يشعر كثير من التنزانيين أن الاقتراع يميل أكثر إلى تتويج منه إلى منافسة حقيقية، بعد أن لم تُستبعد أي مرشحين منافسين أقوياء من السباق الذي شهدته البلاد يوم الأربعاء. هذه هي المرة الأولى التي تخوض فيها الرئيسة سامية سولحو حسن انتخابات رئاسية بصفة مرشحة شخصية.
ترأست سامية، البالغة من العمر 65 عاماً، الدولة بعد وفاة الرئيس السابق جون ماغوفولي في 2021. كان ماغوفولي مثار إعجاب لدى فريق من الجمهور لنهجه الحاسم في مواجهة الفساد، وفي المقابل كان موضع انتقاد بسبب تشدده وصقله لحرية التعبير وتعاطيه المثير للجدل مع جائحة كوفيد.
حين تولّت سامية منصب النائب الأول ثم الرئيسة بالنيابة، بدت بمظهر نقيب أو نسمة جديدة؛ ومن خلال أسلوب ودود وأقرب إلى الحوار، طرحت سياسات بدت مغايرة جذرياً لنهج سلفها. سياسة الأربع ركائز لديها — «المصالحة والمرونة والإصلاح وإعادة البناء» — أعادت البلاد إلى الأسواق العالمية، وأعادت فتح قنوات التمويل والمنح، واستعادة ثقة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
بحسب المحلل السياسي محمد عيسى، «لقد أحدثت فرقاً؛ العلاقة الضائعة بين تنزانيا والمؤسسات الدولية مثل البنك الدولي قد استُعيدت». لكن خلال العامين الأخيرين تقلّصت المساحة السياسية بشكل ملحوظ، وازداد استهداف منتقدي الحكومة وأصوات المعارضة بأساليبٍ وصفت بأنها أكثر قسوة ممّا كانت عليه في عهد ماغوفولي، مع تزايد تقارير عن حالات اختطاف وقتل.
يقول عيسى إن سامية «دخلت بنبرة تصالحية، لكنها أصبحت الآن أكثر جرأة وتتخذ قرارات صعبة لم يكن يتوقعها الكثيرون». ويحمّلها البعض مسؤولية ما يُنسب إلى موجات الاختطاف والقتل وقمع المعارضة وما شابه من قضايا أمنية.
وقد انعكس هذا التراجع في الحريات في تقارير مؤسسات حقوقية، فقد صنفت منظمة فريدوم هاوس تنزانيا كمجرد «دولة جزئية الحرية» عام 2020 ثم «غير حرة» في التقييم اللاحق. والحكومة لم تُدلنِ بتعليق على هذه الادعاءات.
منذ إعادة العمل بنظام التعددية الحزبية في 1992، فاز حزب CCM الحاكم بكل الانتخابات، إلا أن الحملات عادة ما كانت حيوية وتشهد نقاشاً سياسياً حاداً بين الأطراف المتنافسة. هذه المرّة، رغم أن مفوضية الانتخابات سمحت بمشاركة 17 مرشحاً رئاسياً، فقد طُبقت قيود شملت الحزب المعارض الرئيسي، تشادما، الذي مُنع زعيمه تندو ليسو من الترشح وهو يخضع لمحاكمة بتهم الخيانة، بعد أن كان يدعو إلى إصلاحات انتخابية قبل اعتقاله. الحزب الآن يدعو مؤيديه لمقاطعة الاقتراع.
كما اعتُقل نائبه جون هيشي الأسبوع الماضي — وقد قال للـBBC قبل توقيفه إن إصلاحات سامية «سطحية»: «نعم، سُمح بإقامة التجمعات مرة أخرى، لكن اليوم تشادما غير قادرة على ممارسة دورها لأن الوعود كانت زائفة».
من جهة أخرى، مُنع مرشح آخر واسع الحضور، لوهانا مبينا من حزب ACT-وازاليندو، من الترشح مرتين. نجح في البداية في إعادة تسجبل ترشيحه أمام المحكمة العليا بعد استبعاده لأسباب إجرائية، لكن عندما طعن المدعي العام الشهر الماضي، قررت اللجنة الانتخابية تثبيت قرار الاستبعاد.
بقيت في السباق أحزاب معارضة أصغر مثل تشاومّا وCUF، لكن في الواقع تبدو فرصها ضئيلة في إيقاف فوز سامية بولايتها الأولى باسمها الشخصي. كما خلُص تقرير لمعهد الدراسات الأمنية إلى أن «سيطرة الحزب الحاكم واستبعاد المعارضة والتحيّز المؤسسي تقوّض مصداقية العملية الانتخابية. والمساحة المدنية المحدودة والمشاركة الضعيفة للناخبين تزيدان من ضعف الشمولية»، حسب قول المحلل نيكوديموس ميندي.
هذا الوضع ترك بعض الناخبين يأسى، مثل مقيم دار السلام غودفري لوسانا الذي قال: «لا توجد انتخابات من دون معارضة قوية. النظام الانتخابي غير مستقل. نحن نعرف مسبقاً من سيفوز. لا أضيع وقتي في التصويت». وأضاف: «لو كانت مفوضية الانتخابات مستقلة فعلاً لشاركت في الاقتراع».
