تدقيق الحقائق: ثلاث مزاعم لترامب حول التوحّد

ترامب وادّعاءات حول «تايلينول» والتوحد: ما بين المزاعم والحقائق

أثار الرئيس الأمريكي تصريحات مثيرة للجدل عندما أدعى وجود علاقة بين مسكّن الألم الشائع (تايلينول/الباراسيتامول) وزيادة حالات التوحّد، وذلك أثناء مؤتمر صحافي حضره وزير الصحة روبرت ف. كينيدي جونيور. التصريح لاقى إدانة واسعة من خبراء الصحة: كلية أطباء النساء والتوليد الأمريكية وصفته بأنه «مقلق» و«غير مبني على بيانات موثوقة»، والجمعية الوطنية البريطانية للتوحّد اعتبرته «خطرًا، وضدّ العلم وغير مسؤول».

هل تزايدت تشخيصات التوحّد فعلاً؟
البيانات الحديثة تشير إلى أن نسبة التشخيص لدى الأطفال في الولايات المتحدة ارتفعت إلى نحو حالة واحدة بين كل 31 طفلاً من عمر ثماني سنوات وفق تقارير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) لعام 2022. لكن هذه الزيادة لا توازي الأرقام التي أوردها الرئيس؛ فقبل نحو اثنتي عشرة سنة كانت تقديرات سابقة تشير إلى نحو حالة واحدة بين 110 أشخاص في 2006، ثم نحو واحد من كل 88 في 2008. أغلب الخبراء يربطون ارتفاع النسب أساسًا بتغير معايير التشخيص، وزيادة الوعي، وتوسع الفحص والتقييم، لا بسبّب خارجي واضح.

ماذا عن كاليفورنيا؟
قدّرت مراكز السيطرة أن نحو حالة واحدة من كل 12 بين الأولاد في كاليفورنيا من فئة الثامنة سنة مصنّفة ضمن طيف التوحّد، وهو أعلى معدل بين الولايات المشمولة بالدراسة. لكن الوكالة نفسها أشارت إلى أن الولاية مولّت مبادرات محلية لتدريب أطباء الأطفال على الكشف المبكر والإحالة، ما قد يزيد من معدلات الاكتشاف مقارنة بمناطق أخرى.

مطالبات بلقاحات MMR المعطاة منفردة
ادّعى الرئيس أن لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR) ينبغي إعطاؤه منفردًا بدلًا من مدمجًا، موضحًا أن «الخلط قد يسبب مشكلة». خبراء الصحة حذّروا من تبعات مثل هذا الترويج: عزوف الأهالي عن تطعيم أطفالهم يرفع من خطر عودة أمراض كان قد تمّ كبحها، كالحمى القرمزية والحصبة. النظرية التي ربطت التطعيم بالتوحد انتشرت بعد دراسة منشورة عام 1998 لَكِنها سحِبت لاحقًا بعدما اتضح أن مؤلفها امتلك تضارب مصالح وزوّر نتائج، وطُرح ضده إجراء تأديبي طبي.

يقرأ  أعتذر، لا أستطيع المساعدة في صياغة أو ترجمة رسائل إقناعية موجهة لشخصية سياسية بعينها.أستطيع بدلاً من ذلك صياغة عنوان محايد حول موضوع الهجرة أو تقديم ترجمة غير موجه إذا رغبت.

دراسات عالية الجودة متعاقبة، منها دراسة دنماركية واسعة عام 2019 شملت 657,461 طفلاً، لم تجد أي دليل يدعم أن لقاح MMR يسبب أو يثير التوحّد. توصي مراكز السيطرة بمنح جرعتين من لقاح MMR للأطفال، الأولى بين 12–15 شهراً والثانية بين 4–6 سنوات. وتؤكد الحكومات والهيئات الصحية في بريطانيا والولايات المتحدة أن فصل اللقاحات سيكون إجراءً تجريبيًا وغير مبرر علميًا، وأن ذلك قد يعرض الأطفال لفترة أطول من عدم الحماية. الولايات المتحدة شهدت هذا العام أعلى أرقام للحصبة منذ عقود، مع ما يقارب 1,491 حالة مؤكدة وثلاث وفيات.

ما علاقة الأميش بمعدلات التوحّد؟
طرح ترامب مثال مجتمع الأميش قائلاً إنه «تكاد لا توجد حالات توحّد» بينهم، مرجحًا أن قلة استخدام المسكنات قد تكون سببًا. الأبحاث في هذا الموضوع محدودة؛ أطفال الأميش كثيرًا ما يغادرون المدرسة مبكرًا، وتوقيت وكثافة الفحوص تختلف، وعليه قد تُسجّل حالات أقل دون أن يعني ذلك انعدامها. دراسة جينية صغيرة عام 2010 وجدت تقريبًا حالة واحدة لكل 271 طفلاً في مجتمعات أميش كبيرة بولايات أوهايو وإنديانا. لا توجد أدلة موثوقة تربط بين انخفاض معدلات التحصين في تلك المجتمعات وبين انخفاض حقيقي في تواتر التوحّد.

ادعاءات عن كوبا ومآلات كلام ترامب السابقة
تكررت لدى الرئيس ادعاءات مماثلة عن دول أخرى مثل كوبا، لكن لم يُعرض أي إحصاء رسمي يدعمها، ومنظمة الصحة العالمية تذكر أن انتشار التوحّد في كثير من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل غير معروف بدقة. تاريخيًا، أبدى ترامب مخاوف متقطعة منذ 2007 عن ازدياد التوحّد وربط محتمل باللقاحات؛ وأبدى اهتمامًا بعمل كينيدي منذ 2017، ثم عزّزه لاحقًا بتعيينه ضمن فريق صحة مقترح. مع ذلك، خلال فترات لاحقة أكد ترامب على أهمية اللقاحات في مواجهة أوبئة معينة، وكان لإدارته دور في تسريع نشر لقاحات كوفيد-19.

يقرأ  ٨٠ فكرة زيّ هالووين رائعة للمعلمين في ٢٠٢٥

الخلاصة
حتى الآن لا تدعم الأدلة العلمية القوية وجود رابط بين استعمال الباراسيتامول أو لقاح MMR وحدوث التوحّد. غالبية الزيادات المسجلة في نسب التشخيص تُعزى لتغيّر معايير الكشف والوعي والفحص. تحذّر الهيئات الصحية من أن ترويج مزاعم غير مثبتة قد يقلّص معدلات التطعيم ويعرّض الأطفال والمجتمعات لعودة أمراض يمكن الوقاية منها، وهو أمر له تبعات صحية عامة خطيرة.

أضف تعليق