تلتقي الدول ليومها الثاني من المفاوضات، بعدما أُبرمت هدنة يوم السبت لوقف أسابيع من القتال.
تعتزم تايلاند وكمبوديا إعادة بناء الثقة المتبادلة وتوطيد وقف إطلاق النار، بحسب بكين، التي عدّت ختام يومين من المحادثات في جنوب غربي الصين مُثمراً، رغم اتهامات جديدة من الجيش التايلاندي بأن نظراءه الكمبوديين ينتهكون الهدنة عبر طلعات جوية من طائرات بدون طيار.
التقى وزراء خارجية تايلاند وكمبوديا مع وزير الخارجية الصيني في مقاطعة يونّان يوم الاثنين، في إطار المحادثات المقررة لمدة يومين الرامية إلى إنهاء أسابيع من القتال العنيف على الحدود الذي أودى بحياة أكثر من 100 شخص وشرّد أكثر من نصف مليون مدني في البلدين.
قصص موصى بها
اعتُبرت المحادثات مبادرة لبناء الثقة المتبادلة تهدف إلى استعادة “السلام والأمن والاستقرار” على طول الحدود، وجرت بعد أن اتفق الطرفان على هدنة يوم السبت جمدت مواقع القوات في مواقعها الحالية.
كجزء من الاتفاق، وافقت تايلاند على إعادة 18 جندياً كمبودياً يوم الثلاثاء إذا ما التزمت الأطراف بالهدنة التي دخلت حيز التنفيذ عند الظهر (05:00 بتوقيت غرينتش) يوم السبت. سيعاد إطلاق سراحهم وفقاً لذلك الشرط.
اتجاه إيجابي
وبعد الاجتماع قال وزير الخارجية التايلاندي سيهاساك فوانغكيتكيو للصحفيين إنه يعتقد أن الأطراف “تتحرك في اتجاه إيجابي”.
“لم نحل كل القضايا بعد، لكن أعتقد أننا نحرز تقدماً في الاتجاه الصحيح، ويجب أن نحافظ على زخْم هذا التقدم”، أضاف.
وقال وزير خارجية كمبوديا براك سوخون لقناة التلفزيون الحكومي الكمبودي إنه يعتقد أن الهدنة الأخيرة سوف تستمر وتوفر بيئة لجيران لحل خلافاتهم.
“لا نريد العودة إلى الماضي، أي لا أحد يرغب في رؤية هذا القتال يتكرر. لذلك، ما يهم هو أن تكون هذه الهدنة دائمة ويجب احترامها وتنفيذها بحزم.”
وفي بيان أصدره وزارته قال وزير الخارجية الصيني وانغ إي إن النقاشات كانت “مفيدة وبنّاءة وتم التوصل إلى إجماع مهم”.
وأفاد بيان مشترك أذاعته وكالة أنباء شينخوا الرسمية أن بانكوك ونوم بنه ستعملان على “إعادة بناء الثقة السياسية المتبادلة، وتحقيق تحول في العلاقات، والحفاظ على السلام الإقليمي”.
تايلاند تتهم بانتهاكات
رغم التصريحات الإيجابية عن المحادثات، اتهم الجيش التايلاندي يوم الاثنين كمبوديا بانتهاك الهدنة عبر تشغيل مئات الطائرات بدون طيار فوق أراضيه، محذراً من أنه قد يعيد النظر في الإفراج المقرر عن الجنود الكمبوديين الثمانية عشر.
وقال الجيش التايلاندي في بيان إن “أكثر من 250” طائرة بدون طيار رُصدت وهي “تخترق سيادة الأراضي التايلاندية” ليلة الأحد، واصفاً الحادث بأنه “استفزاز” و”انتهاك للإجراءات الرامية إلى خفض التوتر” وغير متوافق مع اتفاق يوم السبت.
وأضاف البيان أن الجيش التايلاندي “قد يضطر إلى إعادة النظر في قراره بشأن إطلاق سراح 18 جندياً كمبودياً، اعتماداً على الظروف والسلوك المرصود”.
من جانبه وصف سوخون الحادث في تصريح له على التلفزيون الحكومي الكمبودي بأنه “قضية صغيرة تتعلق بطائرات بدون طيار شوهدت من قبل الطرفين على طول خط الحدود”، مضيفاً أن البلدين ناقشا الأمر واتفقا على التحقيق فيه و”حله فوراً”.
منطقة الحدود مهجورة
إلى جانب التعهد بإعادة الجنود الكمبوديين، اتفق الطرفان في هدنة السبت على التعاون في جهود نزع الألغام ومكافحة الجرائم السيبرانية والسماح للمدنيين المقيمين في مناطق الحدود بالعودة إلى منازلهم في أقرب وقت ممكن.
تمكّن فريق الجزيرة من الحصول على وصول حصري إلى إحدى مناطق الحدود التي تقدمت فيها القوات التايلاندية إلى الأراضي الكمبودية في مقاطعة بانتيي ميانتشي، حيث رصد المراسل أسد بيغ أن الأسلحة سقطت صمتها منذ اتفاق السبت، لكن المنطقة تظل متناثرة بقذائف متفجرة وشظايا وألغام غير منفجرة.
أوضح أن القرى خلت من السكان، وأن بعض السكان حاولوا حفر ملاجئ مؤقتة بأنفسهم قبل أن تقترب الاشتباكات وتجبرهم على الفرار.
“الناس يخشون العودة أو الاقتراب من الحدود”، قال بيغ.
وأضاف أن الهدنة رغم تمسّكها لم تُنهِ الأسباب الأعمق للصراع، المتمثلة في نزاعات إقليمية على طول الحدود التي تمتد نحو 800 كيلومتر.
“لكن كلما طال صمت البنادق، ازدادت فرصة أن يتحول هذا الهدوء الهش إلى سلام دائم.”