زلزال مدمر بلغت قوته 6.0 درجات على مقياس ريختر اجتاح شرق أفغانستان هذا الأسبوع، محو قرى جبلية بأكملها ومزق حياة آلاف الأشخاص الهشّة، ولا سيما الاطفال الذين كانوا بالفعل يكابدون احتياجات إنسانية متصاعدة وتراجعات في التمويل.
تركز الزلزال في محافظتي كونار وننغرهار، وأسفر حتى الآن عن أكثر من 1,400 قتيل مع توقع ارتفاع الأرقام بينما تستمر الهزات الارتدادية في إحداث دمار إضافي. الآلاف الآخرين جرحى، والقرى بأكملها دُمرت في مرتفعات نائية تُعوقها طرق مغلقة، وتكافح فرق الإنقاذ — بما في ذلك كوادر منظمة أنقذوا الأطفال الصحية المتنقلة — للوصول إلى المحتاجين.
هذه ليست كارثة طبيعية عادية فحسب، بل اصطدام لأزمات تتقاطع في أفغانستان، حيث يحتاج نحو 23 مليون شخص — أي ما يقارب نصف السكان — إلى مساعدات الانسانية هذا العام. وفق تصنيف مرحلة الأمن الغذائي المتكامل، سيواجه أكثر من 9 ملايين شخص انعداماً حاداً للأمن الغذائي قبل أكتوبر. وأكثر من مليوني شخص اضطروا هذا العام للعودة إلى أفغانستان من إيران وباكستان. النتيجة كارثية، والأطفال هم من يتحمل العبءَ الأكبر.
مثل هذه الكوارث تتطلب استجابة إنسانية سريعة وحازمة. يحتاج الأطفال إلى عناية طبية فورية، ومياه صالحة للشرب، ومأوى، ودعم نفسي اجتماعي للتعافي من الصدمة. ومع ذلك، تُكبَل هذه العمليات الأساسية بالتخفيضات في المساعدات التي طالت النظام الإنساني العالمي.
هذا العام خفّضت بعض الجهات المانحة ميزانيات المساعدات الخارجية في توقيت خاطئ تماماً. وبحسب منظمة أنقذوا الأطفال، أُغلق نحو 126 برنامجاً تابعاً لها حول العالم نتيجة خفض التمويل حتى مايو، ما أثر على نحو 10.3 مليون شخص — برامج كانت تدعم ملايين الأطفال في مناطق الصراع ومخيمات اللاجئين والمناطق المعرضة للكوارث.
في أفغانستان تعني هذه التخفيضات قلة العاملين القادرين على الاستجابة عند حدوث كارثة مثل هذه. أُغلقت عيادات طبية، فقلت المرافق المتاحة لعلاج الجرحى، والمرافق الصحية المتبقية كانت مثقلة قبل وقوع الزلزال نفسه. لا يمكن لنظام الصحة في أفغانستان أن يستوعب صدمات من هذا النوع دون دعم جيّد ومستمر.
تأثرت أنقذوا الأطفال بحدة من هذه التخفيضات. فقدت المنظمة تمويلاً لـ14 مركزاً صحياً في شمال وشرق أفغانستان، رغم أننا نعتمد حالياً على تمويل بديل قصير الأمد للإبقاء عليها مفتوحة. كان سيعني فقدان هذه المراكز حرمان 13,000 طفل من الوصول إلى الرعاية الصحية في قراهم.
زرت محافظة نَنغرهار في وقت سابق هذا العام، التي باتت الآن في حالة خراب بعد الزلزال، ولقأت أطفالاً وعائلات تكافح من أجل البقاء. رأيت مراكز صحية كاملة تُدار عبر شركائنا وقد أُغلقت. حدّثتني العائلات عن نتائج ذلك: أمهات غير قادرات على الولادة بأمان، وأطفال يفوتهم تلقيح حاسم، وأسر تكسوها اليأس.
حجم الأزمة الإنسانية في أفغانستان، المتفاقم بفعل تخفيضات التمويل والمقترن الآن بحالة طوارئ مفاجئة كالزلزال، يشكّل أزمة داخل أزمة. وكالات الإغاثة مرهقة أو غائبة بسبب تسريحات الموظفين وإغلاق البرامج والمكاتب.
ينبغي أن يكون هذا الزلزال جرس إنذار يدفع إلى إعادة الاستثمار في المساعدات الإنسانية بسرعة وسخاء. على الدول المانحة أن تعيد التفكير، وتفتح التمويل الطارئ، وتلتزم بتمويل طويل الأمد للخدمات الموجهة للأطفال.
من دون تمويل فوري ومستمر، نتوقع تدهوراً سريعاً: ظهور أمراض منقولة بالمياه، ولجوء الأسر إلى سبل تكيف سلبية مثل عمل الأطفال أو الزواج المبكر، وارتفاع معدلات سوء التغذية في بلد كان فيه طفل من بين كل خمسة يواجه مستويات أزمة من الجوع قبل الهزة. بحلول أكتوبر توقع أن يعاني 5 ملايين طفل أفغاني — نحو 20% من الأطفال في البلاد — انعداماً حاداً للأمن الغذائي، فيما خفضت التخفيضات التمويلية حجم المساعدات الغذائية المتاحة بنسبة 40% وأُغلقت 420 مركزاً صحياً حرم ذلك 3 ملايين شخص من الوصول إلى الرعاية. وحتى قبل هذه التخفيضات، كان 14 مليون شخص يواجهون محدودية في الوصول إلى الخدمات الصحية.
علينا التأكد من أن لدينا القدرة على الاستجابة بسرعة عندما تضرب الكوارث — سواء كانت زلزالاً أو نزاعاً — وأن تستمر حقوق الأطفال حتى عندما تتقلّص الموازنات.
إنها أزمة تترتب على أزمة؛ نشهد انهيار أنظمة الحماية للأطفال — الصحية والتغذوية والتعليمية والنفسية الاجتماعية — في اللحظة التي تحتاجهم فيها بشدّة.
لا ينبغي أن يموت أي طفل لأن اهتمام العالم تلاشى أو لأن الميزانيات تضائلت. كان أطفال أفغانستان عرضة بالفعل للجوع والمرض والفقر والعزلة، والآن سقطوا في هاوية أعمق.
الآراء الواردة هنا هي آراء الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن الموقف التحريري لقناة الجزيرة.