استضاف وزير الخارجية التركي نظيره السوري في انقرة؛ فيما وقّع وزراء الدفاع مذكرة تفاهم للتعاون العسكري.
قالت أنقرة إن على إسرائيل وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التوقف عن تهديد أمن واستقرار سوريا، وذلك خلال استضافة وزير الخارجية هاكان فيدان لنظيره السوري أسعد الشيباني في أنقرة. وفي مؤتمر صحفي مشترك يوم الأربعاء، اتهم فيدان إسرائيل والقسد بالإصرار على تقويض جهود إعادة الإعمار في البلاد بعد دمار حرب أهلية استمرت 14 عاماً وما تلا ذلك من إطاحة طويلة ببشار الأسد في ديسمبر الماضي إثر هجوم متمردين خاطف.
أضاف فيدان أن إسرائيل “أجّجت بعض الصعوبات” في سوريا وحذّر من أن أمنها “لا يتحقق عبر تقويض أمن جيرانها”. وقال: “على العكس، يجب أن تتأكدوا من ازدهار وأمن دول جواركم. إذا حاولتم زعزعة استقرار هذه الدول أو اتخذتم خطوات في هذا الاتجاه فقد يؤدي ذلك إلى اشتعال أزمات أخرى في المنطقة.”
من جانبه، قال الشيباني إن “أفعال إسرائيل تقوض أمن مواطنينا”، وأشار إلى أن “بعض الدول ترغب في تفتيت سوريا على أساس أيديولوجي أو عرقي، وبالطبع نحن ضد كل هذه المساعي.”
وفي وقت متزامن، وقّع وزيرا دفاع تركيا وسوريا مذكرة تفاهم حول التدريب العسكري والاستشارات بعد محادثات عقدت في انقرة يوم الأربعاء، وفق ما أوردته وزارة الدفاع التركية. وكانت الدولتان تفاوضان على اتفاقية تعاون عسكري شاملة منذ أشهر عقب سقوط الأسد.
وتواجه الحكومة المؤقتة برئاسة أحمد الشراع تداعيات عنيفة إثر تصاعد العنف الطائفي الذي اندلع في 13 يوليو في محافظة السويداء جنوب البلاد بين بدو ومقاتلين من الطائفة الدرزية، حيث تم نشر قوات حكومية لاحتواء النزاع.
تصاعدت أعمال العنف، وقامت إسرائيل بشن ضربات على قوات سورية وقصفت أيضاً قلب العاصمة دمشق بذريعة حماية الطائفة الدرزية. وكانت إسرائيل تستهدف سوريا بشكل متكرر وتقوم بحملات برية محدودة منذ الإطاحة بالأسد، زاعمة أنها تضرب مواقع أسلحة ووَصمت قادة الحكومة الجديدة بأنهم “متطرفون”.
وفي الوقت نفسه، استمرت اندلاعات العنف بين قوات الحكومة السورية وقسد يوم الثلاثاء في محافظة حلب بشمال غربي البلاد، ما أعاد تساؤلات حول مصداقية اتفاقية إدماج وقّعتها دمشق مع القسد في مارس بهدف إعادة توحيد البلاد المدمّرة والمنقسمة بعد حرب أودت بمئات الآلاف وشردت الملايين.
قالت وزارة الدفاع إن على قسد الالتزام بذلك الاتفاق والتوقف عن استهداف القوات الحكومية، محذرة من أن “استمرار هذه الأعمال سيؤدي إلى عواقب جديدة”، وفق ما نقلته وكالة سانا الرسمية. غير أن الاتفاق الذي جرى في مارس لم يحدد الآلية التي سيُدمَج من خلالها عناصر القسد في القوات المسلحة السورية؛ فقد أصرّت القسد سابقاً على دخول قواتها كوحدة متماسكة، بينما تطالب الحكومة بانضمام مقاتليها كأفراد.
أعلنت الحكومة السورية الأسبوع الماضي أنها لن تشارك في اجتماعات مخطط عقدها في باريس مع القسد في ظل تصاعد التوتر، لكن تقارير أشارت إلى لقاء بين وزير الخارجية ومسؤول كبير من الإدارة الكردية في دمشق يوم الثلاثاء، حسب مصادر من الطرفين لوكالة الأنباء الفرنسية.
كانت قسد القوة الأساسية المتحالفة مع الولايات المتحدة في سوريا خلال العمليات التي هزمت تنظيم داعش عام 2019. واتهمت المجموعة يوم السبت فصائل مدعومة من الحكومة بمهاجمة مناطق في شمال شرق سوريا أكثر من 22 مرة، قائلة إنها التزمت بضبط النفس أثناء هذه “الاعتداءات”، لكنها حذرت من أن استمرار الهجمات “يهدد الثقة المتبادلة ويقوّض التواقفات” بين الأطراف.
اتهم فيدان القسد بمحاولة تحويل حالة عدم الاستقرار في سوريا إلى “فرصة لنفسها”. وترى أنقرة القسد بعين الريبة لقيادتها من وحدات حماية الشعب (ي ب ك) المرتبطة بحزب العمال الكردستاني (حزب PKK) الذي شرع مؤخراً بعملية نزع سلاح كجزء من عملية سلام مع تركيا بعد أكثر من أربعين عاماً من القتال الذي أودى بحياة أكثر من 40 ألف شخص. وأوضحت القسد أنها ليست طرفاً في الاتفاق بين أنقرة والـPKK.
قال فيدان: “نبدأ في هذه المرحلة بمشاهدة تطورات أصبح من الصعب علينا تحملها. على القيادات العليا في الـYPG التوقف عن كل مكابرة لأن الفوضى التي ينتظرونها [في سوريا] لن تحدث، وحتى لو حدثت فلن تكون في مصلحتهم.” وأضاف: “لا تجعلونا نبدو أغبياء. لدينا نوايا حسنة، لكن ذلك لا يعني أننا سنغض الطرف عن أساليبكم الماكرة أو الخبيثة.”