انهيار أرضي يمحو قرية بأكملها في السودان الممزق بالحرب — بحسب جماعة متمردة

جوهانسبرغ — قالت حركة تحرير السودان (SLM)، التي تسيطر على المنطقة، يوم الثلاثاء إن انهياراً أرضياً أودى بحياة ما لا يقل عن ألف شخص بعد أن ابتلع قرية بأكملها في إقليم دارفور إثر أيام متواصلة من الأمطار الغزيرة.

وأوضحت الحركة في بيان أن “المعلومات الأولية تشير إلى وفاة جميع سكان القرية، والذين يقدّر عددهم بأكثر من ألف فرد، ولم يُسجَّل سوى ناجٍ واحد”. وناشدت المجتمع الدولي التدخل لتقديم المساعدة للناجين والمقيمين حول القرية المدمرة تراسين.

تقع المنطقة الجبلية صعبة الوصول في جبال المَرَّة، وقد تحوّلت في الأسابيع الأخيرة إلى ملاذ لآلاف النازحين هرباً من عنف الحرب الأهلية التي اجتاحت أجزاء من السودان، بما فيها دارفور، حيث وصل كثيرون سيراً على الأقدام.

تراسين، الواقعة في منطقة تشتهر بزراعة الحمضيات، شهدت أمطاراً غزيرة على مدى أيام، أدت في النهاية إلى الانهيار الأرضي الذي يعتبر أحد أكثر الكوارث الطبيعية دمويةً التي ضربت السودان في تاريخه الحديث، وسط معاناة بشرية سابقة المنشأ لا تقل سوءاً.

الحرب الأهلية في السودان تدخل عامها الثالث، وتُخاض بصورة أساسية بين القوات المسلحة السودانية وقوة موازية شبه عسكرية تُعرف بقوات الدعم السريع. ويُقدَّر مقتل عشرات الآلاف منذ اندلاع القتال قبل أكثر من عامين، نتيجة العنف المباشر ومن جرّاء الجوع والأمراض المرتبطة بالأزمة.

وقد ترك الصراع أكثر من نصف سكان السودان في مواجهة مستويات أزمة من الجوع، ما وصفته منظمات الإغاثة بأنه أكبر أزمة إنسانية فردية في العالم.

أعلنت حركة تحرير السودان أنها تسيطر على تراسين وأجزاء أخرى من المنطقة الجبلية في غرب دارفور، لكنها بقيت إلى حدّ كبير بعيدة عن خطوط القتال المباشرة.

تسيطر قوات الدعم السريع على معظم إقليم دارفور، باستثناء عاصمة الولاية الفاشر، التي تحيط بها قواتها منذ أكثر من 500 يوم. وخلال الأيام القليلة الماضية شنت قوات الدعم السريع هجوماً جديداً تهدف من خلاله إلى السيطرة على آخر مدينة كبرى في دارفور لم تقع تحت سيطرتها بعد.

يقرأ  قائمة الأحداث الرئيسية في الحرب الروسية–الأوكرانية — اليوم ١٢٧٣

مئات آلاف المدنيين محاصرون داخل المدينة خلف أسوار ترابية بنَتها قوات الدعم السريع حديثاً، ويواجهون تهديد الإعدام إذا حاولوا الخروج. وتشير مصادر ميدانية إلى نقص حاد في الإمدادات الغذائية داخل الفاشر، فيما يعاني السكان المحليون من الجوع البطيء بينما تحلق قذائف المدفعية فوق رؤوسهم يومياً.

قالت شبكة أطباء السودان يوم الثلاثاء إن قصفاً ليلياً استهدف الفاشر أسفر عن مقتل 18 شخصاً وإصابة أكثر من 100 آخرين، بينهم نساء وأطفال، ووجهت الشبكة في منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي اللوم إلى “المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي” على صمتهم المخزي وفشلهم في حماية أكثر من نصف مليون مدني محاصره داخل الفاشر، الذين يتعرضون يومياً للقصف والجوع والموت البطيء.

حلّل مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل صوراً فضائية للفاشر يُظهر فيها تحرّك قوات الدعم السريع بسرعة لبناء مصاطب ترابية حول المدينة. وحذّر المختبر في تقريره من أن “قوات الدعم السريع تخلق ما يشبه صندوق الموت حرفياً حول الفاشر”. وأضاف أن أكثر من 19 ميلاً من الأسوار الترابية بُنيت منذ الخامس من مايو، ما سيخلق حدوداً فعلية تمنع تهريب السلع كالطعام والدواء إلى المدينة أو خروج الناس منها.

قدّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في بيان الأسبوع الماضي أن نحو 260,000 شخص، بينهم 130,000 طفل، ما زالوا محاصرين في “ظروف يائسة ومقطوعين عن المساعدات لأكثر من 16 شهراً”.

منع الوصول الإنساني الدولي إلى الفاشر من قبل قوات الدعم السريع أدى إلى تفشٍّ متصاعد لسوء التغذية الحاد، وفق تحذيرات يونيسف، التي نقلت تقارير تفيد بأن 63 شخصاً — معظمهم من النساء والأطفال — ماتوا من سوء التغذية خلال أسبوع واحد فقط داخل المدينة المحاصرة. قبل الحصار كانت اليونيسف تعالج نحو 6,000 طفل من حالات سوء تغذية حاد في مرافق صحية داخل الفاشر، وقد توقفت الآن برامجهم للعلاج الغذائي والرعاية الطبية.

يقرأ  ريال مدريد يتخطى أوفييدو بثلاثية في الليغا — مبابي يسجل هدفين

قالت المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل في أواخر أغسطس: “نشهد مأساة مدمرة — أطفال الفاشر يموتون جوعاً بينما تُحجب خدمات التغذية المنقذة للحياة من الوصول إليهم. حجب الوصول الإنساني انتهاك جسيم لحقوق الأطفال، وحياة الأطفال على المحك.”

المشاهد من الميدان تقرع أجراس الإنذار بشأن تفاقم الأزمة الإنسانية في دارفور وباقي أرجاء السودان، وتدعو إلى تحرّك دولي عاجل لوقف النزاع وتأمين المساعدات التي تحمي المدنيين من مجاعة وخراب أوسع.

أضف تعليق