أظهر التحقيق أن عناصر حماس فشلوا في تحقيق هدفهم الأساسي المتمثل في السيطرة على معسكر يفتاح شمال قطاع غزة، رغم سنوات من التخطيط لهذا الهدف.
كشفت تحقيقات الجيش أن أفعالاً بطولية استثنائية قام بها جنود إسرائيليون في قاعدة عسكرية على حدود غزة حالت دون تحقق نصر استراتيجي لحماس خلال هجوم أكتوبر. وكان رد الفعل السريع والقتال الحاسم لواء السابع (גדוד 77) عاملاً فاصلاً في إحباط خطة العدو، رغم أن الإرهابيين نجحوا مؤقتاً في اختراق جزء من المعسكر قبل أن ينسحبوا إلى غزة مستولين على مركبة عسكرية مسروقة.
بدأت الدفاعات في الساعة 6:29 صباحاً عندما تلقت قوّات دورية موضوعة على الشاطئ تقارير عن تحرّك مريب. تحرّكت الدوريات فوراً ودون انتظار الأوامر، ونجحت—بدعم ناري من دبابات—في إجهاض محاولة تسلل عند الحاجز ومنع العناصر المسلحة من الوصول إلى المستوطنة المجاورة نتيف هعسارة.
في الوقت نفسه شنّت حماس هجوماً بحرياً باتجاه شاطئ زيكيم بواسطة سبع زوارق محملة بمسلحين. قاد النقيب إيتاي ماور قوة استطلاع واجهت القادمين بحرياً، وقاتل أفراد وحدته «حتى آخر رصاصة» رغم تفاوت الأعداد لصالح الخصم.
سجل التحقيق القضاء على نحو 15 مسلحاً في نقاط اشتباك متفرقة، من بينهم اثنان عند مركز شرطة إيرز، ثلاثة نزلوا من الزوارق، وعشرة آخرون خلال قتال على طول الحاجز ومناطق الرمي.
برز الرقيب عوفير زيوني كشخصية محورية في معسكر يفتاح؛ فعند اندلاع إطلاق نار مكثف، توجّه مع مقاتل آخر نحو الشاطئ لإقامة اتصال مع العناصر المتقدّمة، منسقاً مع البحرية لمهاجمة الزورق الأول. استمر في القتال من موقع متقدم وخطير حتى استشهد متأثراً بجراحه، وأشاد التحقيق بـ«قيادته وبسالته الاستثنائيين»، وأكد ضابط أنه «يجب إبراز تضحياته».
تفاقمت المعركة عندما توغل المسلحون أعمق داخل المعسكر. ونقلت التحقيقات أن العريف نعمة بوني، المتمركزة في نقطة حراسة حرجة، طلبت الاستغاثة عبر تطبيق واتساب أثناء تعرضها لإطلاق النار. وبرغم التفوق العددي الكبير—أكثر من عشرين مسلحاً مقابل عدد قليل من المدافعين—واصل جنود مثل الملازم يوآف علييف القتال حتى وهم مجروحون؛ ودوّن علييف في مذكّراته خلال الاشتباك: «هذه أهم دقائق حياتي، أفضل عشرين دقيقة في حياتي».
وانتقد التقرير بشدة سلوك جنود اختاروا البقاء في الملاجئ طوال الهجوم بدلاً من الانضمام إلى الدفاع، واعتبره سلوكاً «غير لائق» ومثّلت فشلاً أخلاقياً ومهنياً أضعف قدرات المعركه الدفاعية للمعسكر في مواجهة هذا الهجوم غير المسبوق.
يُعد هذا التقرير الثلاثاء أحدث سلسلة تقارير تفصيلية أعدّتها التحقيقات العسكرية حول كيفية تمكن نحو 5,000 مسلح من حماس والجهاد الإسلامي من مهاجمة العديد من التجمعات الإسرائيلية واجتياح مواقع حدودية للجيش. وتبيّن أن سلسلة القيادة العسكرية انهارت في خضم الفوضى وأن القوات كانت متفوقة عدديّاً عليها.
كشفت التحقيقات كذلك أن الجيش أخطأ في فهم نوايا حماس لسنوات، وأن المعلومات الاستخبارية التي ورّدت قبيل السابع من أكتوبر فسّرت بشكل خاطئ. كما كانت الأولوية العسكرية موجهة بدرجة أكبر تجاه تهديدات إيران وميليشيا حزب الله في لبنان.
وتقتصر تحقيقات الجيش على مسائل العمليات والاستخبارات والقيادة، ولا تتناول قرارات المستوى السياسي. وقد قاوم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الدعوات لتشكيل لجنة تحقيق رسمية للدولة، معتبراً أن أي تحقيق «متحيز سياسياً». ويتهمه منتقدوه بتعطيل التحقيق ومحاولة تقييد صلاحياته.
أسفرت هجمات 7 أكتوبر على التجمعات الإسرائيلية قرب حدود غزة عن سقوط نحو 1,200 قتيلاً، وأُخذ 252 إسرائيلياً وأجنبياً كأسرى. من بين 48 رهينة ما يزال وضعهم مجهولاً، يُعتقد أن نحو 20 شخصاً منهم على قيد الحياة.