باكستان وأفغانستان تستأنفان المحادثات وسط توتر عقب اشتباكات على الحدود

إسلام اباد — توصلت باكستان وأفغانستان إلى اتفاق على استئناف المحادثات في إسطنبول بناءً على طلب الوسيط التركي، بعد أن فشلت جولات سابقة بين إسلام آباد وكابول في احتواء التوترات المتصاعدة التي تحولت أخيراً إلى اشتباكات عسكرية على نحو متكرر.

قال مسؤولون أمنيون باكستانيون إن وفد إسلام آباد كان يعتزم المغادرة من المدينة التركية بعد أن انهت جولة المحادثات السابقة، التي استمرت أربعة أيام، دون التوصل إلى اتفاق. الان، قررت الوفود الإبقاء على وجودها في إسطنبول لمواصلة المفاوضات يوم الخميس.

وصرح مسؤول أمنى للجزيرة شريطة عدم الكشف عن هويته، قائلاً: «كرّرت باكستان مرة أخرى التأكيد على ألا تُستخدم الأراضي الأفغانية كمنصة لشنّ أعمال إرهابية ضد باكستان. نثمن الدور البناء لجهات الاستضافة ونظل ملتزمين بالسعي نحو حل سلمي بحسن نية».

ونقلت وسائل إعلام أفغانية عن مصادر، أن تدخلاً من تركيا وقطر أدى إلى التوافق على استئناف المحادثات التي كانت قد توقفت في وقت سابق هذا الأسبوع.

وشهد الجاران نزاعاً حدودياً دام أسبوعاً هذا الشهر أوقع قتلى من الطرفين. وأسفر الوسيطان قطر وتركيا عن اتفاق لوقف إطلاق النار وقعه وزيرا دفاع باكستان وأفغانستان في 19 أكتوبر/تشرين الأول في الدوحة بحضور مسؤولين من البلدين الوسيطين.

بدأت الجولة التالية من المحادثات في إسطنبول يوم السبت واستمرت أربعة أيام، لكنها فشلت في إقناع الطرفين بالتوصل إلى تفاهم حول مطلب إسلام آباد المركزي الذي يطالب كابول باتخاذ إجراءات حازمة ضد حركة تحرير طالبان باكستان (تي تي بي)، وهي جماعة مسلّحة تُعرف عادةً باسم «طالبان باكستان» وتتهمها باكستان بشن هجمات دامية داخل أراضيها.

ظهرت حركة تي تي بي عام 2007 في خضم «حرب الإرهاب» التي قادتها الولايات المتحدة، ومنذ ذلك الحين خاضت حملة مستمرة ضد الدولة الباكستانية. وتتهم إسلام آباد كابول بمنح ملاذات ليس فقط لتي تي بي بل ولجماعات مسلحة أخرى مثل جيش تحرير بلوشستان وفرع تنظيم الدولة الاسلامية في خراسان (أي أس كيه بي). ونفى نظام طالبان في أفغانستان تلك الاتهامات.

يقرأ  كيف تخلصتُ (تقريبًا)من كل مشكلات التقييم في صفي

يؤكد طالبان الأفغان، الذين عادوا إلى السلطة في أغسطس 2021 بعد انسحاب القوات الأميركية، أن قضية تي تي بي شأن داخلي باكستاني، كما ينظرون طويلاً إلى تنظيم الدولة في خراسان كمنافس وعدو لهم.

بعدما أكدت باكستان فشل الجولة السابقة من المحادثات، أصدر وزير الدفاع خواجة آصف بياناً مطولاً على منصة إكس حذر فيه من شن هجوم شامل ضد طالبان الأفغانية، متهمًا «النظام» بأنه «يدفع أفغانستان بعمى تام نحو صراع جديد ليحافظ على سلطته المغتصبة واقتصاد الحرب الذي يغذيهم».

كتب آصف يوم الأربعاء: «على أصحاب النزعة العسكرية داخل النظام الذين تربطهم مصالح في استمرار عدم الاستقرار في المنطقة أن يدركوا أنهم ربما أخطأوا في تقدير عزمنا وشجاعتنا».

حتى الآن لم ترد قيادة طالبان الأفغانية على تصريحات آصف.

قال الباحث الأمني المقيم في السويد عبد السيد، المتخصص في الجماعات المسلحة في جنوب ووسط آسيا، إن تصريحات آصف تشير إلى أن باكستان كانت مستعدة لاستئناف الضربات الجوية داخل أفغانستان، لكن قرار العودة إلى طاولة المفاوضات يعكس تحوّلاً محتملاً في الموقف.

وأضاف لساحة الجزيرة: «استئناف الحوار يوحي إما بحل العقدة التي أدت إلى الجمود السابق، أو بأن الوفد الباكستاني – بطلب من الوسطاء – أبدى مرونة في موقفه في محاولة جديدة لحل الخلاف عبر التفاوض».

في حوار تلفزيوني الأربعاء، اتهم آصف الهند بشن «حرب منخفضة الشدة» داخل باكستان عبر طالبان الأفغان، مدعياً أن لدى إسلام آباد أدلة على تورط نيودلهي، دون أن يَعرض أي براهين تدعم هذه المزاعم.

دخلت باكستان والهند في قتال استمر أربعة أيام في مايو الماضي. وبينما تتهم نيودلهي إسلام آباد بإيواء مجموعات مسلحة تشن هجمات عبر الحدود، تتهم باكستان تاريخياً الهند بدعم حركات انفصالية في بلوشستان، المقاطعة الغنية بالموارد الطبيعية.

يقرأ  تحدٍ في مدينة غزة إسرائيل تُطلع هيئة الإذاعة البريطانية على مواقع المساعدات المخصّصة للنازحين

شهدت العلاقات هذا العام بعض الانفراج بين طالبان الأفغان والحكومة الهندية، حيث تكللت سلسلة لقاءات وتبادلات دبلوماسية بزيارة وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي إلى نيودلهي الشهر الجاري.

ولاحظ عبد السيد أن التصعيد الأخير على الحدود الباكستانية–الأفغانية بدأ خلال زيارة متقي إلى الهند، مؤكداً أن «باكستان ظلت ترى الهند عاملاً حاسماً في إطار التوترات بين إسلام آباد وكابول».

أضف تعليق