على النقيض من ذلك، تشهد أرخبيل زنجبار شبه المستقل حملة انتخابية حامية — وهو موطن الرئيسة سامية في الأصل. ينتخبُ سكان الجزيرة رئيساً إقليمياً خاصاً، والحالي حسين مويني من CCM يسعى لولاية جديدة، ويواجه منافسة شديدة من عثمان مسعود من ACT-وازاليندو، الذي شغل منصب نائبه في إدارة الوحدة الوطنية.
في الحملة على اليابسة، استثمرت سامية في الصورة الأمومية التي اكتسبت ثناءً مبدئياً بفضل أسلوبها الحواري، ساعيةً للحكم عبر الحوار بدل الأحكام الصارمة. لقّبوها بـ«ماما سامية»، وفي تجمعاتها وعدت بتحقيق تنمية واسعة عبر تحسين البنية التحتية والصحة والتعليم.
ترى كثير من النساء، خصوصاً في المناطق الريفية، أنها قوة استقرار. تقول ناخبة لأول مرة من مدينة تانغا تُدعى كوين كاستوريك: «هي تمنح كرامة؛ نحن الشابات ننظر إليها كمثل أعلى. نشعر بوجودها كرئيسة، وهذا يعطينا ثقة أننا قادرات على خدمة مجتمعاتنا الآن وفي المستقبل».
إلا أن بعض النساء في المدن أكثر تحفظاً؛ سلينا بونسيانا، التي ستدلي بصوتها لأول مرة في دار السلام، قالت: «القيادة ليست مجرد نبرة صوت. أعتقد أن على الرئيسة أن تعالج أولاً مشكلة البطالة. لقد قدمت دعماً للبعض لكن كثيرين ما زالوا بحاجة للمساعدة».
وأعربت شابة أخرى في موروجورو عن دعمها للرئيسة، لكنها رفضت الكشف عن اسمها خشية ردود فعل من محيطها. وفي نهاية المطاف، تقول كثيرات إن سامية جعلتنا نؤمن أن المرأة قادرة على القيادة. «كنت أود قول المزيد، لكن كثيراً من الشباب لا يتحدثون عنها بشكل إيجابي»، قالت ذلك.
يشكل الشباب الغالبية من بين 37.7 مليون ناخب مسجل في تنزانيا، ويعبر بعضهم عن غضبهم من صمت الرئيسة حيال قضايا مثل حالات الاختطاف الصادمة الحديثة.
وبينما ينسب بعض المراقبين إلى الرئيسة سامية الفضل في استقرار الاقتصاد، يشعر آخرون بحنين إلى أيام ماغوفولي مع تصاعد تقارير الفساد.
قد يرجع تَشدُّد نهجها مؤخراً إلى عوامل متعددة. ففي مجتمع تقليدي يغلب عليه الذكور، واجهت صعوبات في فرض سلطتها. وفي التجمعات الأخيرة كانت تذكّر الناخبين بمن يتولى القيادة: «لا تنسوا أنني القائد الأعلى للقوات المسلحة».
وقد تشعر أيضاً بأن زملاءها يقوضون مكانتها. داخل حزب الحركة الثوريّة (CCM) ثار بعض الاعتراض على ترشحها التلقائي للمنصب الرئاسي دون منافسة.
أحد القياديين البارزين الذي انتقد ترشحها الآلي—همفري بوليبولي—اختُطف لاحقاً في ظروف غامضة.
ثمة مقترح آخر يشير إلى أنها أصبحت في الواقع ورقة بيد شبكة نافذة من أرباب الأعمال وبعض داعمي الحزب المعروفين محلياً باسم «متاندو»، وفق تقرير السيد ميندي لدى معهد الدراسات الأمنية. كما قال إن «الديمقراطية الداخلية في الحزب قد خُنِقَت من خلال تحرّك منظّم جعل من سامية المرشحة الوحيدة. ورغم أن ذلك عمّق الانقسامات داخل الحزب، تُعرض للعلن صورة مزيفة عن الوحدة».
يُعتقد أن ماغوفولي رفض الخضوع لأوامر المتاندو، مفضِّلاً الاستمرار في برنامجه المضاد للفساد.
يحذر ميندي من أن هذه العوامل مجتمعة أسهمت في خلق حالة سائدة من الخوف في الدولة شرق الإفريقية. ومع ممارسة الرقابة الذاتية من قبل الإعلام وتقلص مساحة الخطاب السياسي، تحوّل النقاش العام إلى محادثات خاصة وعلى منصات التواصل الاجتماعي.
وينبه المحلّلون إلى أن هذا الانفصال، لا سيما بين الشباب، قد يفرغ ديمقراطية تنزانيا أكثر ويثير مشكلات للرئيسة سامية في المستقبل إذا لم تشهد انتخابات مشاركة واسعة أو اندلعت احتجاجات.
بالنسبة إلى تيتو ماغوتي، المحامي والناشط السياسي الشاب، تظل المطالب بسيطة: «نريد تنزانيا حرة حيث يملك كل فرد حرية الكلام»، وأضاف: «حرية الحركة وحرية التصرف وفق ما يرغبون».