بورتلاند في مواجهة احتجاجات ترمب وتهديد الحرس الوطني

ماكس ماتزاين — بورتلاند، أوريغون
بي بي سي

صوت احتجاج خارج نافذتها يوقظ برينا هامر في منتصف الليل. الغاز المسيل للدموع يتسلل إلى مبنى سكنها، غراي لاندينغ، الواقع مقابل مقر إدارة الهجرة والجماك (ICE) في حي ساوث ووترفرونت في بورتلاند.

لقيت المنطقة خلال أشهر أخيرة صدامات ليلية متكررة بين عملاء فيدراليين ومتظاهرين يرتدون الأسود يعارضون اعتقالات متعلقة بالهجرة. «كأنها منطقة حرب»، تقول السيدة هامر، 57 عاماً، متحدثة عن شارعها. عدد من السكان تحدثوا مع بي بي سي عن الاضطرابات المركزة في بلوك واحد من المدينة، والتي صعدت التوترات وجعلت الملف على مرأى ومسمع البلاد.

«اضطررت أحياناً لارتداء قناع الغازات داخل منزلي»، تضيف وهي توضح أنها باتت تنام وهي مرتدية قناعها. الرئيس دونالد ترامب أعلن رغبته في إرسال الحرس الوطني لحماية الضباط والمقار الفدرالية، ما يحول بورتلاند إلى حالة اختبار جديدة في خطة ترامب لنشر القوات في أماكن — معظمها مدن تديرها الديمقراطيون — التي وصفها بأنها غارقة في الجريمة. «بورتلاند تحترق حتى الأساس» وأنها موبوءة بـ«متمردين في كل مكان»، كما قال.

إلا أن قاضياً فيدرالياً أعاق هذه الخطط مؤقتاً، معتبراً أن الرئيس بدا وكأنه «تجاوز صلاحياته الدستورية». كما سخر كثير من سكان المدينة البالغ عددهم نحو 635 ألفاً من تصريحات ترامب واعتبروها مبالغة.

بالنسبة لسكان غراي لاندينغ، المعركة يومية على باب منزلهم، رغم اختلاف الآراء حول المسؤول عن العنف. بعض سكان المبنى يشيرون إلى أفعال عناصر أنتيفا — حركة يسارية لا مركزية مناوئة للفاشية — وقد أُدرجت على قوائم ترامب كمجموعة إرهابية محلية. جيران في المبنى متعاطفون مع متظاهرين أكثر تطرفاً سمحوا لهم بالدخول، ما أدى إلى اشتباكات في الممرات، بحسب روايات سكان.

يقرأ  النجاة من كارثة على إيفرست: متسلقون يُنقَذون بعد عاصفة ثلجية ضربت التبت بعد أيام من فيضانات مميتة في نيبال

وبحسب تسجيلات تصويرية عرضتها السيدة هامر على بي بي سي، فقد تعرّض بعض الخارجين ليلاً لهجمات وتهديدات؛ تظهر اللقطات إطلاق رصاص وضرب أحد السكان في وجهه على يد متظاهر. عمدة المدينة كيث ويلسون حمّل الوكلاء الفدراليين المسؤولية عن تأجيج الحشود، ودعا إلى التحقيق في ممارسات عملاء ICE، بما في ذلك استخدام رذاذ الفلفل وذخائر التأثير. «هذه مقاربة عدوانية تحاول تأجيج وضع كان في الأصل سلمياً»، قال ويلسون بعد ليل آخر من الغاز والاعتقالات العنيفة.

مهما كان الملام، فإن العنف قد غيّر المجتمع بالفعل. مدرسة كوتونوود، المجاورة لمبنى ICE، انتقلت في أغسطس بعد العثور المتكرر على «ذخائر» في ساحة اللعب، وفقاً للمسؤولين. خلال زيارة نهارية قامت بها بي بي سي، بدا بعض السكان يتجولون وسط المبنى: أحدهم يحمل جرذيْه الأليفين ويصرخ بإهانات في وجه عملاء ICE المتمركزين أمام المبنى؛ آخر يرتدي زي دجاجة يلوح للسيارات.

سِندي كولغروف، 63 عاماً، تسكن غراي لاندينغ وتقول إن الأمر كان «115 يوماً من الجحيم» منذ تصاعد الاحتجاجات ضد ترامب أمام منشأة ICE في يونيو. «لا أخرج إلا نهاراً»، تقول وهي تمشي كلب جارها قرب مجموعة صغيرة من المحتجين السلميين. «كل أولئك الناس السود — أنتيفا — لا يظهرون في النهار، يأتون بالليل. خلال النهار ترى هؤلاء المسنين الصغار الذين يظنون أنهم يغيّرون العالم قبل أن يرحلوا».

تُظهر السيدة كولغروف، التي تعرضت بحسبها لهجوم أثناء تأييدها للشرطة، أنها تحمل الآن أدوات دفاعية في سلة مشّائها: علبة رذاذ قوي ومسدس صاعق. من جانبه، ماِي تاي بويد، 44 عاماً، مالك كلب آخر، يقول إنه لا يعتقد أن المبنى «تُرك» من قبل المسؤولين المحليين. بويد، مخضرم جيش الطيران الأميركي، يرى أن خطة إرسال قوات مسلحة انتهاك صارخ للدستور: «لا أفهم لماذا لا تستطيع أجهزة إنفاذ القانون التعامل مع الموقف. لماذا نرسل قوات مدربة على القتال؟»

يقرأ  التفكيرُ النقديُّ: نَمَطٌ ذِهْنِيٌّ

في أجزاء أخرى من بورتلاند المشهورة بطابعها الليبرالي، الحياة مستمرة كالمعتاد؛ مثلاً شارك أكثر من 12 ألف شخص في ماراثون المدينة يوم الأحد ومرّوا بجوار منشأة ICE دون حوادث. وأقرب وجود للحرس الوطني لوحظ عبر كتيّب تجنيد عند خط النهاية يدعو العداء للتسجيل.

في غراي لاندينغ، تجري الآن عملية تنظيف وتركيب مصافي هواء صناعية تصدر ضجيجاً عالياً داخل المبنى. السكان يشتكون من أن غازات قمع الشغب التي تطلقها القوات الفدرالية تنتقل عبر نظام التهوية إلى داخل الشقق. «تمرّ في الممر، وتدخل مباشرة»، تقول السيدة هامر، التي زارت المستشفى مرتين نتيجة شعورها بأن الغاز «يضغط على القلب». تعمل آلات HEPA 700 بصخب، مصحوبة بلافتات تشرح أنها «تصفّي الغاز المسيل للدموع ومواد كيميائية أخرى من الهواء». كما وُضعت وسادات لاصقة بيضاء عند المداخل لالتقاط مسحوق غاز الاعتراض ومنع نقله داخل المبنى على نعال الأحذية.

برغم معارضتها لسياسات ترامب كلها، بما في ذلك نهجه في إنفاذ قوانين الهجرة، تؤكد برينا هامر بأنها تؤيد خطة إرسال الحرس الوطني لدعم الوكلاء الفدراليين. «هذا أمر أدعمه فيما يخص ترامب»، تقول وهي تستعد ليل آخر من صفارات الإنذار والغاز. «لأن المدينة فشلت في حمايتنا، ولا أريد أن أكون ضحية غير مقصودة. وحقوقي مهمة أيضاً.»

أضف تعليق