أجلت اسرائيل مجدداً إعادة فتح معبر رفح مع مصر أمام حركة الأشخاص، وقال وزير الخارجية غيديون ساعر إنه قد يُفتح يوم الأحد، في وقت تسببت فيه غارات إسرائيلية بمقتل ما لا يقل عن ثلاثة فلسطينيين في جنوب غزة.
في بيان يوم الخميس، أفادت قيادة التنسيق والارتباط (COGAT) — الوحدة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن الشؤون المدنية في الأراضي المحتلة — أن تنسيقاً جارياً مع مصر لتحديد موعد إعادة فتح معبر رفح لحركة الأشخاص بعد إتمام الاستعدادات اللازمة.
وأضافت القيادة أن المعبر سيبقى مغلقاً أمام المساعدات، زاعمة أن صفقة الهدنة لا تتضمن إعادة فتحه. وأوضحت أن جميع الإمدادات الإنسانية المتوجهة إلى غزة ستعبر بدلاً من ذلك عبر معبر كرم أبو سالم (المعروف في إسرائيل باسم Kerem Shalom) بعد عمليات تفتيش أمنية إسرائيلية.
ونقل وكالة الأنباء الإيطالية ANSA عن وزير الخارجية الإسرائيلي قوله إن رفح من المرجح أن يعاد فتحه يوم الأحد، من دون تفاصيل إضافية.
كان من المقرر أن يفتح المعبر يوم الأربعاء بموجب بنود اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس الذي دخل حيز التنفيذ الأسبوع الماضي.
لطالما كان معبر رفح بالنسبة للفلسطينيين في غزة الصلة الوحيدة مع الخارج والمخرج الوحيد غير الخاضع للسيطرة المباشرة لإسرائيل. في مايو الماضي اقتحمت القوات الإسرائيلية المعبر واستولت على السيطرة عليه وجرفت مبانيه.
ولأول مرة منذ عشرين عاماً، سيطرت القوات الإسرائيلية مباشرة على المعبر الحدودي ونشرت جنودها في ممر فيلادلفيا بأكمله، حيث لا تزال موجودة حتى اليوم.
وكجزء من صفقة وقف إطلاق النار الأميركية، التي تنص على انسحاب تدريجي، تبقى القوات الإسرائيلية في نحو 53 في المئة من مساحة غزة، بما في ذلك معظم رفح، وهو ما يثير تساؤلات حول إمكانية استخدامه.
سبعون مليون طن من الانقاض
بعد صفقة الهدنة الأسبوع الماضي، قالت الأمم المتحدة إن هناك تقدماً ضئيلاً فقط في إيصال المساعدات إلى غزة، وأن المساعدات يجب أن تدخل على نطاق واسع لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة.
مع وجود مظاهر المجاعة في أجزاء من غزة، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر يوم الأربعاء إن آلاف المركبات المحملة بالمساعدات سيتعين عليها الآن الدخول أسبوعياً لتخفيف الأزمة، في ظل ندرة الرعاية الطبية وتشرد معظم سكان القطاع البالغ عددهم نحو 2.2 مليون نسمة.
وقالت متحدثة اليونيسف تيس إنغرام لقناة الجزيرة إن الفلسطينيين في شمال غزة «في حاجة ماسة» إلى الغذاء والماء بعد أن عاد آلاف إلى مناطق دُمّرت بالكامل.
ومن منطقة المواسي في جنوب قطاع غزة، قالت إنغرام للجزيرة إنه لرفع مستوى إيصال المساعدات الإنسانية يجب فتح عدة معابر إلى القطاع.
«المخاطر كبيرة جداً»، أضافت. «هناك 28 ألف طفل تم تشخيصهم بسوء التغذية خلال شهري يوليو وأغسطس وحدهما، وآلاف آخرون منذ ذلك الحين. لذا علينا التأكد من أن ما يدخل ليس طعاماً فقط، بل أيضاً علاجات لسوء التغذية.»
وقالت مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن المساعدات التي دخلت منذ تراجع الهجوم الإسرائيلي كانت «قطرة في محيط».
وأضاف المكتب في بيان أنه «تتطلب المنطقة على وجه السرعة تدفقاً كبيراً ومستمراً ومنظماً من المساعدات والوقود وغاز الطهي والإمدادات الإغاثية والطبية».
وفي بيان منفصل، أشار المكتب إلى أن ما يصل إلى 70 مليون طن من الانقاض والحطام يعبث بالأرض بعد قصف إسرائيلي استمر عامين.
«تشمل هذه الأنقاض آلاف المنازل والمرافق والبنى التحتية الحيوية»، قال البيان. «وتواجه عملية إزالة هذا الكم الهائل من الأنقاض عقبات شديدة، أبرزها نقص المعدات والآليات الثقيلة بسبب حظر الاحتلال على دخولها، والإغلاق الكامل للم crossings الحدودية، ومنع إدخال المواد والآليات اللازمة لاستخراج جثث الضحايا» وأضاف البيان.
استمرار الانتهاكات الإسرائيلية
يأتي هذا البيان بعد أن فرضت إسرائيل قيوداً جديدة على دخول المساعدات إلى غزة في وقت سابق هذا الأسبوع وأجلت إعادة فتح معبر رفح، متهمة حماس بتأخرها في إعادة بقية الجثث المحتجزة.
وتقول الحركة إنها سلمت كل الجثث التي تمكنت من انتشالها. وأكد الجناح العسكري لحماس أن تسليم المزيد من الجثث في غزة، التي تحولت مساحات واسعة منها إلى أكوام أنقاض بفعل القصف الإسرائيلي، يتطلب إدخال آليات ثقيلة ومعدات حفر إلى القطاع المحاصر.
واعتبر مسؤول كبير في حماس يوم الخميس أن إسرائيل تنتهك الهدنة بقتلها ما لا يقل عن 24 شخصاً في هجمات منذ يوم الجمعة، وقال إن قائمة بهذه الانتهاكات سُلّمت للوسطاء.
«الدولة المحتلة تعمل ليلاً ونهاراً على تقويض الاتفاق من خلال انتهاكاتها الميدانية»، قال المسؤول.
وبحسب وزارة الصحة في غزة، وصلت جثث 29 شخصاً قتلوا في هجمات إسرائيلية إلى مستشفيات القطاع خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وتشمل هذه 22 جثة انتشلت من تحت الأنقاض، وثلاثة توفوا متأثرين بجراحهم، وأربعة قتلى في هجمات إسرائيلية جديدة.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) أن ثلاثة أشخاص على الأقل قُتلوا في غارات جوية إسرائيلية شرقي خان يونس يوم الخميس.
وأضافت الوزارة أن جثث 30 فلسطينياً قتلوا خلال الحرب أُعيدت يوم الخميس، ليرتفع عدد الجثث التي استلمتها منذ يوم الاثنين إلى 120.
وتقول السلطات في غزة إن الجثث تظهر عليها علامات تعذيب، منها الشنق وآثار الحبال، وربط اليدين والقدمين، وإطلاق النار عن قرب.
وأضاف مكتب الإعلام أن عشرات الجثث التي لم تُعرف هويتها بعد أظهرت «دليلاً قاطعاً على إعدامات ميدانية وتعذيب وحشي».
«ندعو إلى إنشاء لجنة دولية مستقلة للتحقيق فوراً في هذه الجرائم النكراء ومحاسبة القادة الإسرائيليين على جرائم الحرب المرتكبة ضد شعبنا في قطاع غزة»، طالب بيان المكتب.