بناء كوادر الغد حوار حول تأثير الشركات

في يوم العطاء هذا نتأمل حقيقة قوية: أفضل هدية يمكن أن تقدّمها الشركات ليست دائماً مالية — بل قد تكون الوصول، والإرشاد، وفتح أبواب الفرص. من خلال سلسلة “بناء المسارات” التي نفّذناها مع CECP، تعلمنا أنّ استثمار الشركات بوقتها وخبرتها في التعليم لا يكتفي بإنشاء قنوات للقوى العاملة؛ بل يسرّع تعلم الطلاب ويمكن قادة الغد من النماء.

س: لماذا يجب أن تعتبر الشركات شراكات التعليم جزءاً من استراتيجيتها الخيرية؟
ج: أزمة المهارات والسباق على مواهب الذكاء الاصطناعي وضّحا أمراً واحداً: لا يمكننا الانتظار حتى الجامعة لبدء بناء قوة عمل المستقبل. يشعر ٦٧٪ من الطلاب بأنّ التعليم لا يتطوّر بما يكفي لمواكبة احتياجات سوق العمل، ومع ذلك يرى ٧٠٪ منهم أن استكشاف المهن أمر حاسم لنجاحهم. الشركات في موقع فريد لسدّ هذه الفجوة. عندما يوجّه موظفوك الطلبة أو المعلمين، أو يتطوعون في الصفوف، أو يعيدون التواصل مع خريجي مدارسهم، أو يستقبلون طلاباً في جولات بمرافقهم، فإنكم تقدمون ما لا تستطيع المدارس تقديمه بمفردها — وصلات مع العالم الحقيقي. إظهار مجال علم البيانات لطفل في الابتدائية أو مرافقة تلميذ ثانوي ليختبر يوماً في مصنع يوقظ فضولاً قد يتحول إلى طموح مهني ويوسع بالتالي مصدر المواهب.

س: ما أنجع الطرق التي تستطيع الشركات أن تُحدث بها تأثيراً؟
ج: يبدأ التأثير بالاتصال، والشركات لا تحتاج للبحث بعيداً لتغيّر حياة. شركاؤوا مع إدارات المدارس المحلية، شاركوا مسارات القوى العاملة والمهارات المطلوبة لتتوافق مع المناهج والدروس — سواء في الأمن السيبراني، أو الرعاية الصحية، أو التصنيع المتقدّم — وصوّبوا جهودكم وفقاً لذلك. يمكن لموظفيكم تقديم نبذات عن مساراتهم المهنية عبر جلسات افتراضية، أو المشاركة في معارض مهنية محلية أو وطنية، أو دعم برامج مخصصة في المدارس. تواصلوا مع قادة المناطق التعليمية لدعم مسارات التعليم المهني الحالية أو لابتكار مجالات جديدة تشرك الطلاب في استكشاف المهن. هذه الشراكات تمنح الطلاب خبرة عملية وتعرّضهم لخيارات حقيقية نحو العمل. إضافةً إلى المعرفة التقنية، تغرِس هذه البرامج القدرة على التكيّف، والتواصل، وحل المشكلات — وهي مهارات أساسية تربط بين ما يُعلّم في الصفّ وبين النجاح في مكان العمل.

يقرأ  مقتل مراهقين فلسطينيين اثنين على يد قوات إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة

س: ماذا عن الشركات الصغيرة التي لا تملك برامج تدريب رسمية؟
ج: كل شركة لديها ما تقدّمه؛ الأمر لا يتطلب ميزانية فورتشن 500 بقدر ما يتطلب نية ووضوح هدف. هل يمكن لموظفيكم أن يكونوا متحدثين في أيام المهنة؟ هل تستطيعون استضافة جلسات أسئلة وأجوبة افتراضية عن صناعتكم؟ هل يمكنكم رعاية مجموعة مجتمعية ضمن برنامج “الادخار للكلية”؟ كثيراً ما تُحدث الشركات الصغيرة أثراً أعظم لأنها متجذرة في المجتمع وتقدّم تواصلاً مستمراً وذو معنى. علاقة إرشاد واحدة، منحة دراسية واحدة، طالب يرى نفسه في قصة موظفكم — كلها قادرة على تحويل مسار حياة.

س: ما المقاييس التي ينبغي تتبّعها لإثبات أثر حقيقي؟
ج: كونوا مبدعين في إطار القياس لأن شراكات التعليم تتقاطع مع عدة أهداف أعمالية في آنٍ واحد. تابعوا مؤشرات مشاركة الموظفين؛ تظهر الأبحاث أن أصحاب العمل الذين لديهم برامج تطوّع يتمتعون ببيئة عمل أفضل. قيسوا أيضاً مؤشرات ثقة المجتمع وصورة العلامة التجارية في المناطق التي تستثمرون فيها. احصوا الطلاب الذين أتمّوا تدريبات مهنية وتحولوا إلى توظيف بدوام كامل، وتابعوا المعلمين الذين درّبتموهم ونطاق تأثيرهم المتسع. وثّقوا عدد الطلاب الذين نالوا شهادات صناعية، وعدد من استكشفوا مهن لم يكونوا يعرفونها من قبل، واستمعوا إلى الطلاب لتقييم ما ينجح — ملاحظاتهم هي بيانات بحد ذاتها. الأمر ليس عن عوائد سريعة؛ بل عن محاذاة تنمية القوى العاملة، والاستثمار المجتمعي، والانتماء، والحراك الاقتصادي، وهدف الموظف تحت مظلة استراتيجية واحدة. فكروا على مستوى الأجيال، وقيسوا بصورة شمولية، واعرفوا أن زائر صف اليوم قد يكون موظفكم غداً.

س: ما نداءكم للعمل في يوم العطاء وما بعده؟
ج: في يوم العطاء هذا قدّموا ما لا يشتريه المال: خبرتكم، وشبكاتكم، وأبوابكم. التزموا بشراكة واحدة، برنامج إرشاد واحد، مبادرة تدريب للمعلمين واحدة. ساعدوا المدارس على تسويق مسارات المهنة بصورة أفضل — فالطلاب لا يستطيعون أن يطمحوا إلى مهن لم يرونها. ركِّزوا على رفع مستوى المسارات لكل طالب: المجتمعات الريفية بحاجة أيضاً إلى الوصول لفرص العمالة المؤسسية، وليس فقط المدن الكبرى؛ والشباب الحضري بحاجة إلى شركاء ومرشدين من القطاع الخاص. ابنوا أنظمة تُقرِن بين الشهادات والمهارات الأساسية وتتكامل مع الحلول القائمة أو اتحدوا مع شركاء التعليم لصناعة أثر حقيقي، بما يسهّل لحاق الطلاب بسوق العمل المستقبلي.

يقرأ  المحكمة العليا في جنوب أفريقيا: منع الزوج من تبنّي لقب الزوجة غير دستوري

مستقبل العمل يُبنى اليوم على طلاب قدامنا في الفصول. السؤال هل سنستثمر لجعل ذلك المستقبل شاملاً، وماهراً، وجاهزاً — أم سنبقى نتساءل أين ذهبت المواهب؟

أضف تعليق