حذّر الأمين العام للأمم المتحدة ووكالات الإغاثة من أن قواعد تسجيل جديدة أصدرتها إسرائيل قد تعرض الاستجابة الإنسانية في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزه لخطر الانهيار، إذا أُجبرت المنظمات الدولية غير الحكومية على وقف أنشطتها.
تنص القاعدة على أن المنظمات الدولية التي لا تسجّل طلباتها قبل 31 ديسمبر معرضة لإغلاق عملياتها داخل إسرائيل خلال 60 يوماً، وهو ما قد يعطّل بشدة الخدمات الصحية وغيرها من الخدمات المنقذة للحياة في غزة.
قالت مؤسسة إنقاذ الطفولة إنها لم تحصل على موافقة طلب تسجيلها وتعمل على استنفاد «كافة السبل المتاحة» لإعادة النظر في هذا القرار، بما في ذلك اللجوء إلى المحاكم الإسرائيلية، مع تأكيدها استمرار التزامها بتقديم الدعم الحيوي للأسر والأطفال عبر فريقها المحلي وشركائها.
من جهتها، تؤكد وزارة شؤون الشتات ومكافحة معاداة السامية الإسرائيلية أن مغادرة «المنضمات» المارقة لن تؤثر على إيصال المساعدات، وأنها مدّت مهلة التسجيل من 9 سبتمبر إلى 31 ديسمبر كإجراء استثنائي يتجاوز المتطلبات المعتادة. وأضافت الوزارة أن 14 طلباً قُوبلَ بالرفض حتى الآن، و21 طلباً قُبِلت، فيما لا تزال بقية الطلبات قيد المراجعة.
يتضمن نظام التسجيل، الذي أُعلن في مارس، مجموعة من أسباب الرفض المحتملة بينها: إنكار قيام إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، إنكار الهولوكوست أو هجمات 7 أكتوبر 2023 بقيادة حماس، دعم نضال مسلّح ضد إسرائيل من قبل دولة عدائية أو منظمة مصنفة إرهابية، الترويج لحملات تقويض شرعية إسرائيل أو الدعوة لمقاطعتها، أو دعم مقاضاة قوات الأمن الإسرائيلية في محاكم أجنبية أو دولية.
في بيان مشترك، حذّر فريق العمل الإنساني للأراضي الفلسطينية المحتلة — وهو منتدى يجمع وكالات الأمم المتحدة وأكثر من 200 منظمة محلية ودولية — من أن النظام «يعرّض بشكل أساسي» عمليات المنظمات الدولية في غزة والضفة للخطر. وأشارت المجموعة إلى أن المعايير غامضة وتعسفية وذات طابع سياسي قوي، وأن متطلبات التسجيل قد تضطر بعض المنظمات إلى خرق التزاماتها القانونية الدولية أو التنازل عن مبادئها الإنسانية الأساسية من أجل الامتثال.
وأشار الفريق إلى أن المنظمات الدولية تشكّل حالياً العمود الفقري لعدد كبير من خدمات غزة الميدانية: تشغيل أو دعم معظم المستشفيات الميدانية ومراكز الرعاية الصحية الأولية، الاستجابة الطارئة للمأوى، خدمات المياه والصرف الصحي، مراكز تثبيت التغذية للأطفال المصابين بسوء تغذية حاد، وأنشطة نزع الألغام الحرجة. وإذا اضطرت هذه المنظمات للتوقف، فستغلق واحدة من كل ثلاث منشآت صحية في غزة.
وحذّر البيان من أن المضيّ قدماً في هذه السياسة سيترتب عليه آثار بعيدة المدى على مستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة، إضافة إلى تهديد وقفٍ هشّ وهدد حياة الفلسطينيين على نحو فوري، لا سيما مع اقتراب فصل الشتاء. كما شدّد على أن الأمم المتحدة لن تكون قادرة على سد الفراغ الناتج عن انهيار أنشطة هذه المنظمات، وأن الاستجابة الإنسانية لا يمكن استبدالها بجهات تعمل خارج المبادئ الإنسانية المعروفة. كما ذكّر البيان بأن من واجبات إسرائيل بموجب القانون الإنساني الدولي ضمان تزويد سكان غزة بما يكفيهم من احتياجات أساسية.
وأكّد فريق إعلامي أن منظمة أطباء بلا حدود، التي تدعم ستة مستشفيات عامة وتدير مستشفيين ميدانيين في غزة وعالجت مئات الآلاف خلال العام الماضي، لاتزال تنتظر الموافقة على تسجيلها. وقالت المنظمة إن فقدان وصول هذه الجهات المستقلة وذات الخبرة إلى الميدان سيكون «كارثياً» على المدنيين، ودعت السلطات الإسرائيلية إلى ضمان قدرة المنظمات على الحفاظ على استجاباتها المحايدة والمستقلة في غزة، مع التحذير من أن الاستجابة الإنسانية المحدودة أصلاً لا تتحمّل مزيداً من التفكيك.