تحليل — إسرائيل تهدم المزيد من المباني في قطاع غزة الخاضع للسيطرة العسكرية

صورٌ أقمارٍ صناعية تُظهر استمرار عمليات هدمٍ خلف «الخط الأصفر»؛ وخبراء يحذّرون من احتمال خرق اتفاقية جنيف.

مراجعة وكالة «سند» للتحقق التابعـة للجزيرة لصورٍ مُلتقطة بالأقمار الصناعية تُبيّن أن الجيش الإسرائيلي واصل هدم مبانٍ في مناطقٍ من غزة احتلّها منذ دخول هدنةٍ مع حماس حيز التنفيذ. الجماعة الفلسطينية اعتبرت تلك الأعمال خروقاتٍ لاتفاق الهدنة الذي بدأ سريانه في 10 أكتوبر، فيما يقول خبراء قانونيون ومسؤولون أمميون إن تدمير البُنى المدنية قد يرقى إلى جريمة حرب.

الجيش الإسرائيلي لم يُجب فوراً على طلب تعليق من الجزيرة، لكن مسؤولين إسرائيليين سبق أن برروا هذه الإجراءات بكونها ضمن إطار الهدنة وبردّ فعل على تهديداتٍ نشطة. منذ بدء الهدنة، تسيطر إسرائيل على نحو 58 في المئة من مساحة قطاع غزة، بعد انسحاب خلف ما يُسمى «الخط الأصفر» الذي يفصل غزة الساحلية عن مناطقها الحدودية.

تفحّص الصور بين 5 نوفمبر و13 ديسمبر أظهر أن موجة الهدم الأخيرة تركزت في حي الشجاعية وحيّ الطفّة في مدينة غزة، كما سجّلت تحطيمات في مدينة رفح جنوبي القطاع، ولا سيما تدمير مرافق زراعية شرقي دير البلح في وسط غزة.

في رسالة إلكترونية إلى الجزيرة، أوضح عديل حقي، أستاذ قانون النزاع المسلح في كلية الحقوق بجامعة روتجرز، أن نصّ اتفاقية جنيف الرابعة يحظر على القوة المحتلة «أي تدمير للممتلكات الخاصة إلا إذا تقتضيه العمليات العسكرية ضرورة مُطلقة». وأضاف أن شرط الاستثناء ضيقٌ جداً: فالتدمير يجب أن يكون «مطلوباً بالضرورة المطلقة» وليس مجرد إجراء ميسّر أو مفيد، وأن هذه الضرورة يجب أن تنبع من عمليات قتالية فعلية أو من استعدادات مباشرة للقتال. ومع وجود هدنة عامة وتبادلات نيران متفرّقة، استبعد أن يكون مثل هذا التدمير الواسع للممتلكات المدنية مبرّراً بمقتضى الضرورة العسكرية.

يقرأ  «يوم التعطيل» — تظاهرة لعائلات ومؤيدين لأسرى إسرائيليين محتجزين في غزةأخبار الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني

تحليل «سند» كشف أيضاً عن إنشاء موقعٍ عسكري متقدّم جديد في تلّ الزعتر شمال غزة، حيث نُصبت خيام ومعدّات جديدة بين 5 نوفمبر و13 ديسمبر. وكان ثبُت وجود 39 نقطة عسكرية إسرائيلية نشطة داخل القطاع قبل إقامة هذا الموقع.

طوال مجريات الحرب، تعرّضت غزة لدمار واسع؛ إذ أفادت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) الشهر الماضي بأن حوالي 282,000 وحدة سكنية دمرت في القطاع، حيث لا يزال نحو 1.5 مليون فلسطيني مُشردين. كما تضرّر أو دُمّر نحو 93 في المئة من المدارس، وبقي 63 في المئة من المستشفيات خارج الخدمة حتى 9 ديسمبر.

في سبتمبر، استندت لجنة مستقلة شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى سلسلة هجمات على بنى تحتية مدنية، وبالأخص منشآت طبية، لتؤكّد في نتائجها أن ما ارتكب في غزة يرقى إلى إبادة جماعية. وفي الوقت نفسه، أفادت وزارة الصحة في غزة بأن 391 فلسطينياً قُتلوا في هجمات إسرائيلية منذ دخول الهدنة حيّز التنفيذ.

إجمالاً، بلغ عدد الفلسطينيين القتلى في غزة على الأقل 70,663 منذ هجوم حركة حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 1,139 شخصاً. الأسبوع الماضي أدان عضو المكتب السياسي لحماس حسام بدران ما نُسب لقائد الجيش الإسرائيلي إيئال زامير من وصف «الخط الأصفر» بأنّه «الحدّ الفاصل الجديد» مع غزة، وقال بدران إن حماس تُعتبر عمليات الهدم في تلك المنطقة استمراراً للعمليات العسكرية.

أضف تعليق