أقرّ الرئيس دونالد ترامب علنًا بأن حزمة مقايضة عملات أميركية بقيمة 20 مليار دولار (15 مليار جنيه إسترليني) جاءت في جوهرها كمحاولة للتأثير على نتائج الانتخابات التشريعية في الأرجنتين هذا الشهر.
مستقبلًا زعيم اليمين التحرري خافيير ميلي في البيت الأبيض، حذّر ترامب من أن واشنطن لن «تضيع وقتها» في مساعدة الأرجنتين إذا لم تفز حملة ميلي. من جهته أثنى ميلي على جهود ترامب الدبلوماسية واصفًا سياسات الرئيس الأميركي بأنها طريق نحو «الازدهار».
تأتي الاضطرابات المالية في الأرجنتين قبيل استحقاق منتصف الدورة المقرّر في 26 أكتوبر، والذي يُنظر إليه باعتباره اختبارًا لرغبة الناخبين في الاستمرار بدعم برنامج ميلي القائم على خفض الإنفاق والاقتصاد الحر.
بينما جلسا أمام بعضهما الثلاثاء، قال ترامب بصراحة ما كان يلتزم الصمت عنه في مناسبات سابقة: «الانتخبات قريبة جدًا… إنها انتخاب كبير». وأضاف: «الانتصار لميلي مهم جدًا. أسمع أن مؤشرات الرأي لديك جيدة. أعتقد أنها ستتحسّن بعد هذا». ثم ربط: «موافقتنا إلى حدّ ما تخضع لمن سيكسب الانتخابات».
على الرغم من أن الانتخابات الرئاسية لا تُجرى في الأرجنتين قبل 2027، حذّر ترامب من أنه لو فاز «اشتراكي» فستتغير نظرة الولايات المتحدة تمامًا إلى تقديم الدعم، وقال: «إذا خسر، لن نكون كرماء مع الأرجنتين».
ميلي من جهته حمّل خصومه مسؤولية الأزمة: «مشكلة السيولة التي تعانيها الأرجنتين نتيجة الهجمات السياسية التي تعرّضنا لها من معارضينا»، قالها لرئيس البيت الأبيض.
دعم ترامب لحليفه الليبرالي، الذي تولى الحكم في ديسمبر 2023، ليس سرًا، لكن الربط الصريح بين صفقة مقايضة العملة التي أعلنها الطرفان وبعض حظوظ ميلي الانتخابية أمر لافت، خصوصًا من رئيس أميركي سبق أن ندد بالتدخلات الأجنبية في انتخابات الدول الأخرى.
في الانتخابات الإقليمية الأخيرة في بوينس آيرس، أدّى أداء تحالف «لا ليبرتاد أفانزا» لميلي إلى نتيجة أقل من المتوقع، ما أثار مخاوف الأسواق بشأن احتمال تآكل قدرة برنامجه الاقتصادي. كما تعرّض حزبه لسلسلة فضائح فساد أحدثت شرخًا في صورته العامة.
خسارة المقاعد أو فشل الحزب في كسب المزيد في منتصف الدورة قد يعيق قدرة الحكومة على تمرير مزيد من الإصلاحات، لا سيما وأن العديد من قراراته قد أُلغيت بالفعل من قبل الكونغرس الذي لا يملك فيه أغلبية.
هل سيُحدِث الدعم الأميركي فرقًا فعليًا؟ الأسهم الأرجنتينية هبطت بعد مؤتمر الثلاثاء، ويبدو أن التدخّل الذي كان مقصودًا استقرار العملة—البيزو—أصبح مرتبطًا بضمان مزيد من الدعم السياسي لميلي، والأسواق لم تبد مقتنعة بأن تأييد ترامب وحده كافٍ لرفع سقف حظوظه الانتخابية.
اقتصاديًا، كانت صفقة مقايضة العملة تهدف إلى منح بيزو بعض مسارٍ للتنفّس بعد سنوات من التراجع. حاول ميلي كبح تدهور العملة عبر استخدام الاحتياطات لدعمها، لكن ذلك استنزف الاحتياطيات في وقت يواجه فيه البلد استحقاقات ديون بقيمة 20 مليار دولار مستحقة العام القادم.
أثار هذا مخاوف من تقصير في السداد قد يدفع الأرجنتين مرة أخرى إلى أزمة مالية. رأى بعض المحلّلين أن خيار ترك العملة تنهار بقوة لتجنب الانهيار الاحتياطي سيكون مصحوبًا بارتفاع حاد في الأسعار—مما يوازي «انتحارًا سياسيًا»، بحسب نظر بعض الاقتصاديين. ومن هنا قد يكون التدخّل الأميركي وسيلة لاحتواء ذلك السيناريو الكارثي.
لكن هل سيشعر الناخب العادي بذلك؟ استطلعت الآراء مؤشرات تعب متنامية من إجراءات التقشّف القاسية التي اتّبعها ميلي؛ فأنصاره يمدحون الإنجازات في خفض التضخّم وتخفيض العجز، بينما عانى كثيرون من تكلفة اجتماعية عالية جراء تخفيضات كبيرة في المعاشات والإنفاق على التعليم والصحة والبنية التحتية والدعم للقطاعات الحيوية.