تستمر الأسعار في الارتفاع مع استعداد الأمريكيين لعيد الشكر — أخبار الأعمال والاقتصاد

تقليد عيد الشكر في كثير من الأسر الأميركية يقضي بالتوجّه إلى متاجر التجزئة مثل وولمارت لاقتناء التوت البري والبطاطا الحلوة و«قطعة الاحتفال» — ديك رومي من ماركة باتربول الشهيرة.

هذا العام تحول «طقم وجبة عيد الشكر» السنوي الذي تعرضه وولمارت إلى بؤرة جدل حول موضوع التضخّم واستقرار الاقتصاد في ظل رئاسة دونالد ترامب. الإدارة الحالية تعتبر سعر الطقم دليلاً على أنّ سياساتها الاقتصادية تكبّح التضخّم، لكن الخبراء يحذّرون من أن القصة أكثر تعقيداً مما تبوح به عبوات الحشو والقرع المعلّب.

وولمارت تروّج هذا العام لسعر أقل: 4 دولارات للشخص عند تغطية عشرة أشخاص، مقارنةً بـ7 دولارات للشخص لثمانية أفراد في 2024 — حسبة تبنّاها البيت الأبيض كحجة. لكن العرض المصاحب من المتجر في بنتونفل بأركنساس يحمل ملاحظات مهمة: الطقم يضمّ بنوداً أقل (20 بنداً مقابل 29 في العام الماضي) ويعوّل أكثر على منتجات عامة غير مسجلة تجارياً، وهو تحوّل يخفض الكلفة عادةً.

سلاسل كبرى مثل وولمارت وأمازون وكروغر التي تعرض أطقم عيد الشكر تحدّد مكوّنات حزمها ولديها القدرة على امتصاص بعض التكاليف إذا رغبت. ومع ذلك، تشير بيانات رسمية إلى ارتفاع الأسعار على نحو عام. توقعات وزارة الزراعة الأمريكية تُنبئ بأن أسعار الديك الرومي قد ترتفع نحو 40 في المئة عن مثيلتها قبل عام، وذلك بالأساس نتيجة نقص المعروض الناجم عن إنفلونزا الطيور.

المعطيات حول سعر الديك الرومي اختلفت بحسب المصدر: الاتحاد الأميركي للمزارعين قدّر انخفاضاً تقريبيّاً بنسبة 16 في المئة، بينما وجدت أبحاث جامعة بيرديو زيادة تقارب 25 في المئة مقارنةً بالعام الماضي. كذلك شهدت أساسيات أخرى زيادات تفوق معدل التضخّم السنوي البالغ 3 في المئة؛ فالبطاطس ارتفعت بنحو 3.7 في المئة، والخبزات الصغيرة 3.9 في المئة، والتفاح 5.3 في المئة، وفق بيانات حكومية.

تحليل جديد أجراه تحالف Groundwork Collaborative ومؤسسة The Century Foundation واتحاد AFT وجد أن صلصة التوت البري قفزت بنحو 22 في المئة عن مثيلتها قبل عام. بيانات مؤشر أسعار المستهلك تظهر تراجعاً في أسعار النبيذ بسبب الإنتاج المحلي، لكن زجاجات مستوردة من أوروبا تواجه زيادة تقارب 15 في المئة.

يقرأ  غريمزبي من الدرجة الرابعة يقصي مانشستر يونايتد من كأس الرابطة الإنجليزية

في ظل غموض متعلق بالرسوم الجمركية، وتصاعد تكاليف الجملة، ونقص بيانات اقتصادية حاسمة، والمخاوف بشأن مستقبل برامج الضمان الاجتماعي، صار الأميركيون أكثر تحفظاً في إنفاقهم. ثقة المستهلك مستمرة في التراجع ووصلت في القراءة الأخيرة التي نُشرت يوم الثلاثاء إلى أدنى مستوى لها منذ أبريل.

لماذا ارتفعت الأسعار؟

فيما يخصّ دواجن اللحم، الارتفاع له علاقة ضئيلة بالسياسة الاقتصادية، وأكثر ارتباطاً بسلالة مستمرة من إنفلونزا الطيور تحدّ من المعروض: حتى الآن في 2025 تضرّر أكثر من 2.2 مليون طائر وسُجّلت أكثر من 600 ألف إصابة مؤكدة في سبتمبر وحده. وإذ يُسجّل إيجابية حتى في طائر واحد، يُطلب من المزارع ذبح القطيع بأكمله لاحتواء الانتشار، ما يقلّص المعروض بشدة.

المتخصّصة كريستال هيث، المديرة التنفيذية لمنظمة Our Honor المعنية بالدفاع البيطري، تقول إن جائحة H5N1 العالمية الحالية هي الأكبر والأوسع انتشاراً في تاريخ إنفلونزا الطيور، إذ أصابت دولاً وأنواع برّيّة وقارات أكثر من أي حدث سابق. وأضافت أنها بدأت تنتشر داخل منشآت الدواجن التجارية في الولايات المتحدة منذ فبراير 2022.

أما بالنسبة للسلع الأساسية الأخرى، فالسياسات الاقتصادية تلعب دوراً أكبر في دفع الأسعار إلى الارتفاع. منتجات زراعية مثل الطماطم والبطاطس ارتفعت أسعارها تحت تأثير تكاليف الاستيراد وارتفاع أسعار مدخلات الزراعة — والعديد من هذه المدخلات مستوردة أيضاً، مثل الأسمدة والمعدّات الزراعية.

باباك هافيزِي، المدير التنفيذي لشركة Hafezi Capital للاستشارات الدولية، أوضح أن الرسوم الجمركية على المواد المستوردة، بما في ذلك الأجزاء والأسمدة والكيماويات، ترفع كلفة المدخلات على المزارعين، وهذه التكاليف تُرحّل نزولاً إلى الأسعار النهائية لكل وحدة فتعزّز التضخّم. كما أدّت نقص اليد العاملة إلى زيادة تكاليف عدة محاصيل مثل التفاح والبطاطس والطماطم: عندما تبقى الفاكهة على الأشجار بلا جَنى بسبب قلة العمال، لا تصل إلى السوق ويُغطّي العجز بالاستيراد. يروي هافزي زيارته إلى مزرعة ليمون في كاليفورنيا حيث رأى ثماراً تتساقط وتعفّن لعدم كفاية العمّال لحصادها.

يقرأ  ينسب إلى نفسه الفضل في عمليات قادتها قوات الدفاع الإسرائيلية

الرسوم الجمركية رفعت كذلك أسعار المعلبات؛ شركة كامبلز، إحدى أكبر منتجي الأغذية الجاهزة في البلاد، أعلنت في وقت سابق أنها ستضطر لرفع الأسعار لأن الرسوم رفعت تكلفة الفولاذ المستخدم في العلب.

ماثيو هيغينز، أستاذ الإدارة في جامعة تولين، يقول إن تأثير الرسوم ومشكلات الهجرة التي تؤثر على العمال في القطاع الزراعي ومصانع تجهيز اللحوم لا يزال محسوساً. هناك صدمات خارجية متعددة تضرب النظام؛ لذا لا يقتصر الأمر على «ارتفاع هائل في التضخّم خلال جائحة كوفيد والأسعار لم تعد تنخفض» فقط.

الأفق القريب

أسبوعَ الماضي خفّض ترامب بعض الرسوم الجمركية على أطعمة وسلع استهلاكية، والتغيير يؤثر فورياً على الواردات والبضائع بالجملة، لكن الخبراء يحذّرون من أنه لا يعني بالضرورة أن المستهلكين سيشهدون انخفاضاً في الأسعار هذا العيد أو حتى لاحقاً. هافزي يقول إن احتمال هبوط حاد في الأسعار ضئيل ما لم يقع اضطراب كبير مثل ركود يقلّص الطلب الاستهلاكي.

ثمة سابقة تاريخية: في الأيام الأولى لجائحة كوفيد ارتفعت الأسعار لأنّ المنتجين رفعواها استجابةً لضغوط السلاسل اللوجستية، وتبِعَت التجزئة هذه الزيادات. في ظل هذه الخلفية المتشابكة من نقص العرض، الرسوم، وتكاليف المدخلات، يبقى المشهد المعاش للمستهلكين معقّداً أكثر مما تُبْدِيها أرقام حزم وجبات العيد. لكن حتى بعد تقلّص هذه الضغوط، اظهر المستهلكون استعدادهم لتحمّل أسعار أعلى، ما ترك متاجر البقالة بلا حافز حقيقي لخفضها.

برز ذلك في تقرير صدر عن لجنة التجارة الفيدرالية عام 2024، الذي وثّق ارتفاع أسعار المواد الغذائية في محلات البقالة. «يبدو أن بعض الشركات استغلت ارتفاع التكاليف كذريعة لرفع الأسعار بغرض زيادة أرباحها، والأرباح لا تزال مرتفعة حتى بعد تلاشي ضغوط سلاسل الإمداد»، وفق ما جاء في التقرير.

ضغوط الإنفاق

بغض النظر عن مسبباتها، تتصاعد الضغوط على المستهلكين مع اقتراب موسم العطلات، لا سيما في أعقاب إغلاق الحكومة الأمريكية الذي انتهى مؤخرًا. وقالت منظمة City Harvest، التي تعمل في نيويورك بالتعاون مع مطابخ الحساء ومراكز توزيع الغذاء، لقناة الجزيرة إنها لاحظت ارتفاعًا في الطلب خلال الأسابيع التي تلت الإغلاق.

يقرأ  إنتروبيا التعلممصادرها واستراتيجيات مكافحتها

قالت جينا هاريس، مديرة علاقات المتبرعين المساعدة في City Harvest: «كثير من العاملين الفدراليين الذين حضروا عمليات التوزيع المؤقتة كانوا يطلبون المساعدة الغذائية للمرة الأولى، لذلك كانت هناك فئة جديدة من الناس تبحث عن دعم». وأضافت المنظمة أن مطابخ الحساء ومخازن الطعام في المدينة تشهد الآن أعداد زوار هي الأعلى في سجلها.

«نجد أن نحو 67٪ من سكان نيويورك الذين يزورون مخازن الطعام لديهم وظيفة، وأحيانًا أكثر من وظيفة واحدة، ما يبيّن أن ارتفاع تكلفة الغذاء مشكلة حقيقية»، قالت هاريس.

ولا يعد هذا الاتجاه جديدًا؛ فقد ارتفعت زيارات مخازن الطعام بنسبة 85٪ منذ عام 2019، بحسب FeedNYC، لكن تحديات جديدة تزيد من حدة الضغط. تتعامل العائلات مع تغييرات مرتقبة في برنامج SNAP وعدم اليقين بشأن تكاليف الرعاية الصحية في 2026. وفي أماكن عدة، بدأت الولايات بتنبيه المستفيدين إلى متطلبات جديدة ومنحتهم ثلاثة أشهر للامتثال، وإلا فقد يفقدون المزايا تمامًا.

وبالمثل، مع بقاء دعم أقساط قانون الرعاية الميسّرة (ACA) محل جدل، تشير تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس إلى ان نحو 2.2 مليون أمريكي قد يفقدون تغطية أقساطهم إذا لم تُمدد هذه المساعدات، ما يضع العائلات منخفضة ومتوسطة الدخل في مواجهة صعوبة الحفاظ على التأمين.

«هناك قدر كبير من عدم اليقين، وكلما نزلت على السلم الاجتماعي والاقتصادي، زاد هذا الشعور بعدم اليقين. وفي ظل هذه الظروف من المتوقع أن يتوخى الناس الحذر في إنفاقهم خلال العطلات»، قال هيغينز.

وأضاف هافزي: «ما نراه هو انقسام حاد في الاقتصاد الأمريكي؛ فالأثرياء جدا، الذين يملكون أصولًا محمية من التضخم وموجّهة نحو المستقبل، يستفيدون بشدّة، أما الطبقات الوسطى والدنيا فتكافح. الشركات التي تخدم الطبقات الثرية والوسطى العليا مرجّح أن تزدهر، في حين سيضطر من يخدم بقية السوق إلى التركيز على منتجات ذات قيمة».

أضف تعليق