس؟
آشلي تيلس مواطن متجنس ولد في الهند ومقيم في الولاياات المتحدة. هو أكاديمي بارز كتب كثيراً وعلّق على مسار العلاقات بين الهند والولايات المتحدة، ومتخصص في قضايا الأمن الدولي والدفاع والاستراتيجية الآسيوية. لعقود شارك في الاستشارات مع الحكومة الأميركية بشأن الملف الهندي.
تدرّج تيلس في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي حيث يشغل «كرسي تاتا للشؤون الاستراتيجية» ويُعدّ زميلاً أول. حصل على بكالوريوس وماجستير في الاقتصاد من جامعة مومباي، وعلى ماجستير ودكتوراه في العلوم السياسية من جامعة شيكاغو. بحسب إفادة قانونية قدّمت لمحكمة شرق فيرجينيا، يعمل حالياً مستشاراً كبيراً غير متقاضٍ أجر لدى وزارة الخارجية الأميركية ومتعاقداً مع «مكتب تقييم الشبكات» (Office of Net Assessment ــ ONA) داخل وزارة الدفاع، وهو بمثابة مركز دراسات داخلي في البنتاغون. وبسبب هذه التعيينات حظي بتصاريح أمنية تسمح له بالاطلاع على معلومات حساسة.
خدم تيلس في مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس الجمهوري السابق جورج دبليو بوش، وعمل سابقاً ضابطاً مفوضاً في الخدمة الدبلوماسية الأميركية ومساعداً كبيراً لسفير الولايات المتحدة في نيودلهي، كما تشير سجلات كارنيغي. كما لعب دوراً محورياً في التفاوض على اتفاق نووي مدني بارز بين الولايات المتحدة والهند عام 2008.
ما هي التهم الموجهة إليه؟
تفيد وثائق الاتهام بأن تيلس اعتُقل نهاية الأسبوع الماضي وأنه يواجه اتهامات بمخالفة المادة 793 من القانون الأميركي، المتعلقة بجمع أو نقل أو فقدان معلومات دفاعية. وتذكر الإفادة أنه رصدت كاميرات المراقبة تيلس داخل منشأة تابعة لوزارة الدفاع في 12 سبتمبر، وهو يستخدم جهاز حاسوب ويطلب من زميل له طباعة مستندات. وفي 10 أكتوبر شوهد مجدداً في المبنى وهو يخرج ببعض الوثائق المصنفة.
وفي 25 سبتمبر دخل تيلس مبنى تابع لوزارة الخارجية في واشنطن وسجّل دخولاً إلى نظام الإنترانت المصنف «ClassNet» واستخدمه نحو ساعة. يضم هذا النظام معلومات غير مصنفة ومعلومات مصنفة حتى مستوى «سري» ومعلومات ذات قيود توزيع. وتزعم الإفادة أنه عاد في الساعة 20:11 ودخل مستنداً للقوات الجوية الأميركية يزيد حجمه على ألف صفحة، أعاد تسميته وطبَع أجزاءً منه، ووضع مستندات حساسة في حقيبته الشخصية وأخذها إلى محل إقامته. في 11 أكتوبر فتّش مكتب التحقيقات الفدرالي منزله في فيننا بولاية فيرجينيا (ومنزله ومركبته) وعُثر على وثائق حكومية مصنفة.
هل التقى تيلس بمسؤولين صينيين؟
تذكر الإفادة أن تيلس التقى مسؤولين صينيين مراراً في السنوات الأخيرة. تقول الوثيقة إن لقاءاً عُقد على العشاء في مطعم في فايرفاكس بولاية فرجينيا في سبتمبر 2022، وأنه دخل وهو يحمل ظرفاً من الورق لم يظهر لدى خروجه بعد ساعتين. ويزعم أن لقاءاً آخر وقع في أبريل 2023 في نفس المنطقة، وأن المحادثات التي سُمعت بين الحين والآخر تناولت العلاقات الإيرانية‑الصينية والتقنيات الناشئة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي. كما يدّعي الإفادة أن لقاءاً جرى في مارس 2024 تناول العلاقات الأميركية‑الباكستانية، وأن لقاءاً في سبتمبر من هذا العام قدّم فيه المسؤولون الصينيون إلى تيلس حقيبة هدايا حمراء.
ما العقوبة التي قد يواجهها؟
إذا دانت محكمة الاتهام تيلس، فبحسب بيان مدعي منطقة شرق فيرجينيا قد يواجه عقوبة تصل إلى 10 سنوات سجن وغرامة تصل إلى 250,000 دولار. وأضاف البيان أن الأحكام الفعلية في القضايا الفدرالية لا تصل عادة إلى الحد الأقصى الجزائي.
ماذا كتب تيلس عن العلاقات بين الولايات المتحدة والهند والصين؟
طيلة سنوات كان تيلس من المدافعين الحادّين عن توطيد العلاقات الهندية‑الأميركية ومؤمناً بإمكانات الهند كشريك رئيس لواشنطن. غير أنّ دراسته الأخيرة المنشورة في كارنيغي الأسبوع الماضي اتسمت بمزيد من الحذر تجاه قدرات الهند. وأشار إلى أن الهند نما وضعها خلال العقدين الماضيين وشكلت شريكاً للولايات المتحدة في مواجهة تصاعد الصين، «لكن القصة الأكبر أعقد»، إذ إن نموّ الهند لا يوازي نموّ الصين بالسرعة المطلوبة كي تشكّل توازناً فاعلاً معها. ورأى أن هوس الهند بالحفاظ على «الاستقلالية الاستراتيجية» وامتناعها عن الانحياز الكامل لواشنطن أمر يحدّ من قدرتها، وأن شراكة خارجية قوية —وأوضح أن الخيار الأكثر وضوحاً هو الولايات المتحدة— قد تكون ضرورية لمواجهة بكين على المدى الطويل.
كيف تتغير العلاقات بين الولايات المتحدة والهند؟
على الرغم من الانسجام الشخصي بين الرئيس دونالد ترامب ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي خلال الولاية الأولى لترامب، شهدت العلاقات تحديات منذ تنصيب ترامب لفترة رئاسية ثانية في يناير من هذا العام. في مطلع العام فرض ترامب رسوماً جمركية نسبتها 25% على سلع هندية، ثم رفعها في أغسطس إلى 50%، معللاً ذلك جزئياً بمعارضة مشتريات الهند المستمرة من النفط الروسي الخاضع لعقوبات دولية. رغم الضغوط، واصلت نيودلهي شراء النفط الروسي، وتراجعت توتّراتها مع بكين التي كانت شديدة بين 2020 و2024، وعزّزت أيضاً علاقاتها مع طالبان بالرغم من الوصم الدولي للحركة.
قبل خمس سنوات كان المشهد مختلفاً: استضافت الهند ترامب بحرارة في 2020، ثم بلغ التوتر ذروته في يونيو من ذات العام عندما اندلع اشتباك مميت بين جنود البلدين في وادي جالوان بمنطقة لداخ، وهي أول مواجهة دامية منذ أربعة عقود على طول «خط السيطرة الفعلية». وخلال 2020 حظرت نيودلهي مئتي تطبيق صيني من بينها تيك توك، ووصف وزير خارجيتها في ديسمبر تلك الفترة بأنها «الأصعب منذ عقود» في العلاقات بين البلدين.
إلا أن منذ أواخر العام الماضي سعت الهند والصين إلى إعادة ضبط علاقتهما، والتقى مودي والرئيس الصيني شي جينبينغ في قازان بروسيا بينما انسحبت قواتهما تدريجياً من نقاط التوتر. ومع حرب الرسوم والردود بين ترامب وبكين ونيودلهي هذا العام، شهدت نيودلهي وبكين تقارباً نسبياً. فرض ترامب رسوماً عالية على الواردات الصينية (145%) فتبادلت الصين رسوماً مضادة (125%)، ثم اتفق الطرفان على تخفيضات مؤقتة لتهيئة مفاوضات تجارية، فيما هدد ترامب لاحقاً بإعادة فرض زيادات جمركية إضافية.
على صعيد الزيارات، زار وزير الخارجية الصيني وانغ يي الهند والتقى بمودي ومسؤولين هنود في أغسطس، وأشاد مودي لاحقاً بـ«الاحترام المتبادل للمصالح والحساسية» والتقدّم الثابت في العلاقات الثنائية. وزار مودي الصين في أواخر أغسطس، وهي أول زيارة رسمية له إلى هناك منذ أكثر من سبع سنوات. وفي سياق التطورات الإقليمية، زار وزير خارجية طالبان أمير خان مثقّي الهند مؤخراً، في أول زيارة رفيعة المستوى منذ استيلاء الحركة على السلطة في أفغانستان عام 2021، ما يعكس تغيّراً واضحاً في نهج نيودلهي تجاه طالبان مقابل التاريخ الطويل من الشك والخصومة الإقليمية.