استضاف رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، زعيمي رواندا وجمهورية الكونغو الديموقراطية لتوقيع اتفاق سلام قد يُنهي الصراع بين البلدين.
ورغم أن العنف لم يتوقف ميدانيًا، وصف ترامب، يوم الخميس، الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بأنه فصل جديد للمنطقة.
«إنه يوم مذهل: يوم عظيم لأفريقيا، ويوم عظيم للعالم ولهذين البلدين»، قال ترامب. «ولديهما الكثير مما يفخران به».
تم التوصل إلى الاتفاق في الأصل في يونيو، بعدما اجتمع رئيس جمهورية الكونغو، فيليكس تشيسيكيدي، ونظيره الرواندي، بول كاغامي، في قطر في مارس، فشرعا في محادثات أدت إلى هذا الاتفاق. ومراسم يوم الخميس أنهت الصياغات النهائية للاتفاق.
أثار الاتفاق آمالًا بإنهاء الصراع في الكونغو، حيث تواصلت تقدمات حركة 23 آذار (M23)، المدعومة من رواندا، في شرق البلاد الغني بالموارد. وقد أثارت إعادة ظهور العنف مخاوف من اندلاع صراع واسع النطاق مشابه للحروب التي شهدتها البلاد في أواخر التسعينيات، والتي امتدت لتشمل عدة دول أفريقية وأسفرت عن مقتل ملايين الأشخاص.
تركز الشكوى الرئيسية لرواندا على اتهامات بأن جمهورية الكونغو تؤوي ميليشيات عرقية من الهوتو المرتبطة بإبادة رواندا عام 1994 التي استهدفت التوتسي. وينص الاتفاق المدعوم من ترامب على أن تنهي رواندا دعمها لحركة 23 آذار، وأن تساعد الكونغو في «تحييد» ميليشيات الهوتو، وبخاصة القوات الديمقراطية لتحرير رواندا (FDLR). كما يلزم الاتفاق البلدين باحترام سلامة أراضي بعضهما البعض.
اعتبر تشيسيكيدي أن بنود الاتفاق تمثل «نقطة تحول» للمنطقة. وقال: «تجمع هذه البنود، تحت هيكلة منسقة، إعلان مبادئ لاتفاق سلام وإطاراً للتكامل الاقتصادي الإقليمي ليمنح شعوب المنطقة منظورًا جديدًا وآفاقًا متجددة». وأضاف أن الاتفاق «سيبدأ عصرًا جديد» من الصداقة والتعاون والازدهار.
من جهته، قال كاغامي إن نجاح الاتفاق يتوقف على التزام البلدين بنفسهما. «سيكون هناك تقلبات على الطريق. لا شك في ذلك»، أوضح كاغامي. «رواندا لن تتوانى، أؤكد لكم ذلك».
من واشنطن، قال مراسل الجزيرة آلان فيشر إن زعيمي البلدين بدا أنهما يعترفان بأن مجرد مراسم توقيع لن تكفي لضمان التزام الأطراف بالاتفاق. وشرح فيشر أن الصراع «متجذرٌ أكثر، ومتطورٌ أكثر، وأكثر عدوانية مما افترض كثيرون». وأضاف: «الضغط الآن على الولايات المتحدة، وعلى القادة الأفارقة، وبالطبع على البلدين المعنيين لضمان أن ما ينبثق من هنا يمكن أن يتحول إلى سلام دائم».
وقعت الكونغو اتفاقًا منفصلاً مع حركة 23 آذار في يوليو، لكن القتال في الأجزاء الشرقية من البلاد استمر. وقالت أماني تشيبالونزا إديث، وهي إحدى سكان غومّا، المدينة التي سيطرت عليها الحركة في وقت سابق هذا العام، لوكالة أسوشيتد برس: «ما زلنا في حالة حرب. لا يمكن أن يكون هناك سلام طالما تبقى خطوط الجبهة نشطة».
في واشنطن، بدا ترامب متفائلًا بآفاق السلام. «سنرى كيف ستسير الأمور، لكن أعتقد أنها ستسير على نحو رائع»، قال الرئيس الأمريكي. وأعلن أيضًا أن الولايات المتحدة ستوقع صفقات ثنائية مع الكونغو ورواندا لشراء المعادن النادرة منهما. «سنشارك بإرسال بعض أكبر وأعظم شركاتنا إلى البلدين»، أضاف ترامب. «وسنستخرج بعض المواد النادرة وندفع، والجميع سيجنون الكثير من المال».
تُستخدم المعادن النادرة في التقنيات الناشئة، وإنتاج الطاقة، والأجهزة الطبية.
لطالما روّج ترامب لحملة لنيل جائزة نوبل للسلام، زاعمًا أنه حل ثمانية صراعات عالمية، وهو رقم محل خلاف.
خلال مراسم التوقيع في معهد السلام الأمريكي، أبدى ترامب إعجابًا بكلٍّ من الكونغو ورواندا، غير أن احتضانه لزعيمي البلدين كان له وقع مختلف عن تصريحاته المهينة تجاه دولة أفريقية أخرى مزقتها الحرب: الصومال. قبل يومين من استضافته مراسم التوقيع، أطلق ترامب تصريحات هجومية ضد الصومال وصفها بـ«الجحيم» وقال إنها «نتنة»، كما وصف الجالية الصومالية في الولايات المتحدة بأنها «قمامة